برنامج «البيــــــت».. احتفاء شعري بحب الوطن
في الوقت الذي كانت مدينة دبي للاستوديوهات بأكملها في هدوء تام، كان استوديو تصوير برنامج «البيت» الشعري، الذي تقام فعاليات دورته الثانية برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، يعيش أجواء مختلفة، هي الاحتفال باليوم الوطني من خلال حلقة غلب عليها طابع الشعر الوطني.
واستثمر الشعراء الخليجيون المشاركون في لجنتي تحكيم مسابقتي «الشطر» و«نبض الصورة»، الفرصة للتقدم بالتهاني للإمارات، حكومة وشعباً، بهذه المناسبة، وهي التهاني التي أحالت بشكل مباشر إلى أجواء الحلقة أيضاً على الصعيد الفني، من خلال شطر بيت يتغنى بحب الوطن، شهد منافسة قوية بين المتسابقين.
وحسب مدير الاتصال والإعلام في مكتب سمو ولي عهد دبي، ماجد عبدالرحمن البستكي، الذي يقوم بجهود تنسيق إنجاز البرنامج، فإن الشطر «هذا الوطن لي مد لي حبل الغلا مدّيت له»، الذي كان محور المسابقة الرئيسة لهذه الحلقة، قد استقطب أكبر عدد من المسابقات، على مدار هذه الدورة، حيث تعتمد مسابقة «الشطر»، على اختيار أفضل صاحب مشاركة تستكمل الشطر المقدم، وتنهض به بيتاً كاملاً.
وأشار البستكي لـ«الإمارات اليوم» إلى ان المشاركات في مجملها أضحت أبعد عمقاً على الصعيد الفني، على الرغم من أن الكثير منها يأتي من مبدعين لايزالون مترددين في خوض غمار الإبداع بشكل ممنهج، من خلال الأمسيات والمشاركات الإعلامية وغيرها، مشيراً إلى أن أحد أهداف البرنامج هو تشجيع هذه الفئة، التي قد يكون في إبداعها «المكنون» تجديداً مهماً في رحاب النبطي.
وأشار البستكي إلى أن البيت رسالة تراثية تعمّق الوجه الحضاري للشعر الشعبي وتحمل أهدافاً إيجابية تجمع ما بين معادلة المتعة والترفيه والارتقاء بالذائقة الأدبية لمتابعي ومحبي الشعر النبطي من جهة، وتكرس مفهوم الهوية الوطنية وتزيد من مستوى الاهتمام بقضايا التراث، وتوثق العلاقة بين أصالة الماضي وعبق الحاضر من جهة أخرى.
وجاء الإعلان عن مكرمة من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، بفوز الـ12 متسابقاً ممن ظهرت أسماؤهم على الشاشة الذهبية في كل من مسابقة نبض الصورة ومسابقة شطر البيت، بالتزامن مع احتفالات الدولة باليوم الوطني، ليضاعف من بهاء الجولة الرابعة للبرنامج، إذ تم بناء على ذلك اعتبار جميع المتأهلين إلى المنافسات الختامية للجولة بمثابة فائزين بالمركز الأول، على صعيد التكريم.
وجاء الشطر المختار من قبل لجنة التحكيم كي يكون محور مسابقة «الشطر»، ليطلق العنان لمخيلات المتسابقين، وهو «هذا الوطن لي مد لي حبل الغلا مدّيت له»، حيث شهدت الجولات الثلاث احتداماً قوياً في المنافسة وإثارة في الطرح، وتغنّت المشاركَات بحب الوطن والاعتزاز به والفخر بالانتماء إليه. بعد ذلك انتقلت الأشطر المميزة إلى الشاشة الذهبية وعددها 12 شطراً، وكان لقب راعي البيت من نصيب عبدالله القحطاني «حب يخليه بـ عيون إعداه (حبل المشنقة)»، ليفوز بجائزة مالية قدرها 100 ألف درهم ويتأهل إلى الحلقة الختامية.
