سلطان القاسمي يشهد إعلان «مبادئ الشارقة» بحضور نهيان بن مبارك وجورج قرداحي. وام

«الاستثمار فــي المستقبل».. البحث عن حياة أفضــل للاجئين

جسّد مؤتمر «الاستثمار في المستقبل - حماية الأطفال اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، الذي اختتم فعالياته بالإعلان عن «مبادئ الشارقة»، معاناة هؤلاء اللاجئين في حلقات نقاشية مختلفة، وبالصوت والصورة، في معرض بعنوان «هل ترى ما أراه»، الذي شارك فيه سفراء السلام والأعمال الإنسانية، وفي مقدمتهم قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وقرينة صاحب السمو حاكم دبي، سمو الأميرة هيا بنت الحسين، سفيرة الأمم المتحدة للسلام، إلى جانب الممثل الأسكتلندي وسفير النوايا الحسنة لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إيوان ماكريغور، والناشطة الباكستانية، ملالا يوسف زاي، الحائزة جائزتي «سفير الضمير» لعام 2013 و«نوبل للسلام».

«دبي للعطاء» وأهداف «الأمم المتحدة»

شارك في رئاسة الجلسة الافتتاحية لليوم الثاني والأخير لـ«الاستثمار في المستقبل»، الرئيس التنفيذي لـ«دبي العطاء، طارق محمد القرق، بإلقاء كلمة أكدت الدور المهم للتعليم في سبيل التغيير باعتبارها «المفتاح نحو الازدهار والتطور»، مشيراً إلى جهود «دبي العطاء» في سبيل توفير التعليم لللاجئين وغيرهم من المحرومين من فرص التعليم، بعيداً عن أعمال الإغاثة التي يقوم بها المتخصصون في هذا المجال. وقال «هناك نحو 48 مليون طفل لا يستطيعون الحصول على التعليم في مناطق النزاعات، ونحن في (دبي العطاء) نحرص على توفير التعليم، إلى جانب تدريب المدرسين، وإعادة تطبيق نظام تعليمي يضمن نفاذ تعليم متساوٍ للبنات والأولاد على حد سواء، وتحديد المجالات التي لابد من تعزيزها، ومنها البيئة الحاضنة، والعقبات التي يجب تجاوزها، وغيرهما من الأمور التي تضمن تحقيق هدف (دبي العطاء) التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في سبتمبر 2007، بهدف تحسين فرص حصول الأطفال في البلدان النامية على التعليم الأساسي السليم».

وعكست أعمال الفيديو القصيرة في «هل ترى ما أراه»، في قاعات الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، جهود السفراء في سبيل حشد الدعم والمناصرة للاجئين، وفي الوقت نفسه الدعوة إلى مد يد العون لمساعدتهم وإغاثتهم من الواقع الجديد الذي فرض عليهم، والذي يستدعي المشاركة الجماعية في سبيل تحقيق الاندماج في هذا الواقع. وتمت الاستعانة في هذه الأعمال بمشاهد حية من المخيمات ترصد ملامح من حياة لاجئين، وقصصاً مؤثرة ومميزة، لاسيما لأبطالها من الأطفال.

وسلط فيديو سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الضوء على جهود سموها في سبيل حشد الدعم والمناصرة للاجئين، الأمر الذي تمثل بوضوح في تعهدها بمبلغ مليون دولار أميركي للمفوضية لتحسين خدمات النازحات داخلياً في الصومال، وكذلك تبرعها بالمبلغ ذاته، العام الماضي، خلال زيارتها للبنان، للإسهام في تعليم الأطفال السوريين اللاجئين، والذي توجته لاحقاً بإطلاق حملة «القلب الكبير» في شهر يونيو، تزامناً مع اليوم العالمي للاجئين 20 يونيو، ونجحت الحملة في جمع أكثر من 14.5 مليون دولار خلال عام واحد، وأسهمت في سد احتياجات مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، من خلال توفير الرعاية الصحية الطارئة والمواد الإغاثية الأساسية والملابس والمأوى والغذاء. كما انتقلت من مراحل الإغاثة الطارئة إلى التعليم في سياق الجهود الرامية إلى إعادة الأطفال اللاجئين السوريين إلى المدارس.

