"قصر فلكنوما".. مرآة سماء حيدر آباد
ليس فلكنوما مجرد قصر كغيره من القصور، بل هو تحفة فنية حقيقية، تطل على أحد أشهر المراكز القديمة لتجارة اللؤلؤ والألماس، وقد بُني ليكون لائقاً بأغنى رجال العالم في أواخر القرن التاسع عشر. يضم الفندق حديقة الرائعة، ومسبح خارجي مصمم ليبدو كبركة طبيعية، ومكتبة قصر هائلة، وطاولة طعام تتسع لـ100 شخص، وغرفة بلياردو فيها عصي من العاج، وشرفات مطلّة على مدينة حيدر آباد.
يقع الفندق القصر، في القسم الجنوبي القديم من حيدر آباد هذه المقاطعة الغنية، مدينة الصروح الشامخة، والعراقة الإسلامية في الهند، والتي تم إنشاؤها عام 1589 بأمر من السلطان محمد قلي قطب شاه.
تم الانتهاء من بناء القصر عام 1894 بأمر من أحد نبلاء العائلات الأرستقراطية في التي كانت تقيم في حيدر آباد قبل استقلال الهند، على تلّ بارتفاع 610 متر فوق سطح البحر، استغرق بناؤه 10 سنوات، ويقال إن عملية تزيين القصر لوحدها، استغرقت 22 سنة، وتبلغ مساحته الإجمالية 19400 متر مربع. وعند الانتهاء من بنائه، زار نظام حيدر آباد هذا القصر (اتخذ حكّام حيدر آباد حينها لقب "النظام")، ولشدة إعجابه وانبهاره بجمال البناء، عرض عليه مالك القصر، تقديمه كهدية (وقد كان ذلك تقليداً متعارفاً عليه حينها)، إلا أنّ النظام رفض هذا الطلب، بل عوضاً عن ذلك، دفع له مبلغاً ضخماً لتعويضه عن مصاريف البناء، ومنذ ذلك الحين، اكتسب القصر شهرة عالمية كبيرة، وأصبح مقصد الضيوف من الملوك، وأصحاب الشأن الرفيع.
أقام حاكم حيدر آباد "النظام السادس" في القصر في الفترة ما بين 1895 و1911، وقد تم استخدامه بعد ذلك لاستضافة الضيوف، والزوار من السفراء والملوك، وكان آخر من زار القصر من كبار الشخصيات، أول رئيس للهند في عام 1950، قامت العائلة المالكة بعدها بإغلاقه، إلى عام 1995، حين عمدوا إلى تأجير القصر بكامل ألقه وفخامته إلى مجموعة فنادق ومنتجعات تاج، والتي قامت بدورها بإجراء عمليات ترميم وصيانة واسعة على الفندق، مما أتاح المجال لشريحة واسعة من الناس، لزيارة هذا القصر، والتمتع بالترف والرفاهية الخالصة، والتعرف على تاريخه، وثقافة وتاريخ حيدر آباد الغني.
ما يضيف على روعة وعظمة هذا القصر، هو مكتبته الكبيرة التي صممت لتكون نسخة مشابهة لمكتبة قصر وندسور الشهير في إنجلترا، وهي تضم نسخاً نادرة من القرآن الكريم، بالإضافة إلى المخطوطات، والموسوعات، والكتب النادرة، التي يفوق عددها 5900 كتاب، وقطع الأثاث الفاخرة، التي حرص حاكم حيدر آباد على اقتنائها والحفاظ عليها من مختلف أنحاء العالم. تزين هذه المكتبة، ثريات تم جلبها خصيصاً من مدينة البندقية، وسلّم كبير مصنوع من الرخام، وتماثيل رخامية نفيسة، ونوافذ من الزجاج الملون، ولوحات زيتية بإطارات منمّقة.
يوجد في الفندق 60 غرفة وجناح تم تحديثها وتجهيزها خصيصاً لضمان أقصى درجات الفخامة والراحة والرفاهية الملكية للنزلاء. يتميز ديكور غرف الفندق بشدة ترف وأناقة أثاثه المصنوع من الحرير الناعم، وأجود أنواع القطن المصري، هذا بالإضافة إلى الإطلالة المذهلة لغرف الفندق على حدائق القصر الغنّاء، وعلى مدينة حيدر آباد، ويبعد القصر مسافة قليلة عن معالم المدينة المهمة الأخرى، كمسجد شارمينار، وقصر شاومالّاه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news