مي مراد ترسم الموسيقى

تختبر الفنانة الفلسطينية مي مراد الترابط الخفي بين الموسيقى والألوان، في معرضها الشخصي الثالث «أطياف موسيقية» الذي افتتحه، أول من أمس، نائب القنصل الفلسطيني، يوسف النجار، في النادي الثقافي العربي في الشارقة. وتضمن المعرض، الذي يستمر حتى 14 من مايو الجاري، 16 لوحة بألوان الأكريليك، تظهر الموسيقى اللونية لـ16 معزوفة لنخبة من كبار الموسيقيين في العالم.

ومثلما تتدفق الموسيقى عبر حفيف الشجر وحركة البشر والكائنات والطبيعة بصفة عامة، تتدفق اللوحة لدى الفنانة المولودة في مدينة غزة عام 1984، إذ إنها رصدت خصوص اللون والموسيقى في تجربتها الفنية الجديدة. وتأتي لوحاتها مشحونة بعاطفة موسيقية تتجلى عبر التنويع اللوني الذي يتناغم مع الإيقاعات الصوتية.

وسائط متعددة

الفنانة مي مراد أوضحت أنها تستخدم تقنيات ووسائط متعددة في مسيرتها الفنية، والتي تخدم كل فكرة بمفردها، منها تقنيات الرسم والفيديو الفني والتصوير الرقمي والفن الإنشائي والأداء. وأضافت أن «الوسائط المتعددة تلائم تعددية زوايا النظر للفكرة لديَّ، لكنني حالياً أعمل بتقنية الرسم بشكل أكبر». وأشارت إلى أنها تعمل على مشروعين فنيين، بدأت بالبحث فيهما منذ أكثر من عام، الأول بعنوان: «كوكب آخر»، وهو فيديو فني قصير يتناول مفهوم هجرة كوكب الأرض، والحلم بالذهاب إلى كوكب آخر تختلف به المعايير الإنسانية. أما المشروع الثاني، ويتناول مفهوم العلاقات الافتراضية اليومية، فبعنوان «الفيسبوكية» تعد لإنجازه بتقنيات مركبة من الرسم والإنشاء والتصوير معاً.

وحضر افتتاح المعرض حشد من الجمهور والشخصيات، من بينهم الملحق الثقافي في القنصلية الفلسطينية، خالد هباش، ورئيس مجلس إدارة النادي الثقافي العربي، الدكتور عمر عبدالعزيز، ورجل الأعمال أسامة إبراهيم، ورئيس مركز جمعة الماجد للتراث، محمد رشيد الداعور، ورئيس اللجنة الفنية، عضو مجلس إدارة النادي، الفنان أحمد حيلوز الذي أشرف على تنظيم المعرض.

وقالت مي مراد، لـ«الإمارات اليوم»، حول فكرة المعرض «أرسم كل مقطوعة على حدة، بإحساسها الخاص تبعاً لتأثري بنمط توزيع المقطوعة ومفرداتها اللحنية، ودرجاتها الصوتية، إذ أقوم بترجمة تفاعلي مع هذه الانفعالات من خلال حركة الفرشاة، عبر الخطوط والالوان والمساحات»، موضحة أنها تنقل انفعالاتها المترافقة مع الموسيقى، لترتحل من حاسة السمع إلى حاسة البصر.

واستندت الفنانة التي أقامت معرضين فرديين، الأول «وجوه» عام 2007، والثاني «جواز سفر» عام 2013، في تجربتها الجديدة إلى شغفها الخاص بالموسيقى، وبحثها في العلاقة بين الحاستين السمعية والبصرية. ويتناول معرضها مفهوم العلاقة بين الموسيقى واللون. وأضافت «أعمل في التجربة الجديدة على الرصد اللوني للأثر الذي تتركه في أنفسنا معزوفات لفنانين عالميين مثل فيفالدي وباخ وموزارت ومارسيل خليفة وعمر خيرت، وغيرهم».

وفي تناولها علاقة التآخي بين التشكيل والموسيقى، أشارت مي مراد إلى جانب نقدي، وقالت «في ظل ما تتعرض له الموسيقى اليوم من اضطهاد وفقر في التقديم، والتناول على صعيد الفكرة واللحن والمضمون والكلمات وسوء التوزيع، أصبحت الموسيقى تتناول أنماطا وإيقاعا سريعا لأغنية تشبه نمط الوجبات السريعة». لذلك ضمنت في لوحات معرضها «أطياف موسيقية» مدونات موسيقية رفيعة المستوى، لكبار الموسيقيين. ورأت أن «معظم الموسيقى اليوم تنازلت عن القيم الفنية وتجردت من الألحان، لتغدو إيقاعات تحرك الأقدام، ولا تؤثر في النفس». وحول انشغالاتها، قالت الفنانة «دائماً أبحث عن الأفكار ذات الحساسية الاجتماعية أو الإنسانية أو السياسية العالية وذات الصلة المباشرة مع الظرف، مع الأخذ بعين الاعتبار تقديم عملي كبحث في تلك القضايا واختبار الحلول المقترحة». وأفادت بأن «مرجعية تلك الأعمال الفنية التي أنجزها تتعلق بالظروف الحياتية والإنسانية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي نحياها بوصفنا فنانين فلسطينيين نعيش في قطاع غزة، إذ إننا نخوض اشتباكنا الإبداعي في مكان التجربة الحقيقي الذي تتوالد فيه الإشكاليات، لذلك فإن تجربتي وبحثي نابعان بالأساس من إيماني المطلق بأن هناك حلولاً لخفايا كثيرة». وحول محطات عملها الفني، قالت مي مراد «كانت في مجال إعداد أفلام الكرتون بشكل فني، وكانت شريحة بحثي ترتكز على الأطفال، وسخرت تلك الوسيلة بشكل أساسي لفهم التركيبة النفسية والاجتماعية والثقافية للطفل، وأعتبر تلك التجربة إحدى المحطات المهمة والمؤثرة في حياتي، ولايزال أثرها سارياً في نفسي، خصوصاً على الجانب الإنساني». وأشارت إلى أن ثورات «الربيع العربي» وتداعياتها، تعتبر محطة كبيرة في مسيرتها التشكيلية، لتقدم طرحاً بصرياً يتناول تفاصيل الحياة وأوجاع الناس البسطاء.

الأكثر مشاركة