كتاب للشيخة صبحة الخييلي

«وين الطروش؟» يحتفي بالبــــادية وأهلها

صورة

«وين الطروش؟» هو العنوان الذي اختارته الشيخة صبحة محمد جابر الخييلي لكتابها الأول، الذي يُعد أول كتاب لسيدة تتحدث فيه عن ذكرياتها، وتصور حياة البادية في المنطقة بالفترة من الثلاثينات إلى الستينات. ومن المتوقع أن يصدر الكتاب قبل شهر رمضان المقبل عن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.

وقالت الشيخة صبحة إن الشغف بداخلها للبادية وحياة البادية كان هو الدافع وراء إصدار الكتاب، ورغبتها في تعريف الجيل الحالي والأجيال القادمة بالحياة في المنطقة كيف كانت في الماضي، مضيفة خلال اللقاء الذي نظمه صالون «الملتقى» ضمن فعالياته في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، بحضور الشيوخ محمد وشخبوط ومبارك أنجال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، والشيخة فاخرة بنت سعيد بن شخبوط آل نهيان، والشيخة موزة بنت مبارك آل نهيان، وعدد من الشيخات «هذا الإرث البدوي يجري في دمي، وتقلقني دائماً فكرة ضياع هذا التراث هباء دون أن يتذكره أحد، ومن هنا فكرت في تقديم كتاب يصور الحياة اليومية في بيئة البادية، والعادات والتقاليد التي كانت تحكم هذه الحياة في المناسبات المختلفة، بما يساعد على حفظ تراثنا، وتوضيح تفاصيل حياة الإنسان البدوي الثرية بالقيم والأخلاق مثل الكرم والمعروف والترابط والشجاعة، كما كانت ثرية بمظاهرها وتقاليدها مثل القنص والفروسية والركض وغيرها».

احتفاء

اتفقت الحاضرات في الأمسية التي أقيمت مساء أول من أمس، على أهمية كتاب «وين الطروش؟» لتعريف الأجيال الجديدة بحياة الأجداد، معربات عن أملهن أن يتم تدريس بعض فصوله ضمن مناهج الصفوف الابتدائية، وهو ما اتفقت معه أمين عام جائزة خليفة التربوية، التي كانت بين الحاضرات. كما أعلنت مسؤولة بمؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، عن استعداد الدار توفير نسخة من الكتاب بطريقة «برايل» من خلال مطبعة المكفوفين في المؤسسة. بينما أشارت د.جميلة خانجي المستشارة بمؤسسة التنمية الأسرية إلى توجه المؤسسة لتوزيع الكتاب على الأسر الإماراتية.


«هذا الإرث البدوي يجري في دمي، وتقلقني دائماً فكرة ضياع هذا التراث هباء دون أن يتذكره أحد، ومن هنا فكرت في تقديم كتاب يصور الحياة اليومية في بيئة البادية، والعادات والتقاليد التي كانت تحكم هذه الحياة في المناسبات المختلفة، بما يساعد على حفظ تراثنا، وتوضيح تفاصيل حياة الإنسان البدوي الثرية بالقيم والأخلاق مثل الكرم والمعروف والترابط والشجاعة، كما كانت ثرية بمظاهرها وتقاليدها مثل القنص والفروسية والركض وغيرها».الشيخة صبحة الخييلي

وأشارت الشيخة صبحة إلى أنها وجدت الكثير من التشجيع من المحيطين بها عند بدايتها العمل على إصدار الكتاب، خصوصاً حفيدتها الشيخة إليازية بنت نهيان بن مبارك آل نهيان، موضحة أن الكتاب يتناول الفترة الزمنية من الثلاثينات إلى الستينات، ورغم أنها لم تعاصر بدايات هذه الفترة، إلا ان الحياة في البادية ظلت تسير على الوتيرة نفسها وتتشابه في عاداتها وتقاليدها وأساليب العيش التي تتناقلها الأجيال حتى الستينات. كما أوضحت أن الطروش كلمة بدوية جمع طارش وهو المرسول، وهؤلاء كانوا يذهبون إلى البلدة لإحضار حاجات ومتطلبات أهل البادية من هناك، وكان الجميع ينتظر عودتهم بشغف ليكتشفوا ما أحضروه من بضائع وأغراض، مشيرة إلى أن الكتاب يتضمن شرحاً للمصطلحات البدوية بكلمات بسيطة يمكن للجميع فهمها.

