دبي.. بوابة «النجوم» إلى المنطقة
بلا منازع، باتت دبي بوابة نجوم العالم إلى منطقة الشرق الأوسط، وملتقى حقيقياً لثقافات متباينة، وعلى الرغم من هذا التمازج الفريد الذي يصاغ على أرضها، فإن هذه العالمية، لا تغيّب خصوصيتها، وطابعها العربي والشرقي الذي يُعد علامة فارقة في هويتها.
سلاسة أشار جمال الشريف إلى السلاسة التي شهدتها استضافة الإمارة لتصوير مشاهد من المسلسل التلفزيوني العالمي «الجريء والجميلة»، لافتاً إلى أنه «لا إجراءات روتينية تعيق استضافة دبي للمشروعات المتنوعة، خصوصاً في المجالين السينمائي والتلفزيوني»، وأن «فكرة الفريق الواحد لإنجاح الحدث هي ما يسيطر على الجميع حينما يرتبط الأمر بعكس صورة حضارية للإمارة». |
لذا؛ تبقى إطلالات النجوم عبر دبي دوماً لها بريقها الخاص، فاختيار المدينة لاستضافة فعاليات فنية متنوعة، لا يعود فقط إلى حسن التنظيم والبنية التحتية المتطورة، والخلطة السحرية للثقافات المتنوعة التي تستضيفها على أرضها، بل يبقى مرتبطاً بعوامل كثيرة متداخلة، يشير إليها الضيوف أنفسهم بأفكار مختلفة.
نجوم دبي وزوارها ليسوا فقط مشاهير السينما والتلفزيون والطرب، بل أيضاً مشاهير العلوم والرياضة والفنون المتنوعة، وهو ما يعكس حركة نشطة في مختلف المناحي تواكب نهضة المجتمع الشاملة.
اللافت هو أن اللقاءات الإعلامية التي تعقد لنجوم يتصور أنهم يفدون إلى المنطقة، ومن ثم إلى دبي للمرة الأولى، يتبين أحياناً أن لهم زيارات سابقة للمدينة، تمت بعيداً عن أضواء الإعلام، إذ يبقى عنصر الجذب السياحي أيضاً عاملاً رئيساً في تلك الزيارات، التي تأخذ بعداً شخصياً أحياناً، بعيداً عن الفعاليات وأجندات العمل.
أحدث النجوم الذين وفدوا إلى دبي أخيراً، هي المطربة العالمية ليدي غاغا التي أحيت حفلاً حضره الآلاف من جمهورها في مضمار «ميدان»، فيما حرصت في الوقت نفسه إلى الإشارة إلى أنها اختارت دبي لأن تكون بوابتها إلى منطقة الشرق الأوسط التي تزورها للمرة الأولى، واللافت أن عدداً كبيراً من معجبيها غير العرب رفعوا لافتات أثناء استقبالها في مطار دبي الدولي تعبر عن عشقهم للمدينة التي وفرت لهم فرصة اللقاء بمطربتهم المفضلة.
البعض ينظر إلى تصوير الجزء الرابع من سلسلة أفلام «المهمة المستحيلة» الذي يلعب بطولته النجم العالمي توم كروزعلى أنه قمة تطويع الفن السينمائي للترويج للإمارة، في حين أن أسرة العمل نفسها بما فيها شركة الإنتاج تؤكد أنها استفادت كثيراً من الترويج للفيلم في منطقة الشرق الأوسط، بسبب تصويره في دبي، فضلاً عن استثمارها لمواقع تصوير بكر، وغير نمطية بالنسبة للمشاهد الأميركي والأوروبي.
توم كروز نفسه وصف فكرة التصوير في دبي بأنها «عبقرية»، واستثمر تلك الفترة في التعرف إلى ثقافة البلد وطابعها الشرقي، مصطحباً أسرته في رحلات متعددة، وهو النمط نفسه الذي عايشه المئات الذين وفدوا إلى دبي لإنجاز الفيلم.
هذا الامتزاج الهائل في الثقافات، جعل الجميع يشعرون بالتجانس الشديد بين ثقافاتهم، وثقافة الإمارة المستوعبة دوماً للآخر، فالسينما الهندية أصبحت تفضل تصوير الكثير من مشاهدها الخارجية في دبي، وإطلالة نجومها المختلفين في الإمارة أصبحت معتادة ومألوفة.
نجم بوليوود أميتاب باتشان يعبر عن هذه الظاهرة بتأكيده أنه لا يحصي عدد المرات التي زار فيها دبي، سواء في إطار الارتباط بأجندة عملية محددة، أو بشكل شخصي، مضيفاً «المختلف في دبي هي أني أشعر فيها بأنها مدينتي، لذلك فأنا أشعر بالارتياح الشديد فيها، ولا ينتابني مطلقاً إحساس بأنني غريب، أو بعيد عن موطني».
