«دبي للشبــاب» يفرد سجادته الحمراء لـ «رجـال تحت الأرض»
من يزعم أن المشهد المسرحي المحلي غير متكامل، من المؤكد أنه سيرى قناعته على المحك بعروض الدورة الثامنة لمهرجان دبي لمسرح الشباب، واستضافته، أول من أمس، عرض «رجال تحت الأرض» الفائز بجائزة أفضل عمل متكامل في مهرجان المسرحيات القصيرة، الذي استضافته مدينة كلباء في إمارة الشارقة، ليضيء فعاليات ليلته الثامنة التي شهدت غياباً للمسرحيات المشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان، ويكون بمثابة هدية «فنية» من طراز رفيع بطلها الأداء الراقي للممثلين والمعالجة الواعية للنص الروائي الغربي.
فرصة استثنائية قالت المخرجة، منال بن عمرو، إن «الجيل الجديد من المسرحيين الشباب والمعاصرين لانطلاقة المهرجان يتمتعون بفرصة استثنائية تجاوزت الأجيال السابقة، الممثلة في هذه المنصة التي تحتفي بأعمالهم، وتقدم لهم إمكانية اختزال مسيرات فنية، تبقى بحاجة إلى حقب لقطعها». عودة واردة
قالت رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان بالإنابة، المخرجة منال بن عمرو، التي ارتبط اسمها بإخراج أعمال سينمائية متعددة، إن أجواء المهرجان تحفزها إلى العودة للإخراج المسرحي الذي عرفته في الدورة الثانية منه، مشيرة إلى أن تكرار التجربة الإبداعية مع المسرح بالنسبة لها تظل «واردة». وقالت بن عمرو إن المسرحي الناجح يجب أن يستثمر الفرص الواعدة في الترويج لإمكاناته، مشيرة إلى أن منصة المهرجان تبقى في جميع الأحوال «سنوية»، والترويج الذاتي، من خلال استثمار مواقع التواصل الاجتماعي، ودور الإعلام المحلي، يبقى بمثابة محطات يمكن أن تستلهم إضاءات المهرجان حول تلك المواهب. ورأت بن عمرو أن إثراء المسرح المحلي مسؤولية مشتركة، ولا يمكن أن تكون منحصرة في دائرة واحدة فقط، سواء كانت هذه الدائرة تشير إلى المسارح الأهلية أو المؤسسات الثقافية، أو حتى مهرجان «الشباب»، مؤكدة أن تكامل الأدوار مع وجود مواهب حقيقية تتلمس تطوير أدواتها هي المحطة الأولى التي يمكن البناء عليها في هذا الإطار. واعبرت أن المتابعة الإعلامية والجماهيرية، فضلاً عن المهتمين بصناعة الدراما عموماً لفعاليات المهرجان، من شأنها أن تثري المنافسة الإيجابية بين المواهب الشابة. بلال عبدالله: استضافة «مفيدة»
وصف الفنان، بلال عبدالله، الذي غاب عن أجواء بعض ليالي المهرجان السابقة، لظروف قال إنها «أسرية»، إن استضافة مسرحية «رجال تحت الأرض» مفيدة جداً لشباب الفرق الأهلية، الذين يقتصر المهرجان على الاحتفاء بأعمالهم، مضيفاً «هناك أداء تمثيلي عالٍ، وذكاء في اختيار النص العالمي، وسلامة جيدة في توظيف اللغة العربية الفصحى». لكن عبدالله استدرك أن الانتقال من لوحة إلى أخرى في العمل شابه بعض التطويل الذي أوقع العرض في فخ الملل أحياناً، مضيفاً: «الدفعة المعنوية الهائلة التي تلقاها العمل في بداية العرض لم يتم استثمارها في مراحل تطور الحدث على الخشبة بشكل أكثر». وأكد بلال الذي كان أحد أعضاء لجنة مشاهدة الأعمال المشاركة في المسابقة الرسمية أن المهرجان سيكثف خلال الدورات المقبلة من تجربة استضافة عروض خارج المسابقة، لاسيما تلك العروض التي تقوم بإبداعها مجموعات شبابية من أجل تعظيم الفائدة من المهرجان سواء على مستوى الاطلاع على تجارب مغايرة للشباب، أو الإمتاع الجماهيري. فعاليات اليوم
يتضمن اليوم التاسع من فعاليات مهرجان دبي لمسرح الشباب العديد من الفعاليات المتنوعة منها: - يستضيف «مجلس المهرجان» ندوة للزميل محمد عبدالمقصود من جريدة «الإمارات اليوم»، وتديرها مدير تعزيز «العربية» في هيئة دبي للثقافة والفنون، علياء المر، بعنوان «الإعلام المسرحي بين الخصوصية والعشوائية». - عرض مسرحية «خذوا وجوهكم» تأليف محمود أبوالعباس وإخراج عمر الملا. - ندوة تطبيقية حول مسرحية «خذوا وجوهكم». |
في المقابل، قالت رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان بالإنابة، المخرجة منال بن عمرو، إن «الجيل الجديد من المسرحيين الشباب والمعاصرين لانطلاقة المهرجان يتمتعون بفرصة استثنائية تجاوزت الأجيال السابقة، الممثلة في هذه المنصة التي تحتفي بأعمالهم، وتقدم لهم إمكانية اختزال مسيرات فنية، تبقى بحاجة إلى حقب لقطعها».
