«أماتو كوتور».. اختطاف نقي عبر عوالم متوازية

للموضة حرية أن تتمثل أو أن تمتزج بكل شيء وأي شيء، هي الفكرة التي قد تبدأ هنا، وتنتهي في عوالم أخرى تبعد ملايين الأميال، قد تكون اندماجاً مشوهاً، وقد يلد هذا المزج، بين الفكرة والخامة، قطعاً فنية قد تكون خيالية نوعاً ما، إلا أنها في الوقت ذاته فيها من الذكاء ما يجعلها أقرب وأسهل ما يكون لأن تتطور إلى شيء عملي قريب جداً للذائقة العامة.

يشتهر فيرن أونيه، المصمم الذي استطاع أخذ دار أزياء «أماتو كوتور» المحلية إلى منصة أسبوع «مرسيدس بينز» للموضة في نيويورك، أخيراً، بميله الدائم إلى أخذ تصاميمه إلى عالم آخر يصنعه بعيداً عن المعتاد في خط «الهوت كوتور» بشكل أقرب إلى الهجين، إلا أنه يحرص دائماً على أن تكون عوالمه ذات أبعاد متوازية مع ما نراه ونميل إليه، من دون تشتت أو إبحار عميق قد يفصل المبتكر عن الواقع، وهو ما يجعل تصاميمه الأكثر بعداً عن المعتاد في السوق المحلية، والأكثر قرباً لما ترغب فيه المرأة في الوقت ذاته، والأكثر مرونة في التغيير والتطوير أيضاً.

فئران تجارب

قدم المصمم مجموعة متطرفة من الإكسسوارات التي عززت فكرة العرض من أطواق رقبة ذات أسياخ، وأحذية بكعب عالٍ وأربطة جلدية مشابهة كما لو كانت أقدام العارضات مربوطة بأسرّة تجارب إكلينيكية، بالإضافة إلى حقائب أقرب إلى شكل السلال البيضاء المشبكة التي بيّن المصمم لـ«الإمارات اليوم» أنها كان من المفترض أن تحتوي على فئران تجارب لتعزيز الفكرة، إلا أن البعض نصحني بأن الأمر سيكون متطرفاً جداً وغير مقبول على المنصة، ما جعلني أتراجع عن ذلك».

على منصة «فاشن فوروورد» الأخيرة قدمت «أماتو كوتور» آخر مجموعاتها التي عرضت في أسبوع نيويورك للموضة، في مجموعة ساد فيها الأبيض من دون منازع، وحملت اسم «الاختطاف النقي»، ووصفها بأنها أقرب إلى الاندماج المثالي بين الإنسان والمخلوقات الفضائية. وصف أونيه لـ«الإمارات اليوم» فكرة المجموعة بأنها «دراما فضائية»، وخرجت كمولود نتيجة تجارب للدمج بين الإنسان والمخلوق الفضائي، معترفاً بأن أفكاره «تعتبر خارجة عن المعتاد وغريبة نوعا ما، ولكنني أخرج دائماً من هذه الأفكار الخيالية جداً بمجموعة ناجحة ومميزة وقريبة جداً من الواقع»، واصفاً مجموعته بأنها «متحولة وهجينة»، وأقرب إلى التجربة منها إلى الشيء الثابت «وهو ما يجعل مجموعاتي عامة ذات مرونة عالية وعملية على الرغم مما تبدو عليه الفكرة الرئيسة».

بدت عارضات أونيه أقرب إلى نسخ متحولة لتجارب فضائية بعيدة عن الواقع وأقرب لمخلوقات تختبر ما حولها لأول مرة، وتهادين بمجموعة متنوعة من تصاميم السهرة الراقية التي تفاوتت بين الفساتين، والقمصان، والسراويل، والسترات، وبدلات الجسم المشابهة لبدلات السباحة ذات القطعة الواحدة، بالإضافة إلى الأردية والقطع الشفافة التي صاحبت وأضافت إلى القطع، معتمداً بشكل كامل على تقديم مجموعة كاملة من اللون الأبيض ودرجاته المقاربة إلى اللون الكريمي، بتفاوت في درجات الخامات مقابل أعمال التزيين اليدوية عليها.

