ندوة الكوميــــديا العربية: لا شيء يُضحك في 2015

تناول فنانون مشاركون في ندوة الكوميديا العربية، التي نظمها مركز الشارقة الإعلامي، ضمن برنامجه الخاص بالمجالس الرمضانية في الخيمة الرمضانية بمسرح المجاز، أول من أمس، بعض محطات ومسيرة الفن الكوميدي في الوطن العربي، وأساليب وتقنيات الكوميديا، وكوميديا النص والخروج عليه، وتحديات الفن الكوميدي، وواقع الفنان الكوميدي، وتأثير شخصيته الحقيقية في إنجاح أعماله، كما تناولوا بعض أعمالهم وتجاربهم في الكوميديا، وما الذي يضحك الجمهور عموماً، وفي هذه الأيام خصوصاً، شارك فيها، الممثل المصري أحمد بدير، والممثل السعودي عبدالله السدحان، والممثل الإماراتي جابر نغموش، والممثل الكويتي طارق العلي، وأدار الندوة الإعلامي معتز الدمرداش، بحضور الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مركز الشارقة الإعلامي.

الضحك بين الصدق والنص

«ريا وسكينة»

قال بدير، إن مسرحية ريا وسكينة كانت أول محطة له للتعرف والتعارف والتواصل مع الجمهور العربي، وعرض لبعض كواليس المسرحية، التي شارك فيها بعد سنة من عرضها، حيث كان الفنان حمدي أحمد يقوم بدور عبدالعال، ولما لم يجد بنطالاً مناسباً لدور «حضرة الصول عبدالعال»، اضطر إلى ارتداء بنطلون حمدي أحمد، وهو غير مناسب له، حيث كان مقاس البنطلون أكبر من مقاسه، وتذكّر لقطة محاولة إمساكه من رجله من قبل الممثلة سهير البابلي، ولأن البنطلون كبير الحجم نزل بالكامل، واستطرد بدير بوصف البابلي ومدحها بالقول: إنها «غولة مسرح».

ضحكات الحضور

لأنهم مشتغلون في الكوميديا، حاولوا، كلّ على طريقته، أن يشيعوا جواً من الإضحاك والنكتة السريعة منذ اللحظات الأولى للندوة، وكانت تُسمع ضحكات عالية من بعض الحضور تعبيراً عن التفاعل معهم، لكن الجلسة كانت مملوءة بالجد والنقد والتباين في الآراء، الذي لم يخل من حضور النكتة، والنقاش العميق في مختلف جوانب وزوايا الكوميديا والسياسة التي قد لا تكون كل شيء، لكنها كما يقال هي في كل شيء، وكانت الندوة مساحة جيدة كي يعبر كل عن رأيه الممزوج بمحاولات الإضحاك، «والإصرار على أنهم شباب، وليسوا نجوماً».

ورشة النص

قال السدحان، بعد 17 سنة من العمل الكوميدي لابد أن يكون لي دور في ورشة النص، وليس الاكتفاء فقط بقراءة النص وتجسيده، ورشة النص هي نتاج مجموعة من الكتّاب بدءاً من الفكرة مروراً بمختلف تفاصيل الكتابة، ولفت إلى أن «ثلاثة أرباع (طاش ما طاش) من كتاباتي من خلال ورشة النص».

قال الممثل المصري، أحمد بدير، إن صدق الممثل في الأداء، وطرح قضية وطنية أو قومية، هما ما يُضحك الجمهور، والكوميديا تنفذ إلى القلب والعقل وتُطهر الإنسان. وتابع: الكوميديا هي أن توصل أصعب مضمون بأسهل طريقة للجمهور، لذلك يكون الضحك أو إضحاك الجمهور صعباً جداً، وإضحاك الجمهور بمعنى إخراجه من مشكلاته وهمومه ونقله إلى حالة أخرى هي الضحك، هذه مهمة صعبة. وأشار إلى أن هناك دولاً «أجنبية» تعالج بعض المرضى بالموسيقا وبالضحك، وتابع: إن الضحك مسؤولية كبيرة جداً، مشيراً إلى أننا نبذل جهوداً كبيرة كي نُضحك الجمهور.

ومن جانبه، قال الممثل السعودي، عبدالله السدحان، ما يُضحك الجمهور أساساً هو النص أو الموضوع، وليس الممثل، من دون أن نقلل من موهبة الممثل ودوره، لكن أساس الضحك أو الإضحاك هو النص والموضوع والفكرة.

