اكتشاف «مفترس الديناصورات» في المغرب
أعلن العلماء، أول من أمس، أنهم اكتشفوا بين صخور صحراء المغرب بقايا حفرية جديدة لكائن متوحش إفريقي اسمه العلمي «سبيانوسوروس إيجيبتياكوس» يبلغ طوله 15 متراً، ويزن سبعة أطنان، وهو كشف قد يميط اللثام عن شكل وسلوك الحيوان الذي كان يفترس الديناصورات.
تحورات
تكشف حفريات سبيانوسوروس عن تحورات لا تخطئها العين عن حياة معظمها في الماء؛ إذ كان شكل الجسم غير عادي، مع الصغر النسبي لحجم عظام الحوض، وقصر الأطراف الخلفية على نحو يشبه أسلاف الحوت الثديي التي ظهرت بعد ذلك بنحو 45 مليون سنة. وقال العلماء إن صغر حجم المنخرين في وسط الجمجمة يتيح لسبيانوسوروس التنفس عندما يكون جزء من الرأس تحت الماء. |
وأشارت الدراسة إلى أنه كان أطول من الديناصور العملاق (تيرانوصور ركس) بواقع 2.5 متر، ويضاهيه في الحجم تقريباً. وكائن سبيانوسوروس الذي كان يعيش منذ 95 مليون عام إبان العصر الكريتاسي (الطباشيري) هو النوع الوحيد المعروف بين الديناصورات الذي تحور ليصبح عاشقاً للماء، والذي يعيش حياة بين البر والبحر.
علاوة على ذلك فقد كان سبيانوسوروس مفترس الديناصورات الوحيد المعروف الذي يمتلك أربعة أرجل، بخلاف ديناصورات لاحمة على غرار «تيرانوصور ركس»، و«جيجانوتوصور» بشكلهما التقليدي ذي الساقين.
ولأنه كان يتميز بالقصر النسبي لأطرافه، ومتانة بنيته الأمامية، ومرونة الذيل والأقدام الخلفية المفلطحة، التي ربما كانت ذات أغشية تستخدم للسباحة، فربما تمكن سبيانوسوروس من الخوض في المجاري المائية ليقتات على ما شاء من الكائنات البحرية.
وتوصل العلماء إلى أن استطالة ودقة الفكين وأسنانه المخروطية الشكل مكنا سبيانوسوروس ليصطاد بسهولة الأسماك اللزجة، كما أن ظهره كانت تعلوه تكوينات عظمية شوكية شبيهة بشراع المركب، ملتصقة بجلده، طول الشوكة الواحدة متران.
وقال عالم الأحياء القديمة بجامعة شيكاغو، نزار إبراهيم، الذي أشرف على الدراسة التي أوردتها دورية ساينس، إن «هذا الحيوان لا يشبه أي مفترس للديناصورات، ولا مثيل له في أيامنا هذه، ويبدو أنه نوع جديد تماماً من الحيوانات».
وبث سبيانوسوروس الرعب في منظومة واسعة من المناطق النهرية في شمال إفريقيا، تمتد من المغرب وحتى مصر. وقال إبراهيم إنه ربما لم يكن سبيانوسوروس رشيق الحركة على البر، لكنه كان يجهز على الديناصورات الأخرى بين الحين والآخر.
بينما قال عالم الأحياء القديمة في جامعة شيكاغو، بول سيرينو، الذي شارك في الدراسة «أسنانه المستدقة الناتئة، ومخالبه الشبيهة بالمنجل، وهيئته المتوحشة، منحت هذا الوحش مظهراً شاذاً».
وسبيانوسوروس معروف لدى الجهات العلمية منذ قرن، بعد أن عثر عالم الأحياء القديمة، الألماني أرنست شترومر، على بقاياه في مصر، إلا أن هذه البقايا تلفت بسبب قصف بريطاني على ميونيخ عام 1944، أما ما تبقى من آثاره فلم تقدم الكثير بالنسبة لتركيبه التشريحي.
إلا أن أسطورة سبيانوسوروس قد بدأت، وظهر بالفعل في الجزء الثالث من فيلم «حديقة الديناصورات» عام 2001، وهو يلتهم الديناصور العملاق تيرانوصور ركس.
وتغير كل شيء عندما عثر أحد الباحثين المحليين عن الحفريات على هيكل عظمي غير كامل في جنوب المغرب عام 2008، قرب بلدة في الصحراء، وبعد تجميع حفريات من مقتنيات متاحف ورسوم لما اكتشفه شترومر ظهر أخيراً شكل سبيانوسوروس في صورته النهائية المكتملة.
إلا أن الأمر لم يكن بهذه السهولة، فقد تبخر ما عثر عليه باحث الحفريات في المغرب، وخرج من البلاد؛ ما حرم العلماء من معلومات جوهرية.
وعثر على هذا الرجل أخيراً عام 2013، وقاد العلماء إلى موقع الحفريات، وعثر على مزيد من الحفريات هناك، كما وجد الهيكل العظمي الجزئي المفقود في قبو في مدينة ميلانو الإيطالية.
ووصف إبراهيم البيئة المحيطة بسبيانوسوروس بأنها «من أخطر الأماكن في تاريخ كوكبنا».
وأضاف أن سبيانوسوروس كان ملكاً متوجاً على المسطحات المائية التي تزخر بأسماك القرش والتماسيح التي يصل طول الواحد منها إلى 11 متراً، فيما كانت الزواحف المجنحة تحوم في المكان، التي تصل المسافة بين طرفي جناحيها إلى سبعة أمتار، وعلى البر كان هناك أيضاً مفترس الديناصورات المعروف باسم «كراكارودونتوصور» يسعى في البيئة بحثاً عن وليمته.