معرض مشترك لـ «كويا» و«آرت سبيس غاليري» فـــي دبي
مخلفات الشــواطئ في مجسّمــات فنية ملوّنة
بأنامل النساء والمراهقين والكبار تحولت مخلفات الشواطئ، أو الأحذية البحرية المعروفة باسم «فليب فلوب» إلى فيلة ملونة، وزرافات وأحصنة، وغيرها من أشكال الحيوانات، حيث نحتت هذه الأشكال من الأحذية التي تم جمعها ولصقها في مجسمات ضخمة، ضمن مبادرة خيرية هدفها المحافظة على البيئة حيث يعود ريع القطع لجمعية «أوشين سولز». وتشكل المنحوتات المعروضة في كل من «آرت سبيس غاليري» ومطعم كويا البيروفي في دبي الارتباط بين الفن والمجتمع، وكيف يمكن الافصاح عن وجه جديد في الفن المتعدد الأبعاد، في ساحة فنية عامة تتوجه الى كل الناس لمشاركتهم الفن من جهة، والحث على العمل الخيري من جهة أخرى.
كتاب إلى جانب القطع الفنية الخاصة بالمبادرة يهتم مطعم كويا بالفن ويمنحه حيزاً مهماً، حيث يعرض كتاباً للفنان البرازيلي سيباستياو سيلغادو تحت عنوان «أصل التكوين». ويتميز الكتاب بكونه قطعة فنية تشتمل على ما يقارب 400 صورة بحجم كبير، التقطها الفنان في مجموعة كبيرة من البلدان حول العالم، وقد صور على مدى سنوات في ظروف قاسية جداً بين 2004 و2011. ويحمل الكتاب مجموعة واسعة من الصور التي ترتبط بالبيئة، إذ يسلط الفنان الضوء على الطبيعة والبرية والمجتمعات البشرية التي مازالت تعيش في كنف التراث والثقافة المتوارثة من الأسلاف. لذا يشكل ما يشبه إعادة اكتشاف البشرية لنفسها في الطبيعة. كما يبرز سيلغادو جمالية الكوكب الذي مازالت مساحات واسعة منه تحافظ على فطريتها في وجه تأثير المجتمعات المعاصرة، كما يسلط الضوء على البيئة التي تحتاج الى صيانة وحماية وبعض الحيوانات فيها التي تتطلب عناية خاصة. وقال سيباستياو سالغادو الذي يشغل منصب سفير النوايا الحسنة للـ«يونيسف» عن اختياره تقديم هذه الأعمال، «مازالت مساحة تقارب نسبتها 46% من كوكبنا على حالها منذ التكوين، وعلينا أن نصونها». |
وصممت أكثر من 30 قطعة فنية من هذه المواد اللينة التي جمعت بألوانها المتداخلة بين الأزرق والأصفر والزهري، لتشكل في تداخلها انصهاراً للمادة واللون في آن. حيث تعرض «آرت سبيس» مجموعة من الأعمال المميزة ومنها القطعة الأغلى سعراً، التي تعتبر ضخمة لجهة تمثيلها للزرافة من حيث الشكل والحجم أيضاً، بينما يعرض مطعم كويا مجموعة من القطع التي تتفاوت في حجمها بين الصغير والمتوسط، التي وزعت في أرجاء المكان لإضفاء رونق خاص على أجوائه الدافئة. وتحمل أعمال هذه المؤسسة رسالة عن أهمية صَوْن الحياة البحرية، فكل تحفة فنية معروضة صنعت من أحذية فليب فلوب المعادة التدوير بنسبة100%، ويرمز اختيارها إلى خطورة تأثيرها في الحياة البحرية. كما أن هذه المبادرة التي بدأت في إفريقيا، لا تسهم فقط في تشغيل الأيدي العاملة فحسب، بل تقوم بنشر المعرفة بمجال ريادة الأعمال المستدامة، كأحد المجالات الصاعدة، إذ تجسد كل قطعة القدرات الإبداعية للفنانين المشاركين المتحدرين من مجتمعات ساحلية إفريقية، وتبرز تكاتف جهودهم من أجل تحسين حياتهم عبر تحويل مخلفات الآخرين إلى أعمال فنية.
