الحجار «حكيماً» في «يوميات صعلوك»
التدفق اللغوي للنص أبرز سمات الإصدار الجديد للكاتب الصحافي والروائي، سلطان الحجار، الذي حمل عنوان «يوميات صعلوك»، والذي صدر عن دار «سما للنشر والتوزيع»، إذ حافظ الحجار، عبر جمله المكثفة، على عملية التواصل الحميم مع اللغة في أعلى درجات اختزال المفردة من دون إسراف، لكن إيقاع العبارات جاء غير نمطي، فأصاب مرمى دائرة الصراع، سواء في الحكمة التي قصد منها تعرية الزيف، أو من خلال نبرة التهكم والسخرية في نسيجها الشعري اللماح، وقد ارتدى المؤلف - منذ المقولة الأولى في الكتاب إلى الفصل الأخير- ثوب المراقب والحكيم المتتبع لحركة الحياة، وما تضج به من مفارقات عجيبة وما يكتنف إنسان هذا العصر من آمال وطموحات وأطماع شخصية، وأهواء ذاتية، وخيبات لا مثيل لها، ما جعله يغوص في الرمزية، ويلعب على وتر الاستعارة والكناية، ليقدم نموذجاً لفن متميز من فنون القول لا يتوقف فقط عند الأحداث المستمدة من اليومي والمعيش، لكنه يدور بالخيال الخصب نحو منطقة الفكاهة بمناخها الرطب، ودلالاتها المجازية بعمق.
وعلى الرغم من طزاجة المقولات التي تأخذ وضعيات وأشكال فنية تتسع للتأويل بحسب توظيف تقنياتها السردية التي تتسم بالحرارة والصدق، فإنه يصدم هؤلاء الذين يدعون الحكمة بقوله: «يمكنك أن تدعي الحكمة، لكن احذر من خداعها لك، وتخليها عنك وقت الحاجة»، ثم يخاطب النفس، في لحظة تشتبك فيها مع عالمها الخارجي، بقوله: «لا تخجل من الاعتراف بالخطأ حتى لا تمنح الخطأ ذاته فرصة للخجل منك». هنا نستخلص منطقه في الخلاف، ومن ثم التقاط خيط رفيع ليشد انتباهنا بعد أن يزيل الغشاوة ويستجلي الرؤية، فيخفف من عبء ما تحمله النفس من غرور وصدود.