طـارق الـســعـدي: حياتي قصة تضحيات

لا يستغني بطل العالم في الطيران اللاسلكي، الإماراتي طارق السعدي، عن الأهداف التي رسمها لنشر رياضة الطيران اللاسلكي التي يهواها، كما لا يضنيه التأكيد على ضرورة الدعم الرسمي لهذه الرياضة الجديدة في كل لقاء يجمعه بوسائل الإعلام المكتوبة والمرئية، ويقول لـ«الإمارات اليوم»، وهو يسترجع ذكريات 13 عاماً أمضاها في العمل الدؤوب والجاد للوصول إلى الأهداف وتحقيق أحلام النجاح التي رسم طريقها بحزم وإصرار «لا يمكن الاستهانة هنا بشرط الدعم الرسمي في نجاح معظم المشروعات الإبداعية أو الأفكار الجديدة، وهذا ما يزيد من إيماني العميق بقيمة الدعم الرسمي لرياضة الطيران اللاسلكي في النهوض بمرتكزاتها، ودعم انتشارها خارجياً، وزيادة قدرتها على المنافسة دولياً»، ويضيف في السياق نفسه «لفت انتباهي في الأشهر الماضية الالتفاتة الجميلة التي أبداها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، لجهودنا، والدعم الكبير الذي خص به رياضة الطيران اللاسلكي، خصوصاً بعد قرار سموه إنشاء (نادي الطيران اللاسلكي) في مدينة دبي، وهذه بادرة طيبة حفزتنا لمزيد من العطاء لإنجاحها، كما وفرت علينا الكثير من الوقت والجهد للنهوض والارتقاء بهذه الرياضة وتحقيق البطولات»، ويقول السعدي «جميل أن يقف المرء اليوم وقفة تأمل، فيستذكر الصعوبات التي واجهت طريقه طوال 13 عاماً من الكفاح لنشر هذه الرياضة التي ظلت إلى ذلك الحين غير معروفة في الإمارات، أو بالأحرى قليلة الانتشار بين أوساط الإماراتيين، لعدم توافر الأماكن الكافية والمخصصة لممارسة هذه الهواية في السنوات السابقة»، ويتابع «أشعر اليوم وبعد ثمانية أعوام من أول مشاركة رسمية لي في بطولة العالم في بريطانيا بالسعادة والفرح لما حققته من إنجازات عالمية، كما أشعر بالفخر لأنني حققت كل هذه الإنجازات العظيمة لدولة الإمارات، ورفعت راية وطني عالياً في المحافل الدولية، التي كنت أشعر فيها كل مرة بشرف تمثيل بلدي وبمسؤولياتي الأخلاقية تجاهه، فكنت حريصاً على لعبة المنافسة الشريفة في البطولات، وعلى قيمة التحلي بالأخلاق الحميدة، وبقيم الصبر وحسن المعاملة، ما أسهم في إبراز وتثبيت اسمي على قائمة البطولات في البدايات».

حلم التصميم

امتنان

اغتنم السعدي مساحة هذا الحوار ليتقدم برسالة شكر خاصة إلى سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، لإتاحة الفرصة له للانضمام إلى فريق «سكاي دايف دبي». وأضاف «أتمنى أن أكون عند حسن ظن سموه، وأن أحقق المزيد من النجاحات في مجال الطائرات اللاسلكية لدبي على مستوى العالم، كما أشكر أخي وصديقي نصر النيادي، رئيس مجلس إدارة (سكاي دايف دبي) على تحفيزي واستضافتي».

مشاركات عالمية وألقاب

حل السعدي ضيف شرف على بطولة إفريقيا (كيب تاون) للطائرات اللاسلكية، ليترأس فيها لجنة التحكيم، كما حصل على لقب الشخصية المؤثرة للطيران اللاسلكي أثناء زيارته في بطولة فيتنام للطائرات اللاسلكية، وأشرف على عروض للطيران بمدينة هوشي منه الفيتنامية، بالتنسيق مع الحكومة الفيتنامية، وذهبت عوائد العروض وريعها إلى دار الأيتام في فيتنام.

