البحيصي: رغبتي في دراسة الطب لأطمس معالم إعاقتي. الإمارات اليوم

ناصر البحيصي.. تفوّق في غرفة العناية المركزة

داخل غرفة صغيرة لا يسمع فيها سوى أصوات الأجهزة الطبية، وتفوح من أركانها رائحة الأدوية، يرقد ناصر البحيصي (18 عاماً) للعام التاسع على التوالي على سرير المرض داخل قسم العناية المكثفة في مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة.

معاناة ناصر ناتجة عن حادث مروري تعرض له عندما كان في التاسعة من عمره، ليصاب بشلل رباعي حركي حرمه الوقوف على قدميه، وأصابه بشتى أصناف المعاناة.

سنوات الأوجاع حرمت ناصر القوة والحركة، لكنها في الوقت نفسه لم تسلب إرادة الحياة من داخله، ولم تحد من إصراره على مواصلة تعليمه، حتى حصد أعلى الدرجات بتفوق في شهادة الثانوية العامة هذا العام من على سرير المرض الذي يرقد عليه منذ أن كان طفلاً.

وكان الأطباء والممرضون يتناوبون خلال فترة اختبارات الثانوية تدريس ناصر داخل غرفة العناية المكثفة، ليجتاز هذه المرحلة بتفوق، وبالفعل تمكن من ذلك، فلم يخيب ناصر ظن أطبائه وممرضيه ومدرسيه، وحصد أعلى الدرجات محققاً رغبته في نيل شهادة التوجيهي، ومواصلة مشواره التعليمي.

«الإمارات اليوم» التقت ناصر داخل غرفة العناية المكثفة، فمن يشاهده للوهلة الأولى يظن أن اليأس تسلل إلى قلبه، لكن هذا الشعور سرعان ما تبدل، عندما اقتربنا منه، واستمعنا إليه وهو يتحدث عن الإرادة والحياة بكل تفاؤل. عزيمة ناصر القوية أوصلته إلى أن يتحدى مرضه الذي جعله أسيراً داخل غرفة العناية منذ سنوات طويلة، إذ أصر على إكمال دراسته الجامعية، فقد التحق بكلية الطب في جامعة الأزهر بمدينة غزة.

ويقول ناصر بعزيمة «عقب نجاحي في الثانوية العامة أبلغت والدي برغبتي في إكمال الدراسة، لأنها الحياة، ولأنني لا أشعر بقيمة حياتي من دون تعليم، فأول آية نزلت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي (اقرأ)». ويضيف «أريد أن أكمل الدراسة دون توقف، ورغبتي في دراسة الطب لأطمس معالم الإعاقة التي تصيبني، وأثبت للعالم أجمع أنني قادر على قهر مرضي، وتحقيق طموحاتي».

وعلى مدار الساعة يردد ناصر حروف الإيمان والقوة، التي لم تفارقه منذ أن كان صغيراً، حتى أضحى مثالاً. وعن ذلك قال محمد البحيصي، والد ناصر، وهو يقف إلى جانبه في غرفة العناية، إن «ابني مدرسة في الصبر، وأستمد القوة منه، فهو دائماً يبتسم ويضحك، ولا يظهر عليه أنه صاحب معاناة طويلة».

الأكثر مشاركة