الضحك بين الشفاه والقلب

قال الممثل الإماراتي، جابر نغموش، لا يوجد ما يُضحك في عام 2015، مشيراً إلى أن الضحكة ضحكتان، أو نوعان، واحدة من القلب، وأخرى من الشفاه، فإن كانت من القلب فأنت سعيد، وإن كانت من الشفاه فالأمر مختلف تماماً.

ولفت إلى أن كل ضحكنا في عام 2015 وما قبله بقليل هو ضحك من الشفاه، وتساءل: ما الذي نكتبه اليوم حتى يُضحكنا، مشيراً إلى أنه لا النص يساعدنا، ولا الممثل ولا أي شيء كي نضحك، وبالتالي لا يوجد ضحك في 2015.

ومن جانبه، قال الممثل الكويتي، طارق العلي، ما يضحكنا اليوم هو مآسي الأمة العربية، وبكل جدارة رغم تلك المآسي نقدم إلى الجمهور أعمالاً قادرة على إضحاكه، وضرب مثلاً بحلقة «داعش» في مسلسل «سيلفي»، (للممثل السعودي ناصر القصبي على محطة إم بي سي)، التي أثارت جدلاً كبيراً، كما قال، حيث قدمت الحلقة شيئاً يضحكنا رغم الألم الذي يعتصر دواخلنا. وأضاف: اليوم لدينا جرأة في طرح الموضوعات أكثر من زملائنا السابقين، رغم كل ما قدموه من إبداع وتميز، جرأة وصلت إلى مستوى لم يطرحه السابقون الذين كانوا يعانون رقابة شديدة. وتساءل: كيف نخلق جواً كوميدياً في ظل هذه المآسي والمجازر، مشيراً إلى «أنهم همّشوا القضية الفلسطينية، فقد نجح الصهاينة من خلال السياسيين والمافيات والطامعين بالكراسي الذين لهم تأثير في الرأي العام في ذلك التهميش، ومع ذلك في ظل كل هذا نجد أعمالاً كوميدية تُضحكنا وتخفف الألم عنا».

السياسة والكوميديا

الممثل السعودي عبدالله السدحان، أكد أن العام الجاري وما قبله من سنوات قليلة، من أسوأ السنوات التي مرت على الأمة، وتمنى أن يكون العام المقبل أفضل، ولفت إلى أن الكوميديا الحقيقية هي الاجتماعية التي تنبع من البيت، وليست السياسية، فما يدور في العالم اليوم أضحوكة، مشيراً إلى أن حلقة «داعش» هي بهرجة للفت الأنظار، سواء لشخص الممثل أو للمحطة التي بثت المسلسل، فـ«داعش» ليست قضية محلية أو عربية، بل هي قضية عالمية. وتابع: أصلاً في طرح هذه القضية «سعودة» لـ«داعش» (تحويلها إلى حالة وقضية سعودية)، وتأليب للشباب للالتحاق بها. وتساءل: هل هذا وقت دراما وضحك؟ وهل تريدني أن ابتسم أم أبكي في تلك المَشاهد؟ وتابع: لنعد إلى الكوميديا من البيت، حيث الكوميديا الاجتماعية، وأضاف: من وجهة نظري، كل فنان يعتمد الكوميديا السياسية أو الدينية، أعتبره مثل الغريق الذي يحاول أن يستند إلى أي شيء.

ومن جانبه، قال الممثل أحمد بدير، إن الفنان مرآة لشعبه، والسياسة لا تنفصل عن الفن ولا عن المجتمع، فأي عمل فني حتى لو كان اجتماعياً سنجد فيه السياسة، فهي داخلة في كل التفاصيل، وفي صلب البيت. وتابع: «هذا (الخريف العربي) أو (التخريف العربي) أو (الخروف العربي)، دمرنا، ففي مصر لولا وقفة الجيش مع الشعب، لما خرجنا من النفق المظلم». وأشاد بدور الإمارات والسعودية والكويت والبحرين والأردن في الوقوف مع الشعب والجيش، ولفت إلى أن «(الخروف العربي)، عبارة عن مؤامرات ودسائس وتخريب وعملاء ومتأسلمين، ومع كل هذا نعمل على إضحاك الناس». وبدوره، قال الممثل طارق العلي، إن الفن لم يأت من الفراغ. واكتفى الممثل نغموش بالقول: إنه «الحريق العربي».

الأكثر مشاركة