وحمل فيديو سمو الأميرة هيا بنت الحسين دعوة لإظهار الاهتمام والمشاركة بشؤون اللاجئين، وذكرت أن هناك ملايين السوريين الأبرياء أجبروا على الفرار، وركزت على سخاء الدول المستضيفة التي فتحت أبوابها وبيوتها لهم، وقالت في نهاية الفيديو «أرجو أن تظهروا اهتمامكم وتشاركونا القصة». أما إيوان ماكريغور فقد اختار المشاركة عن طريق عرض نموذج مميز للاجئة موهوبة تدعى «وئام» شاركت في أداء إحدى مسرحيات شكسبير ببراعة عالية، حصدت من خلالها على إعجاب الجمهور الذي شهد العرض في «مخيم الزعتري» بالأردن، وكانت «وئام» في غاية الفرح والسعادة، كانت مرتبكة وتنتظر ردة فعل الجمهور على أدائها، وكان لها ما أرادت، حيث حصدت الإشادة والثناء والتصفيق.

وحرصت ملالا، التي عاشت بنفسها مفهومي المعاناة والفرار في بلادها، بعد تعرضها لمحاولة اغتيال على يد مسلحين لإصرارها على الحصول على حقها في التعليم، على أن تنقل صورة اللاجئين السوريين أثناء عبورهم الحدود الأردنية، وأظهرت تعاطفاً شديداً وهي تستقبلهم برفقة والدها على الحدود، الذي أكد وجود فارق كبير بين ما يسمعه المرء وبين ما يرى، حيث لم يستطع أن يتمالك دموعه. وذكرت أنها رأت أطفالاً صغاراً حفاة بملابس رثة، وعلمت أن النازحين أخذوا فقط ما استطاعوا على ظهورهم وتركوا وراءهم بيوتاً مدمرة. وفي نهاية الفيديو تم التأكيد على أن المشروع القادم لصندوق ملالا للتعليم سيكون في الأردن لصناعة مستقبل أفضل للاجئين السوريين.

وأظهرت أعمال الفيديو لـ«هل ترى ما أراه» جوانب مختلفة من معاناة الشعب السوري، جاءت الصور الفوتوغرافية التي تم اختيارها من أرشيف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتعاون مع «القلب الكبير»، التي روت هذه المعاناة داخل سورية وخارجها، خصوصاً في مخيمات اللجوء، بلقطات مأساوية وأخرى تحمل الأمل بغدٍ أفضل، من حياة الأطفال اللاجئين الذين مزقت الحروب والصراعات أحلامهم وأبعدت كثيرين منهم عن مقاعد الدراسة، ليغدو العمل القاسي والصعب وسيلتهم الوحيدة لمساعدة عائلاتهم في توفير قوت يومهم بعد أن ضاقت بهم الظروف وصاروا بالكاد قادرين على الشعور بمقومات الحياة الكريمة.

ويتحدث الطفل اللاجئ (أنس) قائلاً «أنا أفتقد للمدرسة وللعب مع أصدقائي ومطاردة بعضنا بعضاً، ولعب الغميضة والكاراتيه»، فيما يروي (ماهر) «تركنا منزلنا في سورية منذ 13 يوماً، غادرنا في الخامسة صباحاً وواصلنا المشي حتى السابعة مساءً، مشينا ساعات طويلة تخللتها استراحات وجيزة، لم يكن لدينا سوى الخبز لنأكله، ولم يكن لدينا أي خيار آخر سوى شرب المياه الملوثة من المستنقعات». وتظهر مجموعة من الصور الأخرى أطفالاً في أعمار مختلفة في مشاهد حياتية مؤلمة، فمنهم من يحمل حقيبة تفوقه حجماً وضع فيها كل ما تبقى من بيته وفر هارباً بحثاً عن الأمان، وهناك صورة لأربعة أطفال اتسخت أيديهم وملابسهم بالزيت الأسود بعد أن تخلّوا عن مدارسهم وأصبحوا عمالاً قبل أن يستمتعوا بحياتهم، فيما تبرز صورة أخرى مجموعة أكبر من الأطفال الذين لا تزيد أعمارهم على خمسة أعوام يتسلّقون سياج المخيم باعتباره الوسيلة الوحيدة للتسلية.

النومان والدموع على اللاجئين

 غوتيريس : «لابد من وضع حد لهذا الجنون»

أثنى أنطونيو غوتيريس على سماحة الدين الإسلامي الذي يدعو إلى السلام. وطالب بضرورة وقف هذه النزاعات و قائلاً «لابد من وضع حد لهذا الجنون» وذكر «حين كنت صبياً، كنت أرى أن هناك تحالف فائز وآخر خاسر، واليوم لا أجد من يكسب فالكل يخسر، وعليه لابد من أن يعمل المجتمع الدولي على تجنب هذه الخسائر وإيقافها».

