«سلسلة إبداعات شاعر المليون» ستختص بظواهر وتصنيفات مختارة من المسابقة الرئيسة بمختلف دوراتها. أرشيفية

«حاضرون رغم الغياب».. رسالة وفاء

وفاء لعدد من الشعراء الراحلين الذين شاركوا في مسابقة «شاعر المليون» عبر مواسمها المختلفة، أصدرت أكاديمية الشعر في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية، ديوان شعر جديداً بعنوان «حاضرون رغم الغياب»، تخليداً لذكراهم وحضورهم الذي لا يغيب برحيلهم.

شاعر الموسم الأخير

الشاعر السوري طلال بن عون كان أحد أهم المشاركين في الموسم السادس (الأخير) من مسابقة «شاعر المليون»، إذ إنه مثل صوت الشاعر السوري المغترب في الخارج، الحزين على ما آل إليه وضع بلاده من خراب ودمار نتيجة ما ظنه الناس «ربيعاً عربياً»، إلاّ أنه كما وصفه في إحدى قصائده التي شارك بها في المسابقة لم يكن إلاّ ربيع موت. وتألق الشاعر طلال في المسابقة ووصل إلى المرحلة الثانية منها، وحظيت قصائده التي شارك بها باهتمام إعلامي عربي عالمي.

وغيب الموت طلال بن عون العام الماضي إثر نوبة قلبية تعرض لها في منزله، ورثاه أصدقاؤه الشعراء.

ومما جاء في قصيدته «بدا ليل الحنين» التي ألقاها في الحلقة السابعة من المرحلة الثانية:

وأنا الراحل غريب بلا أهل واقراب

وحيد بالمساري... متعب ركابه

يدور بالمنافي... عن وطن وتراب

معه باقي غلا واشواق شبابه

وأكد مدير أكاديمية الشعر، سلطان العميمي، أنّ الديوان رسالة وفاء تقدمها الأكاديمية لروح هؤلاء الشعراء، ولمحبيهم ومتابعيهم، ونسأل الله أن يرحمهم وأن يسكنهم فسيح جناته.

وانطلاقاً من إيمانها بأن الشعر إحدى أهم البصمات التي يتركها الإنسان في حياته، فقد ترك هؤلاء الشعراء الراحلون بصمة لا تنسى في تاريخ المسابقة، وأثراً طيباً لمشاركتهم فيها وإسهامهم بنجاحها، وجاء ترتيب الشعراء في الديوان وفق الدورات التي شاركوا فيها، أمّا ترتيب قصائدهم فجاء وفق ترتيب المراحل التي قطعوها في مشاركتهم في تلك الدورات.

وسيكون هذا الديوان باكورة إصدارات سلسلة جديدة هي «سلسلة إبداعات شاعر المليون»، التي ستختص بظواهر وتصنيفات مختارة من المسابقة الرئيسة بمختلف دوراتها.

ويقع الديوان في 85 صفحة، ويتضمن قصائد لخمسة شعراء راحلين: مبارك طالب المنصوري، من الإمارات (الموسم الأول)، مستورة ظويعن الأحمدي، من السعودية (الموسم الرابع)، عبيد بن صويلح الهاملي، من الإمارات (الموسم الرابع)، سعيد بن راشد الحفيتي، من الإمارات (الموسم الخامس)، طلال بن عون، من سورية (الموسم السادس).

وترك الشعراء بصمتهم الخاصة في برنامج «شاعر المليون» وفي الحياة الثقافية العربية، لذا ارتأت الأكاديمية نشر بعض قصائدهم في ديوان ليتسنى للجميع الاطلاع على منجزهم الثقافي.

وكان الموسم الأول انطلاقة مميزة لمبارك المنصوري، فبالإضافة إلى موهبته الشعرية، كان الراحل يتمتع بصوت شجي، واشتهرت الشلات والمواويل التي شارك بها في المسابقة بصورة كبيرة، خصوصاً الموال الذي قاله عن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ووصل مبارك في المسابقة إلى المرحلة الثالثة، وترك عدداً غير قليل من القصائد، وذكرى طيبة لدى جمهور الشعر النبطي الذي صدم لخبر وفاته، وبعد المسابقة بسنوات تعرض الشاعر لمرض عضال تلقى على أثره العلاج في الولايات المتحدة الأميركية، إلاّ أنّ القدر لم يمهله طويلاً، فتوفي في يوليو 2010.