كما كُرِّم السعدي بشكل خاص ومميز في بطولة سويسرا للطائرات اللاسلكية بزيورخ، حيث اختير الشخصية الذهبية المؤثرة في مجال الطيران اللاسلكي في أوروبا والعالم، وحصل على قطعة إلكترونية ذهبية يتم استعمالها في الطائرة اللاسلكية.

صمم السعدي أول محركاته عام 2011 في اليابان ومنحه اسمه، حيث «تكفلت أكبر شركة مُصنِّعة للمحركات في اليابان وموجودة في السوق العالمية لأكثر من 25 عاماً باقتراح فكرة وضع اسمي على المحرك الذي أشرفت على كل مراحل تصميمه، وذلك للثقة الكبيرة التي وضعها المسؤولون في الشركة في قدراتي، والسمعة الحسنة التي كنت أتمتع بها لديهم، إضافة إلى صدقيتي في التعامل معهم، وهذا ما يزيدني اليوم فخراً واعتزازاً بأنني أول إماراتي يضع اسمه على محرك يصنع في اليابان ويعمل بـ(النايترو)».

كما ترك السعدي توقيعه على ثاني محرك هليكوبتر يصنعه ويعمل بالبطارية، ويعتبر الأقوى والأفضل استخداماً على مستوى العالم، ولايزال يكرّس وقته وجهده لتصميم محركين جديدين، يتوقع طرحها في الأسواق العالمية خلال الشهرين المقبلين.

اهتمام متزايد

يواصل طارق السعدي درب العمل والنجاحات، ويستعين بإيمانه القوي بموهبته وقدرته على استيعاب أكبر عدد ممكن من المهتمين برياضة الطيران اللاسلكي الجديدة، التي بدأت بالانتشار بشكل أكبر بداية 2013، وعن مدى إقبال الإماراتيين، خصوصاً فئات الشباب، على رياضة الطيران اللاسلكي، وأبرز السبل التي يراها كفيلة بتعزيز انتشار هذه الرياضة وتداولها في الدولة بشكل احترافي، يقول «أظن أن رياضة الطيران بدأت تحقق نوعاً من الاهتمام المتزايد، وتستقطب المزيد من الممارسين في دولة الإمارات، وهذا يجعلها تتقدم بشكل ثابت بين الناس، لكنها تحتاج إلى المزيد من التنظيم والهيكلة، حتى يتسنى لنا الاستفادة من القدرات الشابة الموجودة لدينا في الإمارات، ومن الأجهزة والمعدات المتوافرة لدينا حالياً».

مشاركات محلية

يحرص البطل الإماراتي، طارق السعدي، على الوجود بشكل مكثف في جميع المناسبات الرياضية التي تنظم في الدولة، ومختلف الأنشطة المجتمعية، من منطلق إيمانه العميق بقيمة مساهمة الأفراد في دعم مجهود المؤسسات المحلية الناشطة في الدولة، ويشير في هذا الصدد إلى جملة المشاركات التي سجلها أخيراً باسم «سكاي دايف دبي» خلال السنة الجارية، قائلاً «لقد نلت شرف المشاركة في العديد من التظاهرات والفعاليات المجتمعية والنشاطات الرياضية المحلية المهمة، لعل أبرزها مشاركتي في بطولة العالم للقفز بالمظلات، التي أقيمت في (سكاي دايف دبي)، وفعالية (دوام بلا مركبات)، التي نظمتها بلدية دبي، واليوم الرياضي الذي أقيم بمدرسة أسماء بنت النعمان النموذجية للتعليم الثانوي، واليوم الرياضي الخاص بأكاديمية شرطة دبي، واحتفالات جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بمناسبة اليوم الوطني لدولة الإمارات، كما كانت لي مشاركة بارزة في إحدى بطولات الإمارات للطائرات اللاسلكية التي نظمت بمدينة العين، ونهائيات كأس سمو ولي عهد أم القيوين لكرة القدم».

