«السوري» بعيداً عن لونه الســــــياسي
رغم ما يحمله عنوان المسلسل السوري «غداً نلتقي» من تفاؤل وأمل واضح في المستقبل؛ إلا أن أحداث المسلسل الذي يعرضه تلفزيون أبوظبي في شهر رمضان المقبل؛ بعيدة عن أجواء التفاؤل إلى حد كبير، حيث تدور أحداث العمل في بناء متهالك مهجور من أيام الحرب اللبنانية، تسكنه عدد من الأسر والشخصيات التي أجبرتها ظروف الحرب في سورية للبحث عن مكان آمن يعيشون فيه بشكل مؤقت، ويأمل عدد منهم في الهجرة إلى الخارج بطريقة أو أخرى، وبوجه عام يبدو الموت حاضراً في خلفية الأحداث.
تحت سقف واحد مسلسل «غداً نلتقي»، هو من تأليف وسيناريو وحوار أياد أبوالشامات وإخراج رامي حنّا، ومن إنتاج شركة «كلاكيت» للإنتاج والتوزيع الفني، وبطولة: مكسيم خليل، عبدالمنعم عمايري، كاريس بشار، محمد حداقي، فادي صبيح، منى واصف، ضحى الدبس، عبدالهادي الصباغ، نظلي الرواس، فوزي بشارة، تيسير إدريس، سوسن أبوعفار، جابر جوخدار، وغيرهم. وتتناول أحداث المسلسل مجموعة من الشخصيات تجتمع، بسبب الظروف في سورية، تحت سقف مبنى متهالك من مخلفات الحرب اللبنانية، ويضم نازحين سوريين من بيئات وطبقات مختلفة، وفي ذلك المبنى الكئيب، تسقط كل الأقنعة، وينغمس السكّان في هموم مشتركة وفي مواجهة مصير واحد. رهان تراهن الفنانة ناظلي الرواس على دورها في المسلسل؛ حيث تؤدي «خلود»، وهي شخصية مركبة تحمل الكثير من المشاعر والأحاسيس، متوقعة أن يمثل الدور نقلة في مشوارها الفني نحو خطوة أكبر، مشيرة إلى انها تطل في رمضان أيضاً من خلال عمل آخر هو مسلسل «العراب» من إخراج مثنى صبح، ورغم صغر مساحة دورها في المسلسل إلا أنه مهم، بحسب وصفها. ويؤدي الفنان فوزي بشارة شخصية أبورياض، السبعيني المسؤول عن المبنى، حيث يقوم بتأجير غرفة للنازحين، كما يعمل كوكيل «سفريات» لتهريب اللاجئين إلى أوروبا، مقابل 2500 دولار للشخص، لافتاً إلى ان العمل يقدم صوراً مختلفة لأوضاع السوريين الذين نزحوا من بلدهم. دونكيشوت يصف الفنان تيسير إدريس شخصيته في المسلسل بالدونكوشيتية، فهو يقدم شخصية أبوليلة السكير الفاقد للإحساس بالمسؤولية، وكثيراً ما يحكي قصصاً عن بطولات وهمية قام بها في الماضي دون أن يكون لها أساس. نماذج أوضح الفنان عبدالهادي الصباغ أن أحداث «غداً نلتقي» تحمل طابعاً تراجيدياً، لكن بتكوين ساخر، بالعمق في قراءة النفس البشرية من خلال نماذج مختلفة من البشر وما يمرون به من إحباطات وانكسارات، وما لديهم من طموحات وأحلام. |
وأوضح مخرج المسلسل، رامي حنا، أن العمل ليس متفائلاً على الإطلاق، ويحمل مبالغة مقصودة في الموت، وسخرية منه لتبرز كيف فقد الموت وقاره وصار حدثاً يومياً ليس له معنى أو خصوصية، وذلك من خلال مجموعة من الحكايات البسيطة التي يرتفع بها العمل ليمنحها أهمية أكبر، مشدداً على أن المسلسل لا يسعى لإدانة أحد الأطراف على الساحة السورية حالياً، بقدر إدانة ما حدث وآثاره على الإنسان السوري بعيداً عن التصنيف السياسي.
وقال حنا إن كتابة النص التي اشترك فيها مع مؤلفه إياد أبوالشامات استغرقت أربعة أشهر، ورغم سعادته بالتجربة، إلا أنه لم يحب تجربة الاشتراك في كتابة العمل، وفي إخراجه، لأنها تفقده الإحساس بطزاجة النص، لعلمه السابق بالأحداث، موضحاً خلال لقاء إعلامي في كواليس تصوير «غداً نلتقي» في لبنان بحضور عدد من ممثلي الصحافة الإماراتية والعربية، أن هذه التجربة الأولى له في الكتابة التي ترى النور، سبقها عدد من التجارب التي لم يكتب لها أن تنفذ.
وذكر حنا انه يشارك في المسلسل بالتمثيل أيضاً؛ فيقدم دور شاب يأتي للمكان طالباً الموت، وهي شخصية رمزية، بخلاف بقية شخصيات العمل التي تتسم بالواقعية، ولكن هذه الشخصية تمثل محكاً لبقية الشخصيات، مشيراً إلى أن تجاربه السابقة في التمثيل أضافت لعمله كمخرج، كما أضاف الإخراج له كممثل، وجعله كمخرج دائماً ما يتعاطف مع الممثل، ويحاول أن يخلق حالة من الارتياح خلال تصوير المشاهد.
وقال رامي حنا إن الاختلاف في الآراء والمواقف بين السوريين أمر إيجابي، لكن المشكلة تكمن في أن يتحول الاختلاف إلى خلاف بينهم، لافتاً إلى فكرة المسلسل في الجمع بين أشخاص من كل الطبقات ومن خلفيات مختلفة في مكان واحد بمثابة محاولة اكتشاف البعض من جديد، ورغم الاختلافات والخلاف السياسي يصبح عليهم ان يتعاونوا معاً لمواجهة ظرف الحياة القاسي. وأشار الفنان عبدالمنعم عمايري الذي يطل أيضاً في مسلسل «العراب» للمخرج المثنى صبح، إلى أنه يؤدي في المسلسل دور محمود، الشاب المأزوم، الذي يحمل أفكاراً معارضة، وإلى جانب موقفه السياسي والانساني، يحمل معاناة عاطفية بعد سفر زوجته إلى أميركا، وانتظاره أن يلحق بها بعد أن ترسل له التأشيرة، إلى ان يصدم بأنها تتعرف الى شخص آخر هناك. ويزداد واقعه تعقيداً في ظل مرضه بالسكري، وتتفاقم حالته نتيجة إدمانه للخمر. وعن طبيعة دوره وعلاقته بشخصيته ومواقفه في الواقع؛ قال عمايري انه فنان محترف، وليس شرطاً أن يقدم شخصيات تشبهه، فعليه أن يعبر عن ألم الناس ومعاناتهم، خصوصاً ان المشاهد العربي ذكي ولا يجب الاستهانة بذكائه.
من جانبه؛ ذكر الفنان مكسيم خليل ان دوره في العمل هو شخصية «جابر» وهو شاب سوري موالٍ للنظام السوري وتبنى كل أفكاره، وينزح إلى المبنى الذي تدور فيه الأحداث مع أخيه الشاعر محمود، صاحب الفكر المعارض. وكل منهما يعاني مرض السكري بالوراثة، وهو ما يحمل دلالات مختلفة، ويتنافس الاثنان على حب الفتاة نفسها، لافتاً إلى أن الاطار العام للمسلسل يعرض قصص اجتماعية للنزوح السوري خارج سورية، ومعاناة من خرجوا منها.
ونفى خليل أن يكون للتوجه السياسي للفنان دور في اختيار الأدوار التي يؤديها، مشيراً إلى أن الرأي الشخصي لا يرتبط بالعمل، فالفنان يجب أن يقدم كل وجهات النظر ويعبر عن مختلف الشخصيات في المجتمع.
بينما أوضح الفنان عبدالهادي الصباغ أن أحداث «غداً نلتقي» حمل طابعاً تراجيدياً، لكن بتكوين ساخر، بالعمق في قراءة النفس البشرية من خلال نماذج مختلفة من البشر وما يمرون به من إحباطات وانكسارات، وما لديهم من طموحات وأحلام، مشيراً إلى ان المسلسل ليس له علاقة بمواقف سياسية أو بالموالين والمعارضين، هو يتناول الانسان بشكل عام.