«اتجاهات الأحداث».. مهمومة بـ «إلى أين»
بطموح الإجابة عن سؤال: المستقبل إلى أين؟ تبدو مهمومة دورية «اتجاهات الأحداث»، التي رأى عددها الأول النور مطلع الشهر الجاري، لتتجاوز المجلة، التي يصـدرها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات في أبوظبي، محطة إثارة الأسئلة وتخوم علامات الاستفهام، إلى فضاءات الإجابات، وجسارة التوقع المبني، إلى حد كبير، على فهم أكاديمي، ورصد متأمل لمسيرة الواقع، بحثاً عن ملامح المصير.
بين مساحات مختلفة من خريطة ساخنة، عربية وعالمية، تتنقل «اتجاهات الأحداث»، ليبرز باحثوها الأكاديميون وكتّابها المتخصصون، قضايا شائكة بالجملة، بداية من مصر، مروراً باليمن وإيران وتركيا، وصولاً إلى سورية والعراق وجراح التقسيمات المحتملة في المنطقة.
نمط «الأعدقاء» صدر مع دورية «اتجاهات الأحداث» ملحقان، عن «تقرير المستقبل»، و«مفاهيم المستقبل»، ومن بين موضوعات الملحق الثاني، تبرز ورقة مديرة تحرير المجلة، الدكتورة أمل صقر، التي تتناول ظاهرة «الأعدقاء»: «فمع تعقد ظواهر العلاقات الدولية وتفاعلاتها لم يعد من السهل على صانعي القرار من الناحية العلمية، تطبيق هذا التصنيف على الدول جميعها التي توجد علاقات محددة معها، إلى دولة عدوة أو صديقة، فقد أصبح معظم الدول يجمع بين صفات العدو والصديق في الوقت ذاته، ومن هنا ظهر مفهوم دول (أعدقاء)». وتتطرق الباحثة إلى الخصائص المميزة لذلك التصنيف، وسياسات التعامل، والتحدي الذي يواجهه هذا النوع الجديد من الكيانات التي تتلاقى، ولا تتلاقى في الآن ذاته، تحت نمط «الأعدقاء». |
تستهل دورية «اتجاهات الأحداث» إطلالتها الأولى بافتتاحية مختلفة ربما، إذ تضيء للقارئ منطقتين مترابطتين، الأولى تتعلق بالمركز الذي تصدر عنه المجلة (المستقبل)، ورؤاه بين «6826 عيناً أكاديمية على العالم»، بينما الثانية تلخص طموح المجلة، وبوصلة معالجاتها، ونوافذها المشرعة على «اكتشاف الاتجاه الذي تسلكه الأحداث، في المدى القصير»، في تحد مشروع وصعب، في منطقة فاجأت كثيرين بتحوّلات مركبة، رغم ظاهرها الذي بدا ساكناً، عصياً على التغيير، لمدد طويلة.
وفي الافتتاحية أيضاً، يركز المدير الأكاديمي، الدكتور محمد عبدالسلام، على «عيون التفكير» العالمية، ومراكز الدراسات، ودورها، و«تقديرات المواقف»، لاسيما المراكز العربية التي انهارت، نتيجة ارتباطها بأنظمة سياسية، عصفت بها الأحداث و«الثورات». ويركز عبدالسلام على مهام مركز المستقبل ودوريته الجديدة في ظل «شارع ضاغط، وعقائد حادة، وحسابات مركبة، وجوار مقلق، ووقت محدود، وربما مؤمرات متتالية».
ومن الافتتاحية إلى «دراسة المستقبل» التي تفاجئ القارئ المتوقف عند حدود حروب الجبل الرابع، بأنه ثمة جيل جديد، أكثر حداثة وضراوة، ينشد نشر «دوامة العنف» عبر حروب الجيل الخامس، التي «تستهدف المجتمع، وتقوم على استغلال التناقضات الموجودة في بنيته، وأوجه الضعف القائمة فيه، لإثارة سخط الشعب، ومن ثم تهديد كيان الدولة من داخلها بما ينذر بإمكانية تفجرها أو إضعافها في أقل الأحوال»، حسب رئيس التحرير التنفيذي لـ«اتجاهات الأحداث»، شادي عبدالوهاب.
كما يضم العدد الأول دراسات رصينة، حول الرؤى المستندة إلى مؤشرات محددة، تتعامل مع الأسئلة المطروحة في النقاش العام في المنطقة العربية، بشأن استقرار مصر، أو مستقبل اليمن، أو توجهات إيران، أو سياسات تركيا.
ويشمل العدد مجموعة من التحليلات العلمية التي تحاول الاقتراب من «الظواهر تحت التشكيل»، منها: قوة الفضاء الإلكتروني، وكوكب المدن، وما بعد القاعدة وتحركات شرق آسيا، وسيناريوهات المشرق العربي.
ويحتوي العدد على ملحق يتعلق بالمفاهيم والمقولات النظرية الحديثة حول إدارة الدولة لعلاقاتها الخارجية في عالم شديد التعقيد، وآخر يناقش أهم الاتجاهات الاستراتيجية المؤثرة على «شكل الإقليم» عام 2014، واحتمالات امتدادها حتى عام 2020.