الفكرة ذاتها أكدها مواطنه الشهير شاروخان، الذي تكررت ظاهرة تصويره العديد من الأفلام في دبي، وأحدثها فيلم «سنة جديدة سعيدة»، مؤكداً أنه في كل مرة يكون موجوداً فيها في دبي يكتشف الجديد والمطور في الإمارة التي تفاجئه وتدهشه في وتيرة مواكبتها للعصر.
نجوم الرياضة أيضاً حتى في غير أوقات ارتباطهم بمهام معينة تبقى دبي بمثابة محطة رئيسة لديهم، وهو ما كشفه النجم الأرجنتيني مارادونا من أنه يقابل في دبي العديد من نجوم الكرة في العالم أكثر مما يتسنى له مقابلتهم في بلده.
نجوم «العلوم» إن جاز التعبير هم ضيوف دائمو التردد على الإمارة، إذ يوجد حالياً عالم الفضاء المصري د. فاروق الباز، الذي سيقدم محاضرة علمية في ندوة الثقافة والعلوم مساء الأحد المقبل.
ولم تنقطع زيارات صاحب جائزة نوبل في العلوم، العالم المصري د. أحمد زويل، عن دبي إلا بسبب مرضه وخضوعه لسلسلة جراحات متعددة، إذ كان قد حل زويل ضيفاً على ندوات متعددة في دبي على مدار السنوات الماضية، وأشار فيها إلى أن وجوده في دبي بدأ منذ سبعينات القرن الماضي، حتى قبل أن تكون اسماً يشار له بالبنان عالمياً.
فضاء الفنون التشكيلية ونشاطاته على تنوعها هو جزء أيضاً من عالمية دبي، المستقطبة لنجوم ومشاهير العالم، بل إن تعدد المعارض الفنية وكثرة المزادات المهمة التي تستضيفها، جعلا كثيرين يصفونها في هذا المجال بأن الإمارة أضحت أشبه بمعرض فني عالمي مفتوح.
ولايزال يذكر في هذا الصدد مهرجان دبي العالمي للشعر، الذي جمع أكثر من 100 شاعر من مختلف أنحاء العالم في قاعة واحدة في مركز دبي التجاري العالمي، في حدث شهد نظماً لشعر هادف داعٍ إلى «السلام» بشتى لغات العالم.
منظمو المهرجانات والفعاليات الدولية تسهل مهمتهم باستضافة دبي لتلك الأحداث، وهو ما يؤكده رئيس مهرجان دبي السينمائي الدولي عبدالحميد جمعة، الذي يشير إلى أن اكتظاظ المهرجان بنجوم السينما العالمية أضحى ظاهرة طبيعية، مشيراً إلى أن معظم النجوم لا يترددون في تلبية دعوة المهرجان للوجود خلال فعالياته، كاشفاً في الوقت نفسه، عن أن بعض النجوم يبادرون بالحضور، وهو الأمر الذي جعل المهرجان بمثابة حدث عالمي تسعى جهات كثيرة لتنظيم أجندة أعمالها بناء على توقيت إقامته.
رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم سلطان صقر السويدي، من جانبه، قال إن كثيراً من فعاليات الندوة يعتمد على استضافة شخصيات في مجالات متعددة، بعضهم ذو شهرة عالمية أو عربية واسعة، قد يحتاج التنسيق معها أشهراً أو موسماً كاملاً، لكن رغبة الضيوف وألفهم دبي، يسهّل الكثير من الإجراءات الروتينية في هذا السياق، بل إن كثيراً ما يتصادف وجود الشخصية ذاتها في دبي ضمن فعاليات عالمية أخرى، وهو الأمر الذي يسهم في إثراء فعاليات ندوة الثقافة والعلوم.
فيما أكد مدير مدينة دبي للاستوديوهات جمال الشريف، الذي يدير أيضاً لجنة دبي للتصوير السينمائي والتلفزيوني، أن الإمارة بالفعل تحولت إلى موقع يستقطب مشاهير العالم ونجومه، خصوصاً في مجال التصوير، لافتاً إلى أن هناك عوامل كثيرة تسهم في ذلك، في مقدمتها الجانب المعنوي الذي يجعل كثيرين من هؤلاء النجوم يختصرونه بالقول: «أنا أحب دبي». وأضاف «هذه المعطيات أيضاً وجدت استثماراً ودعماً سواء على الصعيد الرسمي، أو غير ذلك، فالتسهيلات الحكومية، وخبرة الضيافة، والرغبة الحقيقية في عكس الوجه المشرق والمشرف للإمارة جزء أصيل من تكوين المنتمين لمعظم الأجهزة التي تتعامل بشكل مباشر مع ضيوف دبي».