«النص» بطل مسلسلات رمـــــضان
في خضم زحام دراما رمضان هذا العام، برز النص الدرامي باعتباره صاحب دور البطولة الأول في نجاح أعمال معروضة، وسبباً في تراجع أعمال أخرى، رغم التوقعات بنجاحها، كما تميزت مسلسلات الموسم الحالي باعتماد كُتابها على حيل كتابية ودرامية متعددة، للفت انتباه المشاهد وكسر النمطية في تناول الأحداث، رغم أن القصة نفسها ليست جديدة، وهو ما ينتصر لمدرسة الاهتمام بجودة النص مقابل المدرسة التي تقوم على الاعتماد على نجومية أبطال العمل.
«طريقي» استطاع مسلسل «طريقي» أن يحقق مرتبة متقدمة بين الأعمال الدرامية المتنافسة في شهر رمضان، لكن بفضل أداء بطلي العمل، الفنانة شيرين، التي اتسم أداؤها بالتلقائية والبساطة، والفنان باسل خياط، الذي اتسم بالنضج والسيطرة على الشخصية بكل مفاتيحها، ليقدم واحداً من أنجح الأدوار في هذا الموسم. بينما جاء النص تقليدياً في قصص الكفاح والنجاح دون أن يقدم بصمة خاصة. كليشيهات يتحمل الكاتب يوسف معاطي مؤلف «استاذ ورئيس قسم» جزءا كبيرا من تراجع مستوى العمل، فلم يقدم جديدا في النص الذي جاء ضعيفا وباهتا يعاني من المط والتطويل حينا واللعب على الكليشيهات المستهلكة حينا آخر، وهو ما قد يرجع إلى طول فترة التعاون بين معاطي والفنان عادل إمام حيث استنفذا كل طاقتهما معا، وبات على كل منهما أن يبحث عن تعاون مع اطراف مختلفة لتقديم أفكار جديدة. كما أن الأداء في المسلسل لم يبتعد كثير من مستوى النص. «العهد»
غموض الغموض أيضاً هو الرهان الذي يعتمد عليه مسلسل «لعبة إبليس»، الذي كتب له السيناريو والحوار عمرو سمير عاطف، وهو رهان ليس جديداً على مسلسلات الفنان يوسف الشريف، الذي اعتاد أن يقدم أعمالاً ذات طابع بوليسي غامض في رمضان، وتدور «لعبة إبليس» حول أدهم وسليم، ويقوم بدوريهما يوسف الشريف، ومن خلال الأحداث يدخل العمل في كواليس العمل الإعلامي وما يدور خلف شاشات الفضائيات من مؤتمرات وتربيطات. |
من الأعمال التي يلعب فيها النص دوراً كبيراً مسلسل «العهد»، الذي يمثل التعاون الثالث بين الكاتب محمد أمين راضي، والمخرج خالد مرعي، بعد أن قدما معاً «نيران صديقة» و«السبع وصايا»، ورغم الأجواء المختلفة تماماً في المسلسلات الثلاثة، إلا أن المتتبع لها يجد أن هناك ثيمة واحدة تربط بينها، تتمثل في وجود كتاب أو عهد أو وثيقة تدور حولها الأحداث، وترسم خطوات الشخصيات وأقدارها في العمل، وعلى ضوء الأحداث التي يرسمها الكتاب يغوص الكاتب في رحلات داخل كل شخصية، محاولاً الكشف عن النفس البشرية في حالاتها المختلفة، فيما يشبه التشريح النفسي لكل شخصية على حدة، ففي «نيران صديقة» كان هناك كتاب السحر الذي اجتمع حوله الأصدقاء، فغير حياتهم بسلسلة من الأحداث، وفي «السبع وصايا» كانت الوصايا التي تركها الأب لكل ابن من الأبناء والسعي لتنفيذها، أما في «العهد» الذي يعرض حالياً، فيعد العهد هو الدستور الذي يحدد نظام الحكم في الكفور الثلاثة التي تدور فيها الأحداث. ومنذ بداية الحلقات ظهر واضحاً أن النص هو العنصر الأبرز بين عناصر العمل الفنية، وصاحبه تميز الإخراج والإضاءة وأداء الفنانين، خصوصاً في ظل حالة الغموض، والتشابك الكبير في الأحداث وتسارعها، ما يجذب المشاهد لمتابعة الحلقات وما تخفيه من جديد باستمرار. ورغم ما واجهه العمل من اتهامات باقتباس الفكرة من مسلسل «صراع العروش»، إلا أن هذه الاتهامات لم تؤثر في حرص المشاهدين على متابعة العمل، بل عمد كثير منهم إلى الربط بين الأحداث في المسلسل، الذي يدور في مكان وزمان غير محددين، وبين الأحداث السياسية التي تشهدها مصر والمنطقة في السنوات الأخيرة، على وجه الخصوص الثورة التي قام بها مهيب مع أهل الكفر، ثم سيطرة «الضوي» الذي يمثل رجل الدين على الحكم، وهي الأحداث التي ربط بينها المشاهدون وبين ثورة 25 يناير في مصر، ثم تولي الإخوان الحكم. تميز النص في «العهد» لا يعني خلوه من الملاحظات أو السقطات الفنية، مثل المبالغة في القتل في الحلقات الأولى، وتشابك الأحداث وعلاقات الشخصيات بشكل معقد، لدرجة قيام الكاتب بوضع رسم توضيحي لها على الصفحة الرسمية للمسلسل على «فيس بوك».