وقالت المديرة الفنية في آرت سبيس، سوسي ديكيجيان، إن «المبادرة بدأت من سنة في إفريقيا، وهدفها دعم المجتمع في إفريقيا من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، ولاسيما أنها تحمل في طياتها أهدافاً بيئية تتمثل في حماية الشواطئ، وقد أحببنا جلب مثل هذه المبادرة الى المنطقة بهدف التوعية بأهمية الفن بأشكاله المختلفة من جهة وكذلك إبراز مدى ارتباطه بالمجتمع». وأردفت، «لعل ما يميز هذه الأعمال هو الألوان التي تحملها، فالقطع تتميز في أشكالها، وقد وضعنا في الصالة ما يقارب 20 قطعة، وقد وزعت بين الأعمال الفنية فأضفت على المعرض رونقاً خاصاً». ولفتت الى ان تفاعل الناس مع الأعمال ايجابي جداً، فالفكرة مثيرة للدهشة والإعجاب، كما أن التفاعل مع الصور التي وضعت عبر التواصل الاجتماعي كان كبيراً ومميزاً. وحول الأسعار التي تباع بها الأعمال، أكدت ديكيجيان أن الأسعار تبدأ من 50 درهماً وتصل الى 30 ألف درهم، وتعد الزرافة التي تمثل الحجم الحقيقي للزرافة الأغلى بين القطع نظراً لكبرها، ولكن هناك اهتماما كبيرا بشراء مثل هذه القطع ولاسيما الصغيرة التي يأخذها الأهالي كهدايا لأولادهم. أما العناية بالقطع، فلفتت الى كونها تتم من خلال غسلها بالماء، مشيرة الى أن هذه القطع صممت بطريقة لتحمل الوضع في الأماكن الداخلية والخارجية وتحتمل التعرض للحرارة في حين ان تنظيفها سهل كون يمكن غسلها بالماء. واعتبرت ديكيجيان جلب مثل هذه الأعمال الى الإمارات بمثابة دعوة للقيام بمبادرات شبيهة في المنطقة، من شأنها أن تجلب المزيد من الوعي في الشأنين البيئي والفني، منوهة بأن عرض الأعمال في الأماكن العامة يسهم في تحقيق الهدف المرجو من عرضها، موضحة أن هذا الأمر يتطلب وجود رعاة وموافقات، ومن الممكن أن يتم تطبيقه في مبادرات مستقبلية شبيهة.
بينما من جهته أوضح مدير العمليات في مطعم كويا، سيدريك توسينت، أن هذا المشروع وجد في افريقيا، حيث إنه تم جمع الأحذية ونظفت الشواطئ، وكذلك تم تأمين العمل لمجموعة من العمال، موضحاً أن المشروع يتيح رؤية الناس للفن وكذلك المساهمة في عمل خيري. ولفت الى أن المراحل التي تمر بها الأعمال تبدأ من جمعها من الشواطئ في نيروبي، ومن ثم غسلها، وفصل الألوان، وبعدها يتم جمع الألوان بشكل عشوائي، ثم في الختام تلصق على بعضها بعضاً، فتقص الى أشكال وبعدها تجمع القطع الكبيرة لتتشكل من خلال جمعها مجسمات الحيوانات، بينما القطع الصغيرة تحفر بأشكالها مباشرة دون تجميع. وأشار الى أن الحيوانات التي صممت هي الحيوانات التي تنتمي الى البيئة التي يعيشون فيها، فهم يقدمون تصاميم الحيوانات التي يطعمونها، ولهذا تعبر المنحوتات عنهم بشكل كبير. وأشار الى أن المطعم يهتم بالجهة الفنية في المشروع، وستعرض المنحوتات طوال الصيف، وهي فرصة لإيجاد فرصة جديدة للناس للتعرف إلى الفنون، وكذلك للتوعية بنوع جديد من المبادرات التي يمكن ان تساعد الناس، وكذلك يمكن ان تطبق في المنطقة في المستقبل. وأشار توسينت الى أن المساحة المتاحة لإبراز اعمال مجموعة من الفنانين ولاسيما الشباب كبيرة، وهي الحافز الأول من وراء عرض الأعمال في المطعم، داعياً الناس الى رؤية الأعمال كونها فرصة لمشاهدة فن مختلف ومدهش في الطريقة التي يصمم بها، علماً أن المشروع يعد مشروعاً خيرياً صغيراً مقارنة بغيره، ولكن الفكرة التي خلفه مميزة ومدهشة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news