«فيينا» تحتفي بـ «أسمــهان» بعد 60 سنة على رحيلها
بعد 60 عاماً من وفاتها، فاجأت هيئة السياحة النمساوية المهتمين بصناعة الأفلام، بإعلانها إعداد فيلم وثائقي عن المطربة العربية الراحلة أسمهان، وهي المفاجأة التي يبدد الدهشة التي قد تصاحبها تذكّر أغنية أسمهان الشهيرة، «ليالي الأنس في فيينا»، فقد كان للأغنية أثر كبير في توجيه الأنظار إلى العاصمة النمساوية فيينا، التي لم تكن حينها قد دخلت مجال المنافسة على السائح العربي مع عواصم أوروبية أخرى، أشهرها لندن وباريس.
الفن.. رسول الصداقة بين الشعوب أبدت فيرينا هابل مديرة العلاقات الإعلامية في هيئة السياحة في فيينا، امتناناً كبيراً للصدفة التي جعلت أسمهان تغني من كلمات الشاعر أحمد رامي «ليالي الأنس في فيينا»، مضيفة «لم نقابل حتى الآن زائراً قادماً من البلدان العربية لا يعرف أغنية أسمهان الشهيرة (ليالي الأنس في فيينا)، لذلك فإن الأثر الايجابي للفن في قطاع السياحة يعد أمراً واضحاً». وأشارت هابل إلى أنها لا تعرف ما هو حجم السياحة العربية إلى فيينا في حال عدم إبداع تلك الأغنية، لكنها أشارت إلى أن عدد الزوار من دول مجلس التعاون الخليجي إلى فيينا في العام الماضي بلغ نحو 10 آلاف زائر. وأشادت هابل بفكرة إنتاج فيلم وثائقي عن الفنانة العربية الراحلة أسمهان، مؤكدة الدور الوثيق الذي يمكن أن تلعبه الفنون في علاقات الصداقة بين الشعوب. عزة الحسن : ليس سيرة ذاتية
أكدت عزة الحسن مخرجة «أسمهان.. حضور لا يحتمل»، أن الفيلم ليس سيرة ذاتية لحياة الفنانة التي رحلت عن دنيانا منذ أكثر من 60 عاماًن، بقدر ما هو فيلم يحكي قصصاً وحقائق يسهل إسقاطها على الواقع المعاصر. وأضافت «لهذا، فعندما بدأ البحث، لم يكن نهجنا هو القيام بإعداد فيلم عن سيرتها الذاتية، بل على العكس من ذلك، فقد كنا مهتمين بالحاضر أكثر من الماضي. إن أكثر ما أسرني حول أسمهان هي الستون عاماً التي تلت وفاتها، إذ إنها لاتزال حية في ثقافتنا الشعبية وخيالنا الخصب. وهذا ما دفعنا للقيام بالبحث من أجل إعداد الفيلم. إن أبطال فيلمنا هم أولئك الناس الذين لمست أسمهان حياتهم الشخصية الحاضرة». وتوقعت الحسن أن يحظى الفيلم عند عرضه التلفزيوني بمتابعة جيدة، متوقعة أن يبدي الناس شغفاً بالعديد من التفاصيل التي يزيح الفيلم الغبار عنها، وفق رؤية فنية مميزة. |
دور الفنون وأهميتها وأثرها يفوق بكثير حملات الدعاية والترويج، فشاعر الأغنية الراحل أحمد رامي اختار مدينة لم تكن ذات زخم بالنسبة للسائح العربي، وهي مصادفة، كانت فارقة بالنسبة للعلاقة بين الشعبين العربي والنمساوي، حسب عزة الحسن مخرجة فيلم «حضور أسمهان الذي لا يحتمل».
الحسن التي قامت بإخراج عدد من الأفلام الوثائقية والقصيرة منها «دائماً أنظر إليهم في عيونهم»، «الملوك والكومبارس»، «أقصر بـ3 سم»، «نيوز تايم»، «المكان»، و«سندباد»، و«صك الملكية من موسى»، و«النساء العربيات تتكلم». وأضافت أن حياة أسهمان الدرامية ليست سراً في العالم العربي أو بالنسبة للأشخاص المهتمين بالعالم العربي، فأي شخص يعرف أسمهان لابد أن تكون لديه معرفة عن حياتها، خصوصاً أنه قبل بضع سنوات تم عرض مسلسل تلفزيوني يتناول السيرة الذاتية للراحلة.
وتابعت الحسن «لهذا، فعندما بدأ البحث لم يكن نهجنا هو القيام بإعداد فيلم عن سيرتها الذاتية، بل على العكس من ذلك، فقد كنا مهتمين بالحاضر أكثر من الماضي. إن أكثر ما أسرني حول أسمهان هي الستون عاماً التي تلت وفاتها، إذ إنها لاتزال حية في ثقافتنا الشعبية وخيالنا الخصب. وهذا ما دفعنا للقيام بالبحث من أجل إعداد الفيلم. إن أبطال فيلمنا هم أولئك الناس الذين لمست أسمهان حياتهم الشخصية الحاضرة».