وأضافت بن عمرو لـ«الإمارات اليوم» أن «المتابعة الإعلامية والجماهيرية، فضلاً عن المهتمين بصناعة الدراما عموماً لفعاليات المهرجان، من شأنها أن تثري المنافسة الإيجابية بين المواهب الشابة، وتمنحهم فرصاً حقيقية لأعمال مقبلة، سواء على المسرح أو غيره من فنون الدراما، خصوصاً التلفزيونية التي تتداخل كثيراً في الإمارات مع المشهد المسرحي، في أكثر من جانب».
وأشادت بن عمرو بصفة خاصة بفعاليات «مجلس المهرجان»، مشيرة إلى أن الموضوعات المختارة للمناقشة في المجلس على تماس بالمجال المسرحي عموماً، وإبداعات الشباب بشكل خاص.
وأشارت بن عمرو إلى أن الدورة الحالية للمهرجان تهدف إلى الترويج للشباب المسرحيين أنفسهم، أكثر من أي وقت مضى، مضيفة: «هنا سجادة الشباب الحمراء، وموضع تألق نجوم المستقبل، وهو خيار يتبدى للمتابع منذ اللحظة الأولى التي تطأ فيها قدمه مقر المهرجان الشاب، بدءاً باللافتات العملاقة، مروراً بأجواء المهرجان ومحتواه الإبداعي».
الاحتفاء بالجمهور أيضاً تبقى وجهة أخرى للمهرجان، حسب بن عمرو، التي أضافت: «يحاول مهرجان دبي لمسرح الشباب أن يستعيد جمهور المسرح إلى قاعاته مرة أخرى، لذلك كان هناك العديد من الفعاليات الترفيهية الجاذبة للأسر، وحاولنا أن تكون هذه الفعاليات أكثر تنوعاً لتضم الموسيقى والأداء التعبيري والعروض البهلوانية وعروض المواهب الناشئة، فضلاً عن السحوبات القيمة، في الوقت الذي يشكل فيه رأي الجمهور ومدى رضاه عن المسرحيات المقدمة مؤشراً مهماً نحرص على استقائه عقب كل عرض في صورة استبيان سريع».
وعلى الصعيد الذاتي أعربت بن عمرو عن سعادتها للعودة إلى أجواء المهرجان من بوابة اللجنة المنظمة، بعد أن كانت حاضرة في دوراته الأولى كمبدعة شابة، مضيفة: «من حسن حظي أنني أنتمي في اتجاهين مختلفين لهذا المهرجان الشاب، فبالإضافة إلى انتمائي لأسرة هيئة دبي للثقافة والفنون، التي تسعى إلى توفير كل السبل لإنجاح المهرجان، فإنني قطعاً مدينة باكتشافي (مسرحياً) لهذا المهرجان، الذي رفد الساحة ولايزال بالعشرات من المواهب المسرحية الشابة القادرة على إثراء خشبة المسرح المحلية بدماء جديدة».
من جهة أخرى، قدم مجموعة من خريجي جامعة الشارقة مسرحية «رجال تحت الأرض» من إخراج مهند كريم، الذي اتكأ على إعداد نصه مع زميله أحمد أبوعرادة، على رواية «فرانكشتاين» لماري شيللي، لكنه أظهر حساً عالياً في الاستفادة من نصوص عربية شعرية وصوفية، قُدم أحدها بصوت الفنان التونسي لطفي بوشناق، فيما جاءت المعالجة لتقلص الهوة التي تصادفنا دوماً حينما نكون بصدد الاستفادة من نص غربي مترجم، خصوصاً الروائي منه.
الأجواء الموسيقية للعمل التي استهل بها «رجال تحت الأرض» منحت الجمهور فسحة وأريحية منذ بداية العرض، لدرجة أن التمهيد لأجواء المسرحية بدا كأنه إعداد لطقوسها، وهو أمر أسهم فيه الاعتماد على الحركة البطيئة للممثلين والأجواء الشعرية الحالمة.
وبأداء تمثيلي عالٍ، خصوصاً من الممثل أحمد أبوعرادة، قدم الشباب الثلاثة أدوار ثلاثة شخوص هم العم الثري (الممثل شريف عمر) والطبيب (الممثل أحمد أبوعرادة) والحفار (الممثل حسن عزالدين) الذي يتولى حراسة المقبرة، يموت العم الذي كان ثرياً وصنع ثروته من الغش والاحتيال ثم غسلها بأعمال إنسانية ليصبح شخصية مهمة، ويترك وصية للطبيب بأنه سيعطيه كل ماله إذا أعاده إلى الحياة، وينجح الطبيب بمساعدة الحفار في إعادته إلى الحياة، لكنه يضع له كبداً فاسدة ستكون سبباً لموته من جديد، وحين يرجع العم إلى الحياة يغري الحفار بقتل الطبيب على أن يدفع له نصف ماله، ويكتشف الطبيب ما يدبره له العم، فيخدر الحفار ويسمم جسمه بمادة تقضي عليه ببطء، ويصارح العم بأن جسمه يحتوي على كبد فاسدة ستقضي عليه هو الآخر، وتنتهي المسرحية بموت العم والحفار وفوز الطبيب بالمال، ليبقى السرد عن طريق المونولوج الداخلي ملخصاً لفحوى العمل بأن «الجشع هو أعظم اختراع للشيطان»، وتكون العبارة الأخيرة للطبيب التي يوجهها للجمهور بإحساس مفعم «نراكم في العالم الآخر».