الجودة الفنية كانت الظاهرة والسمة المشتركة بين الكثير من المشاركات حسب أعضاء لجنة التحكيم الذين اتفقوا على أن الأشطر التي وصلت إليهم من لجنة الفرز والجودة، اتسمت بالسلاسة وقوة البناء المتصل، مشيرين بشكل خاص إلى ثرائها بالمفردات والصور الجمالية الملهمة والمبتكرة، وعكس الكثير منها ضميراً وحساً وطنياً عالياً، امتزج فيه الوصف والبلاغة بوجدانيات الغزل والعشق، ما جعل الآراء تختلف حول الشطر الفائز، ليقوم ضيف الشرف الشاعر حامد زيد باختيار الشطر الفائز.
وتوجه الشاعر الإماراتي أحمد البدواوي بالشكر الجزيل لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث على اختياره للانضمام إلى أسرة تقديم البرنامج. وأوضح البدواوي أن البيت رؤية عصرية بمضامين تراثية، ومنبر حقيقي يحتفي بالشعر والشعراء من خلال الأدوات الحديثة المبتكرة التي يوظفها.
وعزا البدواوي ازدياد عدد المشاركات إلى أن البيت إنصاف وانتصار للمواهب الشعرية، حيث شرّع أبوابه أمام الجميع للمشاركة لإبراز مواهبهم اللغوية والبلاغية وحررهم من قيود الحضور. ولفت البدواوي إلى أن القاسم المشترك بين معظم الأشطر هو الإبداع وغزارة الطرح في تكملة البيت، مبيناً أنها عكست إبداعات فاقت التصور.
وحرص الشاعر السعودي الشاب ناصر السبيعي الفائز بمسابقة «الشطر» في الحلقة الثالثة على تسلم جائزته من قبل لجنة التحكيم بعد أن قدم شطراً حظي بإعجاب اللجنة متغلباً على جميع منافسيه وهو «على راحة يدي، ما حست بـ(براحة)».
وكشف السبيعي لـ«الإمارات اليوم» أن هذه المشاركة هي الثانية له فقط في البرنامج، لافتاً إلى أنه توقع أن ينافس «شطره» في الجائزة، معرباً في الوقت نفسه عن أمله أن يصل بهذه المشاركة إلى الجائزة الكبرى للبرنامج التي يتسلمها صاحب أفضل مشاركة على مدار الجولات الـ13.
ولم تتمكن مرام محمد القحطاني من السعودية، الفائزة بالمركز الأول بمسابقة نبض الصورة، من القدوم إلى دبي لتكريمها بسبب انشغالها بالامتحانات، لتتسلم عنها فاطمة البناي، مديرة المكتب الإعلامي في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، درع المركز مع شهادة التقدير. وأعربت البناي عن سعادتها بتسجيل أول ظهور لعنصر نسائي في برنامج البيت، توجته مرام القحطاني بفوزها في مسابقة نبض الصورة. ودعت البناي العنصر النسائي إلى تفعيل المزيد من المشاركات، متمنيةً ظهور المزيد من الإبداعات النسائية في الشعر النبطي. وفاز المتسابق فيصل فرج العتيبي بالمركز الأول، عن بيته الشعري «رفيقة درب (يا مال) النواخذ حطت اذن الشوق على خد التراب اللي خذاهم .. كود تسمعها»، ليتأهل بذلك إلى الحلقة الأخيرة. في حين فاز كل من المتسابقين عطا الله ممدوح وعبدالله مدعج المطيري بجائزتي المركزين الثاني والثالث على التوالي، وحظيا بمكرمة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، وقدرها 100 ألف درهم. وبناء على مكرمة سمو الشيخ حمدان بن محمد، اعتبرت لجنة نبض الصورة جميع من تمكنوا من التأهل للمرحلة الختامية فائزين في مسابقة «نبض الصورة»، من خلال صياغة أبيات مميزة مستوحاة من إحدى الصور الفوتوغرافية التي التقطها سموه بعدسته، حيث حصد المتسابقون مثل قيمة جائزة صاحب المركز الأول، وهي 100 ألف درهم لكل منهم.