اعتذرت مدير المكتب التنفيذي لسمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، ومؤلفة رواية الخيال العلمي باللغة العربية لليافعين «أجوان»، نورة النومان، عن المداخلة التي تلت الكلمة الافتتاحية للرئيس التنفيذي لـ«دبي العطاء»، قائلة «خلال زيارتي، برفقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، للمخيم الإماراتي في مريجب الفهود بالأردن، تعرفت إلى العديد من الأطفال، ومنهم طفلة تدعى (كاتبة)، وأذكر أنني ضحكت حين سمعت باسمها، لاسيما أنني كاتبة أكتب قصص الأطفال، أنا نسيتها لكن هي تذكرتني، فاليوم بعثت برفقة زميلتي، شذى، من المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، هذه الهدية البسيطة، وقامت برفعها للحضور، وهي عبارة عن أسوارة بسيطة، وقالت وهي تحبس دموعها «(كاتبة) هي سبب هذا انعقاد هذا المؤتمر، فهي تحثكم على إيجاد الحلول للاجئين، كما حثكم عليها صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في كلمته الافتتاحية للمؤتمر».

«مبادئ الشارقة»

بحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساء أمس، «مبادئ الشارقة» الرامية إلى حماية الأطفال واليافعين اللاجئين حول العالم وتوفير سبل العيش الكريم لهم في مختلف أماكن انتشارهم.

جاء ذلك، خلال الجلسة الختامية لمؤتمر «الاستثمار في المستقبل - حماية الأطفال اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، الذي استضافته إمارة الشارقة بالتعاون بين المفوضية السامية، وحملة القلب الكبير، تلبية لدعوة قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وثمنت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي الدول والحكومات والمنظمات التي شارك ممثلوها في صياغة «مبادئ الشارقة»، وأكدت سموها أن هذه المبادئ تسهم في توفير الحماية للأطفال واليافعين اللاجئين، من خلال تركيزها على الأولويات الثلاث التي تؤمن للاجئين مستقبلاً آمناً وتتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي وهي: تسجيل وتوثيق الأطفال اللاجئين، وتزويدهم بالتعليم النوعي، وحمايتهم من العنف والاستغلال، وسنعمل بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على أن ترقى هذه المبادئ إلى مرتبة إلزامية لكل دول العالم.

وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، في الكلمة التي ألقاها، إن توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بالاهتمام بالقضايا الإنسانية وتأكيد معاني التكافل والتراحم، والإسهام المشترك في مجالات العمل الإنساني، بالمنطقة والعالم، مثلّت حافزاً قوياً، كي يعمل الجميع معاً، من أجل حماية الأطفال والشباب، الذين يمثلون أكثر من نصف اللاجئين في المنطقة.

وأعلن أنطونيو غوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ختام الجلسة وثيقة «مبادئ الشارقة»، التي تتضمن مجموعة من المبادئ والمعايير التي خلص إليها ممثلو الدول والحكومات والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني المشاركون في المؤتمر، وتعتبر بمثابة خطة إرشادية لحماية الأطفال اللاجئين في المنطقة ورفاههم. وجاء في وثيقة «مبادئ الشارقة» ما يلي:

• أن يتمتع الأطفال واليافعون اللاجئون جميعهم بالحماية الدولية.

• أخذ المصالح الفضلى للأطفال واليافعين اللاجئين جميعهم بعين الاعتبار كأولوية في سائر المسائل التي تؤثر في رفاههم ومستقبلهم.

• تسجيل كل الأطفال اللاجئين ومنحهم وثائق ثبوتية عند ولادتهم في بلدان اللجوء.

• أن يتمتع الأطفال والمراهقون اللاجئون بحقهم في وحدة الأسرة وحمايتهم من انفصال العائلة.

• أن يتمتع الأطفال واليافعون اللاجئون جميعهم بحقهم في التعليم النوعي في بيئة آمنة تدعم احتياجاتهم الخاصة بتطورهم.

• حماية الأطفال واليافعين اللاجئين كافة ضد العنف والإيذاء والاستغلال بما في ذلك عمالة الأطفال، وضمان وصولهم إلى النظم والخدمات الوطنية التي يتم تأمينها بطريقة تضمن حمايتهم، بما في ذلك الدعم الصحي والنفسي والاجتماعي.

الأكثر مشاركة