ميسا قرعة: الأغاني العربية مباشرة
جسر جديد بين الشرق والغرب، تسعى الفنانة اللبنانية ميسا قرعة إلى مده عبر صوتها وما تقدمه من أعمال غنائية تجمع بين الموسيقى العربية والغربية. معتبرة أن هناك نقصاناً في هذا المجال، وأن هناك الكثير من الجوانب الثرية في الموسيقى العربية تحتاج إلى من يقدمها للعالم بأسلوب جذاب وبسيط. واعتبرت أن الأغنية الغربية تتميز بانفتاحها بطريقة كبيرة على موضوعات مختلفة، وكثير من هذه الأغنيات تحمل كلماتها معاني عدة، يمكن أن يشعر كل شخص أنها تتحدث عنه، بطريقة أو بأخرى، وهو شيء تفتقده الأغاني العربية لأن معظم كلماتها مباشرة إلى درجة كبيرة.
معانٍ مختلفة قالت الفنانة ميسا قرعة: «أعتقد أن هنالك أغاني جيدة، وفي المقابل هناك موضوعات معينة مازالت بعيدة لم يتم تناولها في الأغاني العربية، بينما تتميز الأغاني الغربية بانفتاحها بطريقة كبيرة على موضوعات مختلفة، وكثير من هذه الأغنيات تحمل كلماتها معاني متعددة، يمكن أن يشعر كل شخص بأنها تتحدث عنه، بطريقة أو بأخرى، على سبيل المثال أغنيتي (أوفر اجين)، تعبر عن أمر شخصي لكنها تحمل معاني مختلفة، فالإنسان في الواقع يتأثر بما يحدث له من إحباطات، ولكن لابد ان يقتنع بأنه قادر على تخطي هذا الأمر وأن الحياة تستمر، وفي الوقت نفسه، تعبر الأغنية عن موضوعات أخرى مثل حقوق المرأة، لأنها تدعو المرأة إلى التعبير عن مشاعرها والحديث إلى شريك حياتها لحل مشكلاتهما، بما يساعد على تجاوزها». تقليد انتقدت الفنانة الشابة ميسا قرعة اتجاه عدد من الفنانين العرب للتشبه بالغرب فيما يقدمه من أغان وموسيقى، رغم ان الموسيقى العربية أصعب وأكثر ثراء وهناك الكثير منها غير معروف للغرب ويحتاج إلى من يعرف العالم عليه. |
وأوضحت قرعة في حوارها مع «الإمارات اليوم» أنها تسعى في ما تقدمه من موسيقى إلى إيجاد نمط موسيقي عربي دون الإغراق في الطابع العربي، حتى يتمكن المستمتع الغربي من تذوقه، دون أن تفرض عليه الموسيقى العربية الصرفة. مشيرة إلى أن الجمع بين حضارات مختلفة، وتقديم الموسيقى والثقافة العربية للآخر، لابد أن يسبقهما تقبلنا للحضارات الأخرى، وأن نقترب منها بالتدريج دون التشبث بقواعد الموسيقى كاملة، وهو ما تجرب تحقيقه.
وأشارت الفنانة التي ستدشن عالمياً أول ألبوم فردي لها خلال «مهرجان أبوظبي 2015» وتحيي واحدة من أمسياته الغنائية، إلى أن المهرجان هو النقطة الأنسب للانطلاق، والبوابة التي ستبدأ منها جولتها ومشوارها، في ظل حرصها على أن تنطلق من الشرق الأوسط، الذي يمثل بيتها، والجمهور الذي أحب ما تقدمه من موسيقى ويعرف ما تحمله من فكر وخلفية أكاديمية وموسيقية. موضحة أن الحفل الذي ستحييه ضمن أمسيات «مهرجان أبوظبي» سيتضمن ثلاثة أقسام: الأول تقدم فيه موسيقى تقليدية عربية مع موسيقيين عرب يقودهم المايسترو بسام صابا قائد «أوركسترا نيويورك العربية»، لتنتقل في القسم الثاني إلى موسيقى «الفيوجن» بطريقة سلسة، ويرافقها المغني ماركس ناند، ثم تنتقل إلى موسيقى الروك بمصاحبة موسيقيين عالميين صاحبوا قبل ذلك عدداً من أهم النجوم في العالم مثل مادونا وكريستينا اجليرا، وهيوتني هيوستن، وسانتانا وغيرهم. بينما تختتم الحفل بأغنية خاصة مقدمة إلى أبوظبي والعالم العربي. كما ذكرت أن مشاركتها في «مهرجان أبوظبي 2015» ليست الأولى لها في الإمارات، حيث حلت من قبل ضيفة على مهرجان دبي السينمائي، عندما عرض المهرجان الفيلم الهوليوودي «أميركان هاسل» الذي قدمت فيه أغنية «وايت رابيت»، حيث قدمت الأغنية على المسرح مباشرة بعد عرض الفيلم، ولاقت ترحيباً واسعاً من الجمهور.