الغموض أيضاً هو الرهان الذي يعتمد عليه مسلسل «لعبة أبليس»، الذي كتب له السيناريو والحوار عمرو سمير عاطف، وهو رهان ليس جديداً على مسلسلات الفنان يوسف الشريف، الذي اعتاد أن يقدم أعمالاً ذات طابع بوليسي غامض في رمضان، وتدور «لعبة إبليس» حول أدهم وسليم، ويقوم بدوريهما يوسف الشريف، ومن خلال الأحداث يدخل العمل في كواليس العمل الإعلامي وما يدور خلف شاشات الفضائيات من مؤتمرات وتربيطات، ورغم ما يحمله نص العمل من مفاجآت كثيرة للمشاهد، إلا أن الإصرار على تضمين الحلقات فقرات للحيل السحرية التي يقوم بها أدهم على المسرح، حيث كان يمكن أن تقدم في حلقتين أو ثلاث لتوظيفها ضمن الأحداث، لكن استمرارها على مدى حلقات عدة ظهر بوضوح أنه نوع من الحشو والتطويل الذي لا يخدم المسلسل أو يضيف إليه.
كذلك كان الغموض والتشويق سبباً في نجاح مسلسل «حالة عشق» الذي تقوم ببطولته الفنانة مي عزالدين، ويحظى باهتمام كبير بين متابعي «تويتر». حيث تقوم مي بدور توأم «عشق وملك»، وهو ما يعيد إلى الأذهان قصة فيلم «بئر الحرمان» الذي قامت ببطولته الفنانة سعاد حسني، ومع تطور الأحداث يشعر المشاهد بالحيرة هل الاثنتان شخصية واحدة مصابة بالانفصام، أم أن هناك شخصيتين منفصلتين؟ ويظهر تميز النص في قدرته على تقديم الحكاية دون أن يشعر المشاهد بالملل، من خلال خلق خطوط درامية متعددة، تتلاقى غالباً عند هاتين الشخصيتين.
في حين استطاع مسلسل «طريقي» أن يحقق مرتبة متقدمة بين الأعمال الدرامية المتنافسة في شهر رمضان، لكن بفضل أداء بطلي العمل الفنانة شيرين، التي اتسم أداؤها بالتلقائية والبساطة، والفنان باسل خياط، الذي اتسم بالنضج والسيطرة على الشخصية بكل مفاتيحها، ليقدم واحداً من أنجح الأدوار في هذا الموسم. بينما جاء النص تقليدياً في قصص الكفاح والنجاح، دون ان يقدم بصمة خاصة. في المقابل، يتحمل الكاتب يوسف معاطي، مؤلف «استاذ ورئيس قسم»، جزءاً كبيراً من تراجع مستوى العمل، فلم يقدم جديداً في النص الذي جاء ضعيفاً وباهتاً، يعاني المط والتطويل حيناً، واللعب على الكليشيهات المستهلكة حيناً آخر، وهو ما قد يرجع إلى طول فترة التعاون بين معاطي والفنان عادل إمام، حيث استنفدا كل طاقتهما معاً، وبات على كل منهما أن يبحث عن تعاون مع أطراف مختلفة لتقديم أفكار جديدة، كما أن الأداء في المسلسل لم يبتعد كثيراً من مستوى النص.
أيضاً خذل النص الفنانة دنيا سمير غانم في أولى بطولاتها الدرامية، فاتسم مسلسل «لهفة» بكثير من الاستسهال في الكتابة، واعتمد في الغالب على أداء الفنانين، ورغم ذلك استطاع المسلسل أن يحقق نسب مشاهدة جيدة، وهو ما يحسب لفريق العمل من الفنانين بشكل رئيس.