«روند آب».. مهرجان الاحتــفاء بالهنود الحمر و«الثور الجامح»
تحتضن حديقة كاستر ستيت بارك، بولاية ساوث داكوتا الأميركية قرعة لرعاة الأبقار الذين يُسمح لهم برعي ثيران البيسون الأميركية خلال مهرجان بافالو روند آب، كما يتمكن السياح في هذه المنطقة من التعرف على عادات وتقاليد قبائل الهنود الحمر من خلال زيارة متحف الهنود الحمر في أميركا الشمالية بالقرب من النصب التذكاري لتكريم الـزعيم الثـور الجامح.
دائماً ما ينصح كيفن شولتز بأنه يتعين على رعاة الأبقار الاستعداد جيداً للمشاركة في هذا المهرجان، فعندما ينطلق الثور بوزنه البالغ 900 كيلوغرام صوب الحصان الذي يمتطيه رعاة الأبقار فإنه يشكل خطورة، حتى في حالة الأبقار، التي تصطحب صغارها معها، يجب أن يكون رعاة الأبقار في يقظة تامة.
زعيم لاكوتا كان الثور الجامح «كريزي هورس» زعيم حرب من زعماء الهنود الحمر ينتمي إلى فرع من قبائل لاكوتا، وحارب قوات الحكومة الاتحادية الأميركية سعياً للتوسع على حساب أراضي ووجود قبائل لاكوتا، وكان من أكبر الانتصارات التي شارك فيها ضد الجيش الأميركي ما تحقق في معركة لتل بيج هورن في يونيو 1876. نصب تذكاري
يتم إنشاء النصب التذكاري للثور الجامح «كريزي هورس» منذ 1948، ومن المتوقع أن يصل ارتفاعه إلى 195 متراً، أي ضعف ارتفاع تمثال الحرية. ويحتاج الانتهاء من هذا التمثال إلى عقود أخرى، ولكن عندما يتم الانتهاء منه سيتمكن الثور الجامح من متابعة آلاف ثيران البيسون وهي ترعى، كما كان يفعل ذلك في شبابه. |
ويتفق ماك ريتشي مع ما طرحه كيفن شولتز، إذ إنه يعمل في رعي ثيران البيسون منذ عام 2005، ولديه دراية وخبرة في كيفية التعامل مع المواقف الحرجة. وأوضح أن الثيران بصفة خاصة دائماً ما تحاول الابتعاد عن القطيع، ولذلك فإننا نحاول إحكام المجموعة قدر الإمكان بالتعاون مع جميع رعاة الأبقار البالغ عددهم 60 راعياً، كي يتم ممارسة ضغط على القطيع من الخلف.
ويعمل كيفن شولتز بشكل أساسي في شركة كبيرة بمجال تكنولوجيا المعلومات، ولديه 160 من ثيران البيسون، ويتمتع بخبرة في كيفية التعامل معهم.
وبعد أربع ساعات تم تقسيم رعاة الأبقار إلى ثلاث مجموعات واتخذوا مواقعهم خلف التلال، التي ترعى عليها ثيران البيسون في سلام. وتتدفق المجموعات السياحية من جميع أنحاء العالم إلى منطقة روند آب، كي يستمتعوا بمشاهدة عملية الرعي من مسافة آمنة. ولا يكسر حاجز الصمت في هذه البراري الواسعة مترامية الأطراف سوى زقزقة الطيور. وفي النهاية جاءت الإشارة بأن كل المتفرجين قد اتخذوا أماكنهم، ويمكن الانطلاق.
وتوجهت المجموعة الأولى من رعاة الأبقار إلى القطيع الرئيس، الذي بدأ في التحرك فوراً مع سماع هدير رعاة الأبقار. وهنا بدأت الأرض تهتز بسبب الخطوات المتسارعة من نحو 5200 من حوافر الحيوانات، بالإضافة إلى تصاعد الغبار والأتربة في الهواء، وتحولت حالة الصمت والهدوء إلى رعد وضجيج. أما المجموعات الأخرى من رعاة الأبقار فإنهم يقومون بتوجيه مجموعات البيسون الصغيرة نحو القطيع الرئيس بدعم من سيارات البيك آب، التي يصعب السير بها في الأراضي الوعرة التي تتناثر بها الصخور الكبيرة وتفصلها مجموعات الأشجار وتخترقها الجداول والأنهار الصغيرة.
ولكن رعاة الأبقار تمكنوا من إحكام سيطرتهم على الموقف، وبدأت ببطء عملية دفع 1300 من ثيران البيسون للدخول في المنطقة المحاطة بأسوار عبر البوابة المفتوحة. وبعد ذلك تم تقسيمهم إلى مجموعات أصغر، وتطعيم العجول التي تبلغ من العمر ثلاثة أو أربعة أشهر. وبعد ذلك يتم بيع 100 إلى 300 حيوان عن طريق المزاد إلى أصحاب المزارع أو المسالخ.
وقال حاكم ولاية ساوث داكوتا، دينيس دوغارد «نهدف من خلال هذا الإجراء إلى الحفاظ على استقرار التوازن الطبيعي في حديقة كاستر ستيت بارك ومنع حدوث الرعي الجائر». وأضاف بنبرة تزهو بالفخر أن ولايته تضم 35 ألفاً من ثيران البيسون، وبالتالي فإن هذه الولاية تضم أكبر تجمع لهذا الحيوان في البراري الأميركية الشمالية.
ويتخذ حدث بافالو روند آب حالياً طابع المهرجان الشعبي؛ إذ يتم تقديم وجبة غذاء دسمة لجميع المشاركين بعد انتهاء رعي ثيران البيسون، وتشتمل هذه الوجبة بشكل أساسي على الهامبرغر المصنوع بالطبع من لحوم البيسون. ويسمح السكان المحليون من قبيلة لاكوتا لزوجاتهم بالرقص ولأطفالهم بقرع الطبول، كما يُوجد هناك العديد من التجار الذين يقدمون للسياح في خيام صغيرة كل ما يتعلق باحتفال البيسون.
ولا ينقص مهرجان البيسون سوى النجم العالمي كيفين كوستنر. وقد زاد إعجاب الممثل الأميركي بثيران البيسون أثناء تصوير فيلمه الشهير «الرقص مع الذئاب»، لدرجة أنه قام بإنشاء متحف في منطقة ديدوود. ويعرف هذا المتحف باسم «تاتنكا»، التي تعني بيسون بلغة قبيلة لاكوتا. ويوثق هذا المتحف الصغير التاريخ المأساوي لهذه الحيوانات، بدءاً من الفترة التي كان يعيش فيها 30 إلى 60 مليون من ثيران البيسون في براري أميركا الشمالية، إلى أن أصبحت مهددة بالانقراض بسبب الصيد الجائر، لدرجة أنه في نهاية القرن الـ19 لم يكن هناك سوى بعض مئات.
وأوضح جامبنغ بافالو أن أجداده اعتمدوا على ثيران البيسون في معيشتهم، وقد مر حفيد المحارب من الهنود الحمر المعروف بالثور الجالس بنصب تذكاري مخصص لتكريم الزعيم الثور الجامح «كريزي هورس»؛ إذ تقام الرقصات التقليدية، ويتمكن السياح في متحف الهنود الحمر بأميركا الشمالية من على عادات وتقاليد هذه القبائل. واعترف جنرال أميركي ذات مرة أن صيادي الجاموس قد ساهموا في إبادة الهنود الحمر بشكل أكثر قوة من الجنود الأميركيين.