تستقطب ملايين المتابعين والمعلنين حول العالم

«التواصل الاجتماعي» تهدّد عصـــر التلفزيون

يبدو أن المحطات التلفزيونية باتت في مرمى نيران وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت تشكل تهديداً جدياً للتلفزيون، وهو تهديد لا يقتصر فقط على مكانته لدى المشاهدين، ولكن لدى المعلنين أيضاً، وهو ما يجعله أكثر خطورة، فمع التطور السريع الذي تشهده مواقع التواصل الاجتماعي في قدراتها وما توفره من خدمات لمستخدميها، بما يزيد من قدرتها على استقطاب مزيد من المستخدمين على حساب وسائل الإعلام التقليدية من صحف ومجلات ومحطات تلفزيونية.

 

فقد جاء إعلان شركة «فيس بوك»، التي تحظى بمتابعة 1.5 مليار مستخدم حول العالم، عن إطلاق مجموعة جديدة من الخدمات الإعلانية يهدف معظمها إلى جذب المعلنين التلفزيونيين إلى الشبكة الاجتماعية، مستغلة نقطة قوة تتفوق بها على التلفزيون، وهي إمكانية تقديم الخدمات الإعلانية عبر تطبيقاتها، «فيس بوك»، و«إنستغرام»، على الهواتف المتحركة، خصوصاً أن الأجيال الجديدة تقضي وقتاً أطول في استخدام هواتفها وليس أمام التلفزيون. هذا التوجه أيضاً اتخذته شركة «تويتر» التي أعلنت عن عزمها خلال الفترة المقبلة طرح مجموعة جديدة من الخدمات الإعلانية، التي تستهدف مستخدمي شبكتها الاجتماعية التي تستقطب ما يزيد على 241 مليون مستخدم شهرياً.

 

هذه التطورات التي تجريها وسائل التواصل الاجتماعي غير التقليدية لكسب المزيد من المستخدمين والمعلنين، تقابلها معاناة واضحة للكثير من الفضائيات العربية بسبب تراجع ما تحصل عليه من عوائد الإعلانات في الفترة الأخيرة، وظهر ذلك بوضوح في اتجاه عدد من الفضائيات إلى تخفيض عدد العاملين بها، أو تخفيض رواتب العاملين، وفي أحيان أخرى الإغلاق نهائياً. أيضاً ظهرت المعاناة المادية لكثير من المحطات الفضائية العربية في الفترة التي سبقت شهر رمضان، والذي يعد الموسم الأهم للدراما والبرامج، حيث تأخرت بعض المحطات في إعلان دورتها البرامجية والدرامية في رمضان بسبب مشكلات مادية، ورغبتها في انتظار حسم ما يمكن أن تحصل عليه من كعكة الإعلانات. بينما تسببت رغبة الفضائيات في إرضاء المعلنين في طول الفواصل الإعلانية بين المسلسلات التي قام ببطولتها نجوم لهم جماهيريتهم لدى المشاهد، حتى أصبحت مدة الفواصل التي تتضمنها الحلقة الواحدة تفوق مدة عرض الحلقة، وهو ما أدى إلى نتائج عكسية، فانصرف المشاهدون عن متابعة هذه الأعمال عبر شاشة التلفزيون، مفضلين متابعتها من خلال موقع «يوتيوب» الذي كانت تعرض عليه عقب عرضها على التلفزيون مباشرة ودون أية فواصل إعلانية. أيضاً تسببت سيطرة الإعلانات على القرار في الفضائيات في ضغب أبطال وصناع الأعمال الدرامية، بعد ان شعروا بانصراف الجمهور عن متابعة أعمالهم بسبب كثافة الإعلانات، واتجاه القنوات إلى حذف تيترات مقدمة ونهاية المسلسلات لإفساح المجال لعرض أكبر قدر من الإعلانات، رغم أن هذه التيترات تكلفت صناعتها مبالغ طائلة، وقام بغنائها نجوم كبار. المشكلة نفسها التي كانت منها الدراما، باتت تعانيها القنوات المتخصصة في عرض الأفلام، حيث تقلصت ميزانيات هذه القنوات في السنوات الأخيرة، