«عدسة» موضي الهاجري.. مفتونة باليمن
باعتزاز وفخر بما أنجزته، تروي الفنانة التشكيلية والمصورة القطرية، موضي الهاجري، تجربتها ورحلاتها المستمرة إلى اليمن عبر أكثر من ست سنوات، من أجل التصوير والتوثيق، من دون دعم من أي جهة أو مؤسسة، إذ كان كل ما قامت به من توثيق لمعالم عدة في 19 محافظة يمنية، من صنعاء إلى عدن إلى شبوة إلى صعدة، هو جهد خاص وشخصي، تخلله دعم مستمر من قبل زوجها.
معرض قالت الهاجري «لقد أقمت معرضاً خاصاً في الحي الثقافي (كتارا)، في قطر عن اليمن، تضمن نحو 500 صورة، واستمر المعرض على مدار شهر، وزاد عدد زواره على 20 ألف زائر»، مشيرة إلى أن وزارة السياحة اليمنية أقامت لها معرضاً في رواق بيت الثقافة في صنعاء عام 2013، بالتزامن مع احتفالات اليمن بالعيد الـ51 لثورة 26 سبتمبر، تضمن تلخيصاً لتجربتها على مدار ست سنوات، سلطت الضوء فيه من خلال كاميرتها على مختلف تفاصيل الحياة الاجتماعية والبيئية في اليمن، لافتة إلى أن ما قامت به يعكس مدى شغفها وعشقها وحبها وتعلقها باليمن وحضارته وشعبه، فهناك وجدت ضالتها، ولم تزر بلداً كوجهة سياحية بعد اليمن، ففيها ما يشبع حاجتها السياحية وأكثر، وما يسهم في تلبية طموح عدسة كاميرتها. بلاد.. وليس بلداً ذكرت المصورة موضي الهاجري أنها ألّفت كتاباً عن تجربتها التوثيقية في اليمن، حمل عنوان «رحلاتي في بلاد اليمن»، سيصدر قريباً جداً، مضيفة «أسميتها بلاد اليمن، وليس بلداً واحداً، نظراً لما تزخر به من آثار وتراث وأماكن متنوعة، فاليمن عشق يأسرك». |
وقالت الهاجري لـ«الإمارات اليوم»، على هامش مشاركتها في المعرض الأول للمصورات العربيات الذي نظمه اتحاد المصورين العرب في مقر جمعية الإمارات للفنون التشكيلية «عندما اكتشفت اليمن في أول رحلة لي، واكتشفت بعض ما فيه من كنوز وتاريخ وآثار ومعالم متنوعة، لم أقم بأي رحلة سياحية خارجه، فهي تكفيني وتزيد». وأشارت إلى أنها بدأت رحلتها اليمنية الأولى عام 2007، واستمرت المسيرة على مدار ست سنوات، بمعدل خمس أو ست رحلات سنوياً، ووصلت إلى ذروتها في ديسمبر 2012.
وأوضحت الهاجري أن رحلتها الأولى إلى اليمن كانت عادية جداً، ضمن فكرة تجول وسياحة عامة، لتكتشف أنها بلاد مملوءة بالكنوز والتراث والعمارة الزاخرة بالفنون والإبداع «عمارة تنبض بالحياة، وتمنحك إحساساً جارفاً بالمكان ومن عاش فيه، وتوفر لك فرصة استحضار التاريخ والتجوال فيه بكل حرية وفرح». وتابعت «زرت صنعاء القديمة، وعشت معها تفاصيل تاريخية عدة، ووثقت كل ذلك، وزرت عرش بلقيس، وهل لبلقيس عرش فعلاً؟ نعم إنه هناك في بلاد اليمن، حيث الحضارة والتاريخ والعراقة والجمال والناس الطيبون».
واستطردت الهاجري «عرجت على أجمل وأقدم ناطحات سحاب في العالم بنيت من الطين، ناطحات في محافظة شبوة، في جنوب اليمن، مبانٍ من الطين والحجر، الحجر الذي ينطق ويكشف عـما في جوف التاريخ والماضي، إنها قادرة على إعادة صياغة وبناء الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية». ولفتت إلى أن «طبيعة الناس هناك في اليمن متسامحة ومتفاهمة ومتعاونة، ويمكن للمرء أن يلمس ذلك في كل خطوة، إنهم بشر يعيشون اللحظة، ويعرفون معنى السعادة، على الرغم من الفقر، ولديهم مخزون من الأصالة والعراقة، ما يؤهلهم كي يكونوا سعداء، إذ يتقنون حسن التصرف مع الآخرين، ويتميزون بعادات وتقاليد عربية قديمة وأصيلة، ويمتلكون من القيم الجميلة والضرورية، كالنخوة والشهامة، وكل هذا يتطلب توثيقاً بصيغة أو بأخرى، ومن بينها كانت كاميرتي التي رافقتني في كل رحلاتي لأجل هذه المهمة النبيلة».
وأكدت الهاجري «كل ما قمت به عبر ست سنوات هو جهد شخصي، لم أتلق دعماً على أي مستوى، أو بأي شكل من أي كان، مؤسسة أو أفراداً، باستثناء زوجي، ومع ذلك على مدار تلك السنوات، نسيت العالم كله، فبعد اليمن لا يمكن لك أن تزور مكاناً آخر، إذ صورت في صعدة وفي صنعاء وفي عدن، وفي كل مدينة ومحافظة، صرت أحفظ بلاد اليمن عن ظهر قلب، لكن ذلك لم يأت من دون تعب أو معاناة، أو صعوبات وتعقيدات في بعض الأماكن والمواقع وبعض الظروف العامة، فقد كانت بعض المواقع تتطلب مني جهداً كبيراً وتعباً لا يحتمل، خصوصاً بعد الأحداث التي جرت في اليمن عام 2011».
واستطردت المصورة القطرية «في صنعاء صوّرت الكثير، خصوصاً في صنعاء القديمة، فهي كتاب تاريخ قديم وعظيم، ففي كل بقعة هناك قصة زاخرة بالأحداث التي تستحق التوثيق، وفي صعدة صورت المدرسة الرسولية، والمدرسة البغدادية، والقلعة، وفي عدن صورت الصهاريج والميناء، وحركة الناس هناك، وفي شبوة كنت مع ناطحات شبام، وغيرها الكثير من المناطق اليمنية التي أسرتني ومنعتني من زيارة أي مكان في العالم بعد التعرف إليها».