جواهر القاسمي: اللاجئون قضية العرب أجمع
أكدت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن «قضية اللاجئين السوريين هي إحدى أكثر حالات اللجوء مأساوية في التاريخ، وأن تبعاتها وتأثيراتها السلبية ستتفاقم عليهم وعلى المجتمع العربي، إذا لم تتضافر الجهود الدولية والعربية لدعمهم ومناصرتهم»، داعية المجتمع العربي لحشد الدعم لمناصرة اللاجئين والنازحين والمهجرين في الدول العربية، التي تشهد ظاهرة لجوء ونزوح كبيرة.
%53 من اللاجئين في العالم قالت سمو الشيخة جواهر القاسمي إن زيارتها إلى مصر جزء من سعيها لمتابعة تفاصيل قضايا وشؤون الأطفال اللاجئين، وحشد الدعم من أجل الإسهام في بلورة آليات عامة، يتم العمل من خلالها وعلى ضوئها، لتلبية احتياجات اللاجئين. وشددت سموها على أن «قضية اللاجئين، وفي ظل تزايد الأعداد بشكل متواصل، واستمرار الأزمات في عدد من الدول العربية، غدت متعلقة بمستقبل الوطن العربي وتطوره ونمائه، حيث يُعد الوطن العربي أكبر مناطق العالم من حيث أعداد اللاجئين والنازحين، سواءً على صعيد استقبال أو خروج اللاجئين، فحسب التقارير والإحصاءات الدولية فإن الوطن العربي من بين أول خمس دول مستقبلة للاجئين في العالم خلال عام 2014، وأن المنطقة العربية التي تضم أقل من 5% من مجموع سكان العالم، يتجاوز نصيبها 53% من مجموع اللاجئين بين جميع مناطق العالم. |
وقالت سموها إن «اللاجئين في الوطن العربي قضية العرب أجمع، ومستقبلهم مستقبلنا جميعاً»، مؤكدة أن «قضية اللاجئين لن تحل باستذكار معاناتهم الإنسانية واستعراضها فقط، بل نحن بحاجة إلى تطوير الآليات العربية والدولية لحماية اللاجئين بشكل عام، وحماية مستقبل الأطفال اللاجئين تحديداً، في ظل استمرار النزاعات والحروب في بلدانهم، وطول أمد اللجوء».
وأشارت سمو الشيخة جواهر القاسمي إلى أن استمرار النزاعات في سورية أدى إلى لجوء نحو أربعة ملايين سوري، خلال السنوات الأربع الماضية، منهم ثلاثة ملايين و900 ألف مسجلون لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ومئات الآلاف غير مسجلين. وأضافت سموها، خلال زيارة مدرسة 6 أكتوبر الشاملة في مدينة 6 أكتوبر المصرية، أن «هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين أدت إلى تشكيل ضغط هائل على موارد دول الجوار السوري، التي تحملت أكبر نسبة استقبال للاجئين، وتحاول حتى اليوم توفير متطلباتهم من مأوى ومسكن وماء وكهرباء، ولكن لايزال هنالك الكثير لتأمين حياة كريمة لأولئك اللاجئين، وهذا يتطلب دعماً عربياً ودولياً، والعمل ضمن إطار موحد لحماية مستقبل اللاجئين».
وتضم مدرسة 6 أكتوبر الشاملة عدداً كبيراً من الطلاب اللاجئين السوريين، ومركز تضامن المجلس المصري متعدد الثقافات للاجئين، ومكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ودعت سموها المجتمع العربي، من حكومات وصناع قرار ومنظمات غير حكومية والمجتمع المدني، إلى المبادرة بالوقوف إلى جانب أشقائهم من اللاجئين السوريين، من خلال تقديم الدعم الكافي وتوظيفه لتأمين احتياجاتهم والاستثمار في مستقبلهم ومستقبل المنطقة، مشددة على ضرورة العمل ضمن إطار عربي دولي موحد، لتحقيق أكبر فائدة من الدعم المقدم، وتفادي تشتيت المساعدات والخدمات وتكرارها في بعض المناطق، مؤكدة أن «اللاجئين في الوطن العربي قضية العرب أجمع، ومستقبلهم مستقبلنا جميعاً». ولفتت إلى أن نتيجة الأوضاع الراهنة، التي تشهدها مجموعة من الدول العربية، أمضى الكثير من الأطفال أهم سنوات طفولتهم لاجئين، ومنهم من ولد في دول اللجوء، وأصبح الآن في سن الرابعة أو الخامسة بعيداً عن بيته وموطنه، ومع ذلك فلاتزال لديهم العزيمة للتعامل مع أوضاعهم الحالية، إذا تحمل المجتمع العربي والدولي والمنظمات المعنية والمجتمع المدني مسؤوليتها الإنسانية تجاههم.