ومما جاء في قصيدته «إن من الشعر لحكمة» التي ألقاها في الحلقة الثالثة من المرحلة الثانية:

ترى الدنيا دنيه ما تساوي لك جناح ذباب

ولو دامت لحد ما جت إلينا لابسه حله

ويا كمٍّ نجم نور في السما الدنيا وشاب وغاب

تمعن في كلامي يا ذكي وارجو تفطن له

أمّا الشاعرة الراحلة مستورة الأحمدي فتميزت مشاركتها في المسابقة في الموسم الرابع بقوة طرحها لأفكار قصائدها، إذ تحدثت في إحداها بصراحة ووعي عن وضعها كأنثى تنافس الشعراء الذكور في المجتمع، وفي قصيدة أخرى خاطبت ابنها (أديب) بعاطفة الأم الخائفة على ابنها، المحبة له، وكانت مشاركتها وتواجدها في المسابقة بشكل عام نموذجاً مشرفاً للشاعرة السعودية بشكل خاص، والشاعرة الخليجية والعربية بشكل عام. ورغم الوعكة التي مرت بها في المرحلة الأخيرة من مشاركتها، فإنها كانت تتمتع بعزم كبير، فشاركت وتألقت، ووصلت إلى المرحلة الثالثة من المسابقة، وأصدرت بعد المسابقة ديوانها النبطي «حروف لا تجر»، وكانت على وشك إصدار ديوانها الفصيح إلاّ أنّ القدر لم يمهلها لإنجاز ذلك، وكانت وفاتها مفاجئة للجميع، إذ مرت بوعكة صحية توفيت على أثرها في أكتوبر 2011.

ومما جاء في قصيدتها «حكمة جنون» التي ألقتها في الحلقة 12 من المرحلة الثالثة:

عمرك تشوف اسود طبع لونه في كف مصافحيه؟

كل المظاهر زيف، والعبره ف لون يضمرون

لو صفيت النيه يصير المرء مرآة لأخيه

ينصح بلطف ومالك التدبير له كاف ونون

أمّا الشاعر عبيد بن صويلح الهاملي فشارك في الموسم الرابع من المسابقة، ولفت أنظار لجنة التحكيم وجمهور الشعر منذ أيام الجولات ومقابلات لجنة التحكيم، ثم اختبارات الـ100 شاعر التي شارك فيها بقصائد تدل على تميزه الشعري، وكانت مليئة بروح التحدي لأخذ بيرق الشعر والفوز به، كما تميز بمشاكساته الشعرية واختياره القوافي الصعبة لأبيات قصائده. وتميزت المشاركة الأولى لعبيد بن صويلح في المسابقة بقصيدة «ونة مثلوثة»، وهي لون من ألوان الشعر النبطي الذي اشتهر شعراء الإمارات بالنظم عليه.

وكانت وفاته في 2014 نتيجة حادث أليم وقع له، وكانت وفاته صدمة لجمهور الشعر ومحبيه، ورثاه العديد من الشعراء ومحبي الشعر من داخل الإمارات وخارجها، من بينهم الكاتب والباحث سلطان العميمي.

أمّا رابع الشعراء فهو سعيد بن راشد الحفيتي، الذي يعد أحد شعراء الساحة الشعرية في الإمارات من جيل الشباب ممن برزوا في الفترة الأخيرة، وكانت مشاركته مميزة في المسابقة، وغيبه الموت في 2014، إثر أزمة قلبية داهمته أثناء نومه في منزله، ورثاه أصدقاؤه الشعراء.

ومما جاء في قصيدته «شموخ الانكسار» التي شارك بها في الحلقة الأولى من المرحلة الأولى من الموسم الخامس:

بكيت من فرحتي لين ارتوت عيني

وضحكت مثل الخبل من قسوة احزاني

كان كف القدر ما صافح يميني

بابوس رس الأمل وارجيه يرضاني

الأكثر مشاركة