وكشفت صاحبة «وين الطروش؟» أن خطوتها المقبلة ستكون إصدار كتاب عن المرأة البدوية، وديوان للقصائد، موضحة أن المرأة البدوية ودورها في الحياة والمجتمع، تشغل حيزاً كبيراً من محتوى الكتاب، وهي تستحق ذلك فقد تحملت الكثير من المعاناة في تلك البيئة الشاقة من أجل استمرار الحياة والحفاظ على البيت والأسرة والمجتمع. وقالت: «كنت شاهدة على حياة المرأة البدوية ومشاركتها في كل مجالات الحياة في ذاك الوقت، ومعاناتها في الحل والترحال، ولذلك أردت أن أسجل شهادتي التي تعكس مدى قوة إرادة البدوية وحرصها على الحياة وعلى البيت».

من جانبها، قالت الشاعرة والباحثة شيخة الجابري التي قامت بتحرير الكتاب، إن «وين الطروش؟» يعتبر الأول في مجاله لسيدة تتحدث عن ذكرياتها، موضحة أنها رغم مقابلتها للعديد من النساء الراويات خلال عملها كباحثة تراثية، إلا أن اياً منهن لم تفرد كتاباً خاصاً لمذكراتها. لافتة إلى أن الكتاب يزخر بمظاهر الحياة البدوية، ويتميز بغزارة المعنى. وأضافت: «قمت بمهمة تحرير الكتاب وترتيب فصوله المختلفة، وفي البداية فكرت في تغيير العنوان لصعوبته، ولكن مع الوقت شعرت بالتآلف معه، ووجدت أنه يجمع بين التشويق في البحث والمتعة عند اكتشاف المعنى. وخلال العمل سهلت عليّ الشيخة صبحة الكثير، فهي سيدة متحدثة، لغتها متميزة، وهي كنز من المعلومات، إلى جانب حرصها على تجهيز كل ما يتطلبه الكتاب، خصوصاً الصور فإلى جانب الصور التي تم الاستعانة بأرشيف هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة للحصول عليها، كانت هي تعرض علي نقل مشاهد حية من حياة البادية بالكاميرا لتوضيح مضمون الكتاب، كما يتضمن الكتاب أشعاراً كتبتها الشيخة صبحة».

وشددت الجابري على أهمية الكتاب كونه يصور الحياة البدوية للجيل الذي لم يعاصر فترة الستينات وما قبلها، والأجيال المقبلة، ويوضح أن البدوي لم يكن بدوياً بالمعنى السائد لدى البعض، ولكن كانت حياته ثرية، لافتة إلى الدور الكبير الذي كانت تلعبه المرأة منذ زمن طويل باعتبارها شريكة في المجتمع، وما تتميز به البدوية من أنفة وشجاعة وإيمان ببيت الشعر الذي كانت تنسجه بنفسها وترعاه وتوفر متطلبات الأسرة مكتفية ذاتياً بمصادر الطبيعة المحيطة بها.

وعن إمكانية تحويل الكتاب إلى عمل درامي، أعربت الجابري عن اعتقادها بأن الكتاب يمكن ان ينتج عنه اكثر من مسلسل من أجمل ما يمكن تقديمه في مجال الدراما البدوية، اذا ما كتب له السيناريو كاتب مثل جمال سالم، بشرط أن يكون فريق التمثيل من أبناء الإمارات ممن يجيدون اللهجة البدوية.

ووصفت الإعلامية فاطمة النزوري التي تولت محاورة الشيخة صبحة وإعداد الكتاب، «وين الطروش؟» بـ«كنز الذكريات، ودليل على أن الإماراتي انسان قادر على التحدي»، مشيرة إلى انها خلال جلسات العمل التي استمرت على مدى ما يقرب من عام كامل، اكتشفت أن هناك كثيراً من المفردات والمعاني التراثية السائدة التي تحتاج إلى توضيح أو حتى تصحيح، وهو ما يقوم به الكتاب بأسلوب بسيط وسلس.

تويتر