خليفة بن مجــرن: الصيد بـ «الصقور» مثابرة وأسرار

هو أحد أكثر الذين يحافظون على المشاركة في مختلف بطولات الصقور المحلية عموماً، وبطولات فزاع التراثية خصوصاً، وتكرار حضوره على منصة التتويج جعل منافسيه يلقبونه بـ«حاصد الجوائز»، لدرجة أن البعض يعتقد أن وجود الصقار خليفة بن مجرن في إحدى بطولات الصقور، دلالة على معرفة هوية الفائز، لاسيما أن بن مجرن هو صقار ضمن فريق مميز في هذا المجال، وهو فريق «ناس»، الذي يضم أيضاً إلى جانبه شقيقه عوض بن مجرن.

إهداء إلى «فزاع»

قال خليفة بن مجرن، عضو فريق «ناس» الذي حاز المركز الأول في بطولتي فخر الأجيال والنخبة للصيد بالصقور التي نظمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، ضمن كوكبة بطولات فزاع: «أجمع الفريق على إهداء هذا الفوز لسموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي». وتابع: «أحياناً نسأل أنفسنا كمهتمين بموروث الصيد بالصقور، عن حال هذه المهارة التي ارتبطت بالآباء والأجداد، ومن ثم هوية المكان، في حال عدم وجود كل هذا الاهتمام والزخم، الذي يترجم عبر نخبة من أهم بطولات الصيد بالصقور، إقليمياً ودولياً، ممثلة في بطولات الصيد بالصقور بفئاتها المختلفة». وأكد بن مجرن أن «هناك تواصلاً رائعاً بين الأجيال أفرزته هذه البطولات التي تقام برعاية مباشرة من سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، وينظمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، والدليل تخصيص مسابقات خاصة للناشئين والأطفال، وهي بطولات سيكون لها أثر كبير في ضمان امتداد الموروث في الأجيال المقبلة، على الرغم من العولمة التي تتعاظم حولنا».

لا حدود للطموح

على الرغم من تلقيبه بصائد البطولات، وحقيقة أنه وشقيقه عوض بن مجرن أكثر الرابحين على الدوام في بطولات فزاع التراثية، حينما يكونان طرفاً في بعض مسابقاتها، إلا أن خليفة بن مجرن يؤكد أن «أفق المشاركة في بطولات الصيد بالصقور ضمن البطولات التراثية التي ينظمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، لايزال مفتوحاً».

الأهمية لدى بن مجرن لا تعود للقيمة المادية للجوائز، حيث يضيف «نعتمد على صقورنا التي ننتخبها من مزرعة ترفد فريق (ناس) نشرف على تربية صقورها، وهي موجودة في اسكتلندا، لكننا نعمد إلى جلب الطيور الممتازة منها في توقيت مناسب من أجل تأقلمها مع اختلاف الطقس، قبل أن يتم تأهيلها للمشاركة في البطولات».

والمتابع لبطولات الصيد بالصقور يرصد أن ظهور منافسين جدد، هو أهم ملامح هذه البطولات، وأن هناك على الدوام وجوهاً تتميز ثم تختفي في عالم الصيد بالصقور، وقليلون هم من يحافظون على مستوى طيورهم. فعلى الرغم من أنها من الهوايات المحببة في دولة الإمارت والمنطقة، إلا أنها تحتاج إلى مجهود كبير بالنسبة للصقار الساعي لتحقيق مراكز متقدمة وسط منافسة شديدة لأفضل الطيور وأمهر الصقارين.

وعلى مدار موسم البطولات التراثية جاء خليفة بن مجرن الأكثر حصداً للجوائز، سواء في منافسات فئات الصقور المختلفة، خصوصاً بطولة فخر الأجيال، أو عبر بطولة النخبة، التي تشهد مشاركة أفضل سلالات الطيور في الدولة، حيث حصد بن مجرن في المنافسات الأخيرة جوائز متعددة، رفعت قيمة جوائزه النقدية من بطولات الصيد بالصقور ضمن البطولات التراثية التي ينظمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث إلى العديد من سيارات «بنتلي» و«رنج روفر» و«لاند روفر» وغيرها، بالإضافة إلى ملايين الدراهم.

ثالوث المهارة والمثابرة والإصرار من أهم اسباب نجاح الصقار، من وجهة نظر بن مجرن، الذي يرى أن إحجام الصقارين عن ذكر الكثير من تفاصيل مهارات تربيتهم وتدريبهم لطيورهم ظاهرة طبيعية، يعرفها كل من ينتمي إلى هذا المجال، فيما تبقى هناك أهمية كبيرة للعين الخبيرة التي تنتخب الصقر الماهر، الذي يحتاج رغم ذلك إلى مثابرة من أجل تأهيله،

على الرغم من ذلك تبقى القيمة التراثية لإحياء مهارة الصيد بالصقور مقدمة عند بن مجرن الذي يضيف لـ«الإمارات اليوم»: أن «الصيد بالصقور هو أهم اشكال الموروث المحلي الإماراتي على الإطلاق، لارتباطه بخصوصية البيئة الصحراوية وتوظيف الصقر في مهمات الصيد، ليس لغرض ترفيهي أو هواية لدى الآباء والأجداد، بل من أجل الحصول على القوت اليومي، فضلاً عن الارتباط الكبير الذي نشأ بين سكان البادية خصوصاً وصقورهم، من خلال ارتباط يتجاوز الغرض المباشر للصيد».