فاطمة البناي: الشاعرات قادمات
توقعت مديرة قطاع الإعلام في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث فاطمة البناي، أن تشهد المشاركات النسائية وتيرة أعلى خلال الحلقات المقبلة من برنامج البيت، سواء عبر مسابقة «الشطر»، أو مسابقة «نبض الصورة».
وثمنت مشاركة المتسابقة مرام القحطاني، التي تعد أول مشاركة نسائية تفوز بجائزة مسابقة الشطر، حيث تسلمت البناي عوضاً عن القحطاني التي لم تتمكن من الحضور بسبب ظروف الدراسة، الجائزة الخاصة بالمتسابقة.
واستدرج مقدم البرنامج بركات الوقيان، البناي لقراءة شعرية، لقيت تشجيعاً من أعضاء لجنة التحكيم، وأمنيات بأن تتضاعف مشاركة المواهب الناعمة في الحلقات المقبلة.
زيد: هاتفي غير «صامت»
قال الشاعر الكويتي حامد زيد الذي حل ضيفاً على برنامج «البيت» لـ«الإمارات اليوم»، إنه جاء محملاً من قبل كل من عرف عن توجهه للمشاركة في «البيت» بكل مشاعر التهاني والمباركة بحلول الذكرى الـ43 لتأسيس اتحاد دولة الإمارات. وأضاف «هاتفي منذ أن انتشر خبر أنني في الإمارات لم يصمت بالمرة، الجميع يسأل عن أجواء الاحتفالات، ويحمّلني نقل مشاعر مشاركة الأشقاء الفرح بهذه المناسبة الغالية على نفوسنا جميعاً».
ووصف زيد نفسه بـ«المحظوظ» إذ تصادفت استضافته مع الاحتفالات بهذه الذكرى الميمونة، مشيراً إلى أن فكرة البرنامج أسهمت في مضاعفة أعداد المشاركات. فيما أشاد بشفافية لجنتي التحكيم، معرباً عن أمنياته بأن تتوالى دورات البرنامج، باعتباره رافداً حيوياً يصل الجمهور بشكل أسبوعي بعوالم «النبطي» بشكل غير تقليدي.
تفاعل تلقائي
وصف مدير الاتصال والإعلام في مكتب سمو ولي عهد دبي، ماجد عبدالرحمن البستكي، تفاعل المشاركات مع روح الاتحاد وما تنثره المناسبة الميمونة من تجليات إبداعية بـ«التلقائي»، مضيفاً «وصول عدد المشاركات إلى مستوى قياسي في هذه الحلقة تحديداً مؤشر إلى التفاعل التلقائي بين الإبداع وبين سياق الحال، سواء العام المرتبط بالمجتمع، أو الخاص المؤشر إلى مزاج ومشاعر صاحبه تحديداً».
وأضاف «لم تكن الأرقام الإيجابية في هذه الحلقة مرتبطة بالمعيار الكمي فقط، بل كان هناك مؤشر إجادة فنية ملحوظة، فالأبيات التي تأهلت للمرحلة الختامية كانت متقاربة المستوى، ووجدت لجنة التحكيم صعوبة «إيجابية» في حسم انحيازها لأحدها.
وتابع «ارتباط الشعر النبطي بالمشاعر الوطنية أصيل، فما بالنا حينما يتعلق الأمر هنا بمشاعر ولاء وانتماء لوطن يزهو باتحاده، في الوقت الذي يلمس الجميع ثمار الاتحاد، واللافت أن هذه المشاعر الوطنية تقاسمها مع أبناء الإمارات على صعيد المشاركات أشقاء من مختلف الدول العربية الشقيقة، خصوصاً من الأخوة في منطقة مجلس التعاون لدول الخليج العربي».