وأكدت المناصرة البارزة للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن «التعليم يبقى محور الاحتياجات التي يجدر بالعالم أجمع أن يجعله هدفاً لانتزاع اللاجئين الأطفال من مخاطر الأمية ومضارها، خصوصاً أمية العلم، وأمية القيم، فالتعليم يمد الإنسان بالاتزان الفكري والنفسي، وبالثراء المعرفي والعلمي، وبين الاتزان والثراء نبني إنساناً للمستقبل، ننقذه من مستنقع آثار الحروب التي قد تحيل هؤلاء الأطفال إلى أفراد غاضبين حاقدين، راغبين في الانتقام من كل شيء، لا إلى أفراد مشاركين في تعزيز وجود السلام والمحبة في العالم»، مشيرة إلى أنه من خلال التربية والتعليم سيكون تحقيق الاحتياجات الأخرى ممكناً، مع الشعور بالأمان والتصالح مع النفس والواقع. وأضافت «هنالك أكثر من 600 ألف طفل لاجئ سوري لا يذهبون إلى المدارس، ولا يمكن أن تنجح أي جهود إذا لم تضع نصب أعينها التعليم وضرورة تأمينه للأطفال اللاجئين كافة».
وأشادت سمو الشيخة جواهر القاسمي بدور وجهود ودعم مصر والأردن ولبنان، وما تقدمه من دعم للاجئين، وفي التعامل مع قضاياهم عموماً، والأطفال اللاجئين خصوصاً. ولفتت سموها إلى أن المفوضية السامية تسعى إلى تطبيق مبادئ الشارقة، التي خرج بها مؤتمر الاستثمار في المستقبل، الذي استضافته إمارة الشارقة في أكتوبر العام الماضي.
وكان في استقبال سموها، لدى وصولها مبنى المدرسة، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون اللاجئين والهجرة، السفير طارق معاطي، ومديرة مديرية التربية والتعليم بمحافظة الجيزة، الدكتورة بثينة كشك، ومسؤولة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة في القاهرة، إليزابيث تان، ووكيل أول وزارة التربية والتعليم بالديوان العام بالقاهرة، الدكتور يوسف سليمان، ومسؤول التعليم في المفوضية بالقاهرة محمد شوقي، وعدد من المسؤولين في المفوضية ووزارة التربية والطاقم التدريسي بالمدرسة.
وتفقدت سمو الشيخة جواهر القاسمي، خلال الزيارة، الفصول الدراسية في المدرسة التي تضم أكثر من 320 طالباً لاجئاً سورياً وعربياً، إضافة إلى نحو 1000 طالب مصري، والتقت سموها خلال الزيارة مجموعة من الطلاب السوريين اللاجئين في المدرسة، وتحدثت اليهم، وحثتهم على مواصلة تعليمهم والاجتهاد من أجل مستقبلهم ومستقبل أوطانهم ووطنهم العربي الكبير. واستمعت سموها إلى شرح من إدارة المدرسة عما يقدمونه من خدمات تعليمية للطلبة اللاجئين السوريين، وما تحتاجه المدرسة لتطوير جودة الخدمات والتعليم هنالك، خصوصاً مع التزايد الكبير والمتواصل لأعداد اللاجئين السوريين في القاهرة، وتحديداً في مدينة 6 أكتوبر.
واستعرضت إليزابيث تان، خلال الزيارة، ما تقوم به المفوضية من جهود لتوفير التعليم الجيد للاجئين، بالتعاون مع وزارة التربية في مصر، ومع الجهات الخارجية المانحة، وفي مقدمتها مؤسسة «القلب الكبير»، مشيدة بدور سمو الشيخة جواهر القاسمي في مناصرة اللاجئين حول العالم ودعمهم، لتوفير حياة كريمة ومستقبل واعد لهم. وقالت «نحن ممتنون للدعم المهم المقدم من قبل سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، وقد أسهمت المنحة التي قدمتها سموها للمدرسة الشاملة في 6 أكتوبر في خفض الاكتظاظ بالفصول الدراسية، ما أسهم في توفير بيئة تعليمية أفضل للطلاب المصريين والسوريين في المدرسة».