قد يتخيل المرء عند الحديث عن الفضاء كميات كبيرة من اللون الفضي والأشكال المستقبلية الهندسية والكثير من المعادن، إلا أن أونيه غالباً ما يعتمد على التول كخامة رئيسة دائما ما تعطي مساحة للدانتيل، ليكونا ثنائياً ناجحاً لمجموعاته، واصفاً إياها بأنها «الخامة الأساسية لرسم لوحاته، التي تعتمد دائماً على تجارب لرسم لوحات فنية من تمازج أنواع الدانتيل، مكوناً بذلك صوراً وأشكالاً ونقوشاً»، معتمداً فكرة «الكولاج» في تزيين القماش الرئيس بأنواع وأشكال الدانتيل المختلفة في تخريماتها وتعرجاتها وخاماتها المتعددة، كما اعتمدت المجموعة أيضاً على فكرة التطريز بالخيوط والحبك اليدوي المتعرج تارة والمتسلق تارة أخرى، لتكون أشكالاً ورسومات شديدة التعقيد والفخامة تجعل من الفستان لوحة فنية بعيداً عن زحام الكريستالات والأحجار اللماعة.

مالت فساتين المجموعة في هذا الموسم، كحال الموسم السابق، على تقديم طول جديد على السوق المحلية، وهو الطول الفرنسي الكاشف للكاحل، بقصة فساتين ضيقة بالكامل، ما يعزز من انحناءات الجسد ويعزز من التركيز على تفاصيل الفساتين بدلاً من القصات، كما مالت أغلب الفساتين إلى أن تكون بقصة رقبة دائرية وأكتاف من دون أكمام بكثير من مساحات التول، الأمر الذي يميل المصمم إلى اعتماده «حيث أفضّل أن أبقي فساتيني مرنة يسهل تغييرها وتعديلها، كما أنني أجد في جسد المرأة ما يكفي من الغواية والجمال ما يجعلني أميل في الفترة الأخيرة إلى القصة الضيقة المستقيمة من دون تلاعب وتعقيد في القصات».

قدم المصمم إلى جانب الفساتين سترات مميزة بكثير من الأذيال المتموجة والكثير من مشغولات الدانتيل المتداخلة، بأكتاف بارزة وفتحة صدر كبيرة تعين على تزيين السترات بفساتين بقوالب مميزة أسفلها، أو بدلات جسم مزخرفة، كما قدمت على المنصة، وأضاف المصمم إلى المجموعة البلوزات المزخرفة والمطرزة ذات الحواشي الكثيفة المنفوشة، والأذيال الطويلة المشابهة لأذيال فساتين أو طرحات العرائس، التي قدمت على المنصة مع سراويل ذات قصة مستقيمة وأقرب إلى الواسعة عند الكاحل، وهي التي وصفها المصمم بـ«سراويل الزفاف» كما اعتمد فكرة أذيال وطرحات الزفاف في تقديم رداءات من الدانتيل المعرق، غطت أكتاف العارضات فوق فساتين ضيقة.

مالت أغلب التصاميم إلى فكرة إخفاء أجزاء من الجسد المكشوف أسفل التول الشفاف بأعمال التطريز والمشغولات اليدوية وقطع الدانتيل، ما جعل التصاميم تبدو كما لو كانت وشوماً بيضاء ناصعة غطت الجسم بنقوشها وتموجاتها المبدعة، بينما بدت أجزاء من الجسد متوارية خلف طبقات شفافة من التول الأبيض.

قدم المصمم أيضاً مجموعة من البلوزات المتطرفة في فكرتها التي بدت كما لو كانت كرات منتفخة من الغيوم الكريمية، فوق فساتين وتنانير ضيقة، كما قدم مجموعة من الأحزمة الراقية العريضة، المزينة بفيونكات ذات أشكال مبتكرة وكسرات متموجة من الأمام بدت أقرب إلى شكل الفراشة البيضاء الفاردة لجناحيها المزخرفين بنقوش بدرجة مختلفة من الأبيض، فوق فساتين لم يبخل في تطريزها وزخرفتها هي الأخرى.

الأكثر مشاركة