«سكاي دايف دبي»

بنبرة يحدوها الأمل في المستقبل، يتحدث البطل الإماراتي، طارق السعدي، عن عضويته في «سكاي دايف دبي»، مصرحاً لـ«الإمارات اليوم»: «أعتبر انضمامي إلى (سكاي دايف دبي) بمثابة القفزة النوعية التي أحققها على الصعيد الشخصي، فقد كانت سبباً في تغيير الكثير من الخطط الحياتية التي رسمتها، والرقي بأحلامي نحو الأفضل، ويظل الجميل في انضمامي لها هذا المتسع الذي تطرحه تجربة مشاركاتي الدولية باسم (مدينة الأحلام) دبي، التي لمع اسمها ولايزال في كل أنحاء العالم. ولكم أن تتخيلوا قدر الاهتمام الذي يبديه الجميع بهذه المدينة خلال كل مشاركة انتقلت فيها بين مختلف أنحاء العالم، لمجرد رؤية قميصي الحامل لشعار (دبي)، وهذا ما يزيدني اليوم فخراً واعتزازاً بانتمائي لهذا الوطن العزيز، ويحملني مسؤولية أكبر لتقديمه في أجمل حلة أمام العالم من خلال هذه الرياضة».

آليات تنظيمية

عن القانون الذي صدر أخيراً حول تنظيم ممارسة رياضة الطيران اللاسلكي، يشدد السعدي على قيمته في خدمة أهداف هذه الرياضة ومستخدميها، قائلاً «لقد استحسنت صدور القانون، وأؤيد تطبيقه، لأنني أستوعب قيمة القوانين في تحديد الأطر العملية، وتنظيم الهياكل، مهما تفرعت اختصاصاتها وميادين عملها، إضافة إلى كونها آلية تطبيقية تخدم الفرد والمجتمع في الوقت نفسه، من خلال ما تستوعبه من تجاوزات فردية، وما تصدره من إجراءات تكبح جماح بعض المستهترين الذين يحاولون العبث بخصوصيات الآخرين، وأقصد هنا بعض الطائرات الحاملة للكاميرات، وأيضاً بعض الطائرات اللاسلكية التي يمكن أن تؤثر في حركة الملاحة الجوية، وتؤدي إلى نشوء بعض الكوارث».

تحديات وبطولة

يتحدث السعدي في ختام حديثه لـ«الإمارات اليوم» عن طعم البطولة الحقيقية، وعن التحديات والعراقيل التي لم تحل دون تحقيق أحلامه، قائلاً «بطل العالم كلمتان من تسعة أحرف متوالية، جعلت أيامي قصة تضحيات متوالية لنيل أهدافي وتحقيق المستحيل، وجعلتني أكرّس حياتي ووقتي ووقت عائلتي وأصدقائي وكل ما أملك لأكثر من 12 عاماً متواصلة لخدمة أحلامي، مستعيناً بقيمة إنسانية واحدة (لا يأس مع الحياة)».

يحلم السعدي بجعل «دبي» عاصمة رياضة الطيران اللاسلكي، والمركز الأساسي لهذه الرياضة في العالم، ولا يتخلى عن أمله بتحقيق مبتغاه والوصول بأحلامه إلى القمم، بفضل دعم القيادة الرشيدة، كما يتمنى التمكن من تأسيس فريق إماراتي قادر على المنافسة وانتزاع الألقاب محلياً وعالمياً، ولا ينسى في هذا السياق توجيه رسالة إلى كل شخص يتطلع إلى التميز، فيضيف «أتمنى من كل شخص يتطلع للقمم التحلي بالصبر والتحمل، وقدر كبير من الإيجابية، كما أنصح المقبلين على التجارب الجديدة بالإيمان بقدرتهم، والعمل والالتزام وتفادي السلبية».

ويتابع «لا مكان للمستحيل ما دامت الحياة متواصلة، وموسوعة غينيس للأرقام القياسية ستكون خطوتي اللاحقة، وكلي ثقة بأنني سأكون قادراً على تحقيق المزيد».

الأكثر مشاركة