وكانت ميسا قرعة قد قدمت نفسها للجمهور العالمي والعربي من خلال أغنية «وايت رابيت» التي تضمنها الفيلم الأجنبي «اميركان هاسل» الذي رشح لعدد من جوائز الأوسكار، كما تم ترشيح ألبوم أغاني الفيلم لجائزة غرامي التي ستقام في فبراير المقبل. مشيرة إلى أن ترشيحها للمشاركة في الفيلم جاء بينما كانت توجد في لبنان، وتلقت مكالمة من المنتجة دون ألدر، تخبرها أنها مرشحة ضمن خمسة أصوات أخرى لتغني أغنية فيلم «أميركان هاسل» الذي يضم عدداً من نجوم هوليوود على رأسهم روبرت دي نيرو، وطلبت منها ان ترسل تسجيلاً للأغنية بصوتها، ولأن الوقت كان متأخراً ولم تجد استديو صوت مفتوحاً في ذلك الوقت، قامت قرعة بتسجيل الأغنية بهاتفها المحمول الـ«آي فون» وأرسلتها للشركة المنتجة، وهي تشعر ان فرصة اختيارها ضئيلة جداً، وكانت المفاجأة أنها تلقت رسالة من الشركة تخبرها باختيارها لأداء الأغنية ومعها تذكرة السفر لتقوم بذلك.
وعن الجمهور الذي تتوجه إليه بألبوماتها، قالت إن كل ألبوم تقدمه تنوي أن تتوجه به لجمهور مختلف حسب مضمون الألبوم، والألبوم الذي تحضره حالياً يستهدف الجمهور الأميركي بشكل أكبر لأنه يتضمن أغنيات باللغة الإنجليزية بمصاحبة موسيقى عربية، لأن هناك غياباً لهذا النوع من الأعمال، مضيفة: «هناك فنانون عرب متميزون جداً نقدرهم ونسمع لهم، ولكن قليلاً منهم تمكن من أن يبني جسراً يصل بينه وبين الجمهور الغربي، ومعظم الحفلات العربية التي تقام في الغرب يكون جمهورها من العرب المقيمين هناك، وقلة من الغربيين من متذوقي الموسيقى العربية، ولذا أضع على رأس أولوياتي أن انقل صدى صوتنا إلى الخارج، لكن هذا الأمر لا يمنعني من تقديم ألبوم بالعربي للمستمع العربي في وقت لاحق».
مثل كثير من الفنانين الذين يقدمون أعمالاً لا تتسم بالطابع التجاري، تقوم ميسا قرعة بإنتاج أعمالها على حسابها الخاص، موضحة: «أشتغل كثيراً على ما أقدمه من موسيقى وإلى الآن لم اجد من يضعها أعمالي في المكانة المناسبة لها، ولذا أعتقد أنني لابد أن أؤمن بما أقدمه وبنظرتي الخاصة للموسيقى، ولذا اعتمد على نفسي في الإنتاج ويساعدني فريق عمل متميز على رأسه مديرة أعمالي، كما أقوم بكتابة كلمات بعض الأغاني التي أقدمها، وأستعين بكتابات آخرين في بعضها، فأنا لا أحصر نفسي في شيء، وأتقبل أي أغنية أو فكرة طالما شعرت بأنها تليق بي».
وقالت قرعة أن اختيارها لهذا الاتجاه في الغناء لم يأتِ لأن هناك نقصاً فيه فقط، ولكن لأنه أيضاً يعبر عنها وعن شخصيتها. موضحة أن الجماهيرية والانتشار ليسا الهدف الأهم بالنسبة لها بقدر ما تسعى إلى تقديم ما تؤمن به ويمثلها، لافتة إلى انها اختارت هذا الطريق بعد دراسة للموسيقى التقليدية العربية من خلال نشأتها في لبنان، ومعرفتها بالموسيقى والثقافة الأميركية بانتقالها للعيش في أميركا واختلاطها بالناس هناك وموسيقاهم وثقافتهم.