وأضافت «حين سافرت من العالم العربي إلى فيينا وجدت أن هناك الكثير من الناس الذين قاموا بزيارة تلك المدينة لاقتفاء تلك الصورة التي رسمتها أسمهان يوماً عن المدينة. ويبدو أن الكلمات التي همست بها أسمهان في آذان الجمهور العربي حول مدينة تعيد للناس روح الشباب، تنسجم مع تصورات الكثيرين».
وترى الحسن أن فيلم «أسمهان.. حضور لا يحتمل»، هو فيلم يمكن إسقاطه بشكل يسير على الوقت الحاضر.. كونه يتناول أمماً تكافح من أجل تحرير نفسها وتتشبث برموز متحررة، تُعد أسهمان بلا شك واحدة من بينها، وذلك من أجل إيجاد حياة أفضل.
وحول التفاصيل الفنية للعمل تقول الحسن إن «أسمهان.. حضور لا يحتمل» هو فيلم وثائقي طويل، تبلغ مدته 70 دقيقة، أما تصويره فقد استغرق شهراً ونصف، وهي المدة التي طالت بسبب تغيير خطط تصويره، مضيفة «أسمهان في الأصل كانت أميرة سورية، وقد كان لدينا في البداية خطط رائعة للتصوير في سورية، لكن مع اتساع الثورة هناك، سرعان ما وجدنا أنفسنا مضطرين لتغيير خططنا، لكن ما أنقذنا هو حقيقة أن أحداث حياة أسمهان جرت في بلدان مختلفة، لكنني وجدت شيئاً مثيراً للاهتمام، وهو أن الأحداث المأساوية في منطقتنا تؤثر بلا شك في نسيج روايتنا للقصص».
وتابعت «على سبيل المثال فقد قضت أسمهان الكثير من الوقت في القدس، وكانت تمكث عادة في فندق الملك داوود (كينغ ديفيد هوتيل)، الذي كان مملوكاً من قبل مليونير مصري، أما اليوم فالقدس هي خارج حدود كاميراتنا وقصصنا».
وكشفت الحسن أن العمل يركز أيضاً على فترة حياتها وتألقها في مصر، حيث تضيف «لقد كان لمصر جزء كبير من حياة أسمهان، فحينما وصلنا إلى هناك وجدنا أنفسنا في خضم الحنين إلى الماضي الرائع، والحنين إلى الزمن الذي سكنت أسمهان خلاله هذه المدينة أصبح موضوعاً، تم فرضه على قصة الفيلم من قبل الشخصيات الرئيسة». وأكدت الحسن أن الفيلم لا يركز على فترة بحد عينها من حياة أسمهان، بل يركز على الدور الذي لعبته في إثراء الخيال الإنساني، فعلى سبيل المثال يركز الفيلم على أغنية قامت أسمهان بغنائها لفيينا «ليالي الأنس في فيينا»، وهي أغنية تحتفي بمدينة أوروبية تشتهر بالموسيقى.
وحول أغنية «ليالي الأنس في فيينا»، وما إذا كانت محوراً للفيلم الوثائقي، قالت الحسن «جميعنا لديه معرفة بصورة المستشرقين عن العالم العربي، لكن قلة هم من يعرفون أن هناك صورة متقدمة في العالم العربي عن الغرب، وأغنية (ليالي الأنس في فيينا) تدور حول هذا الموضوع، فهي تجسد التصور العربي للغرب».
ومن المهم الانتباه إلى الزمن الذي تم إنتاج الأغنية فيه، فقد كان ذلك أثناء الحرب العالمية الثانية، وقتها كان العالم العربي تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي، وقد شارك العديد من المثقفين العرب وقتها في الثورة ضد المستعمرين، لكن العديد منهم أيضاً سافر إلى الغرب وأُعجب بالتطورات الجارية هناك، ولم يكن أحمد رامي، وهو الشاعر الذي كتب كلمات الأغنية، استثناءً في ذلك، لقد كان قومياً عربياً يستمتع بالفن والشعر الغربي كثيراً، وكان اختياره لفيينا مثيراً للاهتمام أيضاً، فهي لم تكن باريس أو لندن ولا حتى برلين.
وحول وجهة نظرها في تأثير تلك الأغنية على وتيرة السفر العربي إلى فيينا قالت الحسن «تعد تصورات المسافرين عنصراً رئيساً في مجال السياحة، فنحن نسافر إلى أماكن معينة بناءً على صورة نمتلكها حول تلك الأماكن، هذا الفيلم يسعى إلى إلقاء الضوء على تصوراتنا على مستويات مختلفة، تصوراتنا تجاه رمز معين مثل أسمهان، تصوراتنا تجاه حياة نتمنى أن نعيشها وتصوراتنا تجاه بلدان بعيدة».