«كيف تفك شفرة الصورة».. رحلة في عالم التصوير
ياسر علوان: مكتبتنا العربية فقيرة في «الفوتوغرافيا»
بأسلوب رشيق، يأخذ الفنان ياسر علوان القارئ إلى التفاصيل الدقيقة لعالم التصوير، حريصاً على أن يظل ممسكاً بقارئه من يده، ليصل به إلى نهاية رحلة ممتعة في هذا العالم.
كتاب «مرآة أم نافذة: كيف تفك شفرة الصورة الفوتوغرافية»، صادر من دار المروج في القاهرة قبل نحو شهر، ويقع في 138 صفحة، ويتألف من أربعة فصول.
في الشارع المصري يخصص ياسر علوان فصلاً كاملاً، لاستعراض صور التقطها بنفسه في الشارع الشعبي المصري، قد لا يتوقف الإنسان العادي عندها كثيراً، لكنها في صلب المعيشة، وفي صلب الكيان الإنساني في المجتمع المصري، وإن كان هناك من سيقف متنمراً للدفاع في مواجهة اتشويه صورة مصرب. وأفرد الكاتب فصلاً كاملاً فيه سرد ممتع لتاريخ الفوتوغرافيا وكيف نشأت. ووضع ملحقاً في نهاية الكتاب فيه رؤية الشيخ الإمام محمد عبده للصور والتماثيل وحكمها. |
يبدأ علوان، الذي يدرّس التصوير في الجامعة الألمانية في القاهرة، في التمهيد للكتاب بالحديث عما دعاه لكتابته: «لقد كانت كل قراءاتي بالإنجليزية والفرنسية، حيث توجد آلاف الكتب العلمية والفنية والنقدية والتاريخية والتقنية عن الفوتوغرافيا، مقارنة بمكتبة عربية فقيرة جرداء في المجال نفسه».
ويشير علوان إلى أننا نرى ما تعكسه الصورة، وننسى الصورة ذاتها «وفي كل مرة ننظر فيها إلى الصورة الفوتوغرافية، نجد أنفسنا نتحدث فقط عما تعكسه، في حين نتجاهل الصورة كوسيط».
ويستعرض الكاتب أنواع التصوير الفوتوغرافي، فيقول إنه ينقسم إلى ثلاثة أنواع: الصحافي والتوثيقي والحديث.
ويعترف علوان، وهو أميركي من أصل عراقي، بأنه لا يمكن إنكار عامل الحظ أو الصدفة في الفوتوغرافيا، لكنه لا يرى عيباً في المصادفة بأن تكون هناك كاميرا في المكان واللحظة المناسبين «وهذا من جمال الفوتوغرافيا، وليس عيباً». لكن الكاتب يسوق مثالاً هو الفنانة ديان أربس، التي صنعت أكثر من 100 «بورتريه» في حياتها. «فهل كان كل ذلك نتاج ضربات الحظ؟».
ويخصص الكاتب فصلاً بأكمله، ليتحدث عن صورة مصر في الفوتوغرافيا عبر التاريخ، وصولاً إلى عصرنا الحديث، فيسرد قصة المصور ماكسيم دو كامب، الذي جاء بتكليف رسمي من الحكومة الفرنسية عام 1849، لتصوير الآثار المصرية، ويتعمق في تفاصيل عمله، استناداً إلى كتاب ألفه ومصادر أخرى، ليحلل نفسية هذا المصور وعلاقته بعمله، وبموضوع التصوير، وبرؤيته للتصوير في حد ذاته، وعلاقته بمن زاملوه وساعدوه في عمله.
ويناقش الكاتب منظور مؤسسة ناشيونال جيوغرافيك الفوتوغرافي لمصر، فيقول إن موقع «ناشيونال جيوغرافيك» الإلكتروني يظهر لمصر طبيعة صحراوية، وشريط النيل، والمعمار الإسلامي، والفن الفرعوني، والأهرام، والمعابد، والتحف الخاصة بحضارة مصر القديمة، ورغم أنها بجودة عالية من الناحية التقنية، فإنها ترسم لمصر صورة لا علاقة لها بالوقت الحاضر؛ فمصر في تلك الصور بلد جميل أسطوري عظيم، لكنها غير مصر التي يعيش فيها 90 مليون نسمة اليوم.
ويعلق علوان «قد تكون صور (ناشيونال جيوغرافيك) وسيلة جميلة للهروب الذهني والعاطفي والنفسي من البلد الذي يعاني.. لعبت مجلة ومؤسسة ناشيونال جيوغرافيك دوراً في تصنيع هذا الوضع، ومادامت هذه الصور تجذب بشراً بالملايين، و(مادامت) شركات السياحة تعمل، فما المانع؟».
ويستعرض الكاتب، علاقة الشعب المصري بالتصوير، من واقع تجربته، فيقول إنه عبر 20 سنة، لا يمكنه حصر المرات التي قال فيها أفراد له في مناطق شعبية مختلفة من القاهرة مثل الوايلي وشبرا الخيمة ودار السلام والبساتين وحلوان: «ما تروح تصور الأهرام يا عم». ويحكي أن استوديو التصوير كان كالمسرح «لصناعة الأحلام، وتقديم أنفسنا بأي طريقة تعجبنا، أو كما نحلم أن نكون بملابس لا نرتديها أبداً، أو حتى بملابس لا نمتلكها»، مؤكداً أن للخلفيات في الاستوديو دوراً كبيراً في تصنيع مساحة خيالية أو عادية، يبدو فيها الشخص المصور كما يتخيل نفسه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news