تخصيص 2015 للاحتفال بمرور 100 عام على ميلاده

صلاح فضل: فكر لويس عوض ضروري لطرد «الأرواح الشريرة»

صورة

قال الناقد الدكتور صلاح فضل إن المفكر والناقد الراحل لويس عوض يمثل ظاهرة حقيقية في الثقافة العربية، معتبراً أن فكر لويس عوض الذي بدأ به منذ أربعينات القرن الماضي هو الذي نحتاجه حالياً، «لأنه يجذبنا إلى قلب الواقع الراهن في الفكر العالمي، ويطرد عنا كل الأرواح الشريرة التي غزتنا في العقود الأخيرة».

أهم أدواره

اعتبر صلاح فضل أن المفكر الراحل؛ مارس أهم أدواره بعد أن اختاره الكاتب الصحافي محمد حسنين هيكل ليشرف على الصفحة الثقافية في جريدة «الأهرام»، بعد ان طُرد من عمله في الجامعة، فكان الإعلام الثقافي هو المنطلق الحقيقي لأفكاره الليبرالية، كما نشأت على يدي عوض تيارات شعر التفعيلة، وكان يستقطب الكتاب والشعراء الشباب ويقرأ معهم أعمالهم، وتتلمذ على يديه الشاعر صلاح عبدالصبور، كما كان من أكبر الداعمين للحركة المسرحية النشطة التي كانت تشهدها مصر في الستينات، واهتم عوض باستقطاب كثير من الشباب، ومن خلال كتاباته النقدية في الصحيفة أسهم في تشكيل ذائقة ملايين القراء.


«فقه اللغة» جدل وشكوك

شكّك د. صلاح فضل في أن يكون د. لويس عوض قد كتب بمفرده كتابه الأشهر «مقدمة في فقه اللغة العربية» الذي أثار جدلاً واسعاً عند طرحه عام 1980، معرباً عن اعتقاده أن يكون هناك فريق عمل ساعد عوض في كتابة مادة الكتاب الذي اعتبر هجوماً حاداً على اللغة العربية والدين، نظراً لربط كثير من النقاد بين الدين واللغة العربية، ولذا تمت مصادرته ومنعه من التداول، ولم يسمح بتداوله إلا من شهرين ماضيين، لافتاً إلى أن الكتاب الثاني الذي أثار جدلاً، هو «أوراق العمر» الذي كتب فيه المفكر الراحل سيرته الذاتية، وهو من أعمق ما كتب في هذا النوع.

وتحدث فضل، خلال الأمسية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، فرع أبوظبي، مساء أول من أمس، في مقره بمعسكر آل نهيان، والتي تأتي تفعيلاً للمقترح الذي تقدم به الاتحاد بتخصيص عام 2015 ليحمل اسم لويس عوض بمناسبة مرور 100 عام على ولادته، عن الكاتب الراحل وملامح فكره، مستعرضاً محطات رئيسة في حياته وفي إنتاجه الفكري.

وتوقف د. صلاح فضل أمام الخواص الجوهرية والأسس الحقيقية في فكر لويس عوض، التي استشفها من خلال حواراته الشخصية معه، ومن أبرز هذه الخواص أنه كان مثقفاً ليبرالياً من الطراز الأول، خصوصاً أنه تتلمذ على يد الدكتور طه حسين، وسلامة موسى، وتأثر بفكرهما، كما كان لديه شغف شديد بالثقافة الأوروبية، وقد عصمته ليبراليته من أن ينخرط في التيار الذي انخرط فيه المتحررون من أمثاله، وهو التيار الماركسي، مشيراً إلى أن عوض بدأ مبدعاً متمرداً، وكتب ثلاثة كتب قبل أن يكمل عامه الـ30، كل منها يعتبر ثورة، هي: ديوان «بلوتو لاند وقصائد أخرى» الذي قال في مقدمته إنه سيكسر رقبة البلاغة العربية، ليخرج عن كل الأعمدة الشعرية سابقاً الشعر الحر بسنوات، والكتاب الثاني هو «مذكرات طالب بعثة» الذي كتبه بالعامية المصرية، ودوّن فيه تجربته عندما أوفد في بعثة دراسية، ولم يستطع نشره إلا بعد 20 عاماً، لأنه لم يجد ناشراً يقامر بسمعته ويطبع كتاب العامية. أما الكتاب الثالث فهو رواية «العنقاء» التي تعتبر الأهم لديه، وهي ذات قيمة توثيقية، لكنها لا تضارع أعمال كتاب من جيل عوض، مثل نجيب محفوظ وغيره. وأوضح فضل أن تجربة لويس عوض في السجن خلال حكم الرئيس جمال عبدالناصر كان لها أثر كبير في شخصيته، فقد كسرت روحه، وبعد خروجه اتخذ سياسة جديدة بعيدة عن التمرد.

من السمات الأساسية في فكر لويس عوض أيضاً، بحسب ما ذكر د.صلاح فضل، أنه كان علمانياً بالفطرة، وهو ما كلفه الكثير لأنه اصطدم بالأصولية الدينية، كما في معركته الشهيرة مع الشيخ محمود شاكر، أكبر محققي التراث في مصر، الذي شن هجوماً شديداً عليه بسبب فكره، واضطر عوض إلى الدفاع عن نفسه باستماتة من خلال مجموعة كبيرة من المقالات، لافتاً إلى أن المفكر الراحل قاوم التيارات الرجعية والأصولية بالدرجة نفسها التي قاوم بها الماركسية المتطرفة، واتجهت كتاباته إلى تسفيه دور الآباء الدينيين للنهضة المصرية، مثل الشيخ جمال الدين الأفغاني الذي كان يراه شخصية مبهمة، بينما احترم تجربة الإمام محمد عبده. وعن علاقة مصر بالعالم العربي؛ كان لويس عوض من دعاة الثقافة المصرية، مع إيمانه بأن الحرف العربي هو الجامع للثقافة، وأن علاقة مصر بالعروبة تقوم على قرابة فكر ولغة وليست على عرق ونسب.

تويتر