وتابع: «الصقار المتميز الذي يحقق انتصاراً تلو الآخر في بطولات فزاع للصيد بالصقور، لا تزيده المنافسة القوية إلا عزيمة وإصراراً على تحقيق نتائج مميزة واحتلال المراكز الأولى، لكن الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع، هي أن تكون صقّاراً ليس بالأمر السهل، فالصقر يحتاج إلى مجهود كبير خلال فترة التحضير التي قد تصل إلى ستة أشهر كي يصبح جاهزاً للسباق».

وأضاف «بالنسبة لي فأنا أشارك في السباقات من فترة طويلة وأعرف الخطوات التي يجب القيام بها لتهيئة وتجهيز الطير في الوقت المحدد والمشاركة في البطولة، نحرص على تمرين الطيور بشكل متواصل كي تحافظ على مستواها لكن دون أن نجهدها في التمرين».

وعما إذا كان تكرار وتوالي البطولات يعني أن الطيور التي يشارك بها في المسابقات الحديثة هي طيور هذا الموسم فقط أم طيور مشاركة في مواسم سابقة، قال بن مجرن «هناك طيور شاركت في هذا الموسم لأول مرة، وطيور شاركت في الموسم الماضي. في الحقيقة، ليس من السهل أن تحافظ على مستوى الطيور المشاركة في الموسم الماضي ودفعها إلى مضمار السباق في هذا الموسم، لذلك، نحرص على اختيار الطيور المتميزة والقوية فقط للمشاركة في أكثر من موسم».

التحسب الأهم في هذا الأمر حسب بن مجرن هو أن مشاركة الطير في السباقات لأكثر من موسم قد تؤدي إلى إرهاقه، حيث يضيف أنه إذا كان التحضير للسباق من خلال التمرين القوي لفترة طويلة، فإن ذلك من شأنه أن يرهق الطير، وينعكس ذلك سلباً على أدائه في السباق، لذلك نحن نضع في الاعتبار وزن وقوة الطير وهو الأمر الذي ينطبق على لاعب كرة القدم على سبيل المثال، فإذا شارك اللاعب في مباريات قوية ومتلاحقة عدة يتعب، الشيء نفسه ينطبق على الطير، لذلك نقسم أيام الأسبوع بشكل متساوٍ بين التمرين والراحة مع المحافظة على نظام غذائي محدد، يمكن الطير من المنافسة طوال بطولات الموسم.

ولا يمانع عضو فريق «ناس» أن يسهم في نشاط خاص بالصقّارين الناشئين أو مدرسة للأطفال خلال أيام العطلات لتعليم الصغار أو الناشئين فنون الصيد بالصقور، ويؤكد أنه في حال تم طرح هذه الفكرة فسيكون أول الصقارين الذين يقدمون المساعدة، مضيفاً «سأقدم كل ما أملك من خبرة لتعليم الصغار أو النشء هذه الرياضة خصوصاً أنها رياضة الآباء والأجداد». ويعتمد بن مجرن وكذلك فريق «ناس» على صقور خاصة تنتج في مزرعة للصقور في إسكتلندا، مضيفاً «نحاول انتقاء المميز منها للمشاركة في السباق، كما نحاول تطوير نسل الطيور سواء للتهجين – بين الشاهين والجير مثلاً – أو لطيور البيور. ونحن نتابع الطيور التي تحقق نتائج جيدة ونقوم بتحسين سلالاتها، فالطيور التي نشارك بها في السباقات يتم إحضارها من المزرعة في إسكتلندا».

ولكي لا يواجه الصقر صعوبة في التأقلم بين جو إسكتلندا البارد وجو الدوله الحار نوعاً ما خلال موسم المسابقة يعمد بن مجرن إلى جلب الطير في جو مناسب، وغالباً ما يكون في أواخر سبتمبر، مضيفاً «بعدها لا نخرج الطير إلى البر في هذا الجو مباشرة، ثم نقوم بتدريبها داخل مستودعات كبيرة مكيّفة حتى تعتادها، ثم نختار أوقاتاً تكون خلالها الحرارة والرطوبة معتدلة، مثلاً وقت الفجر أو المغرب، ليبدأ التدريب خارجاً».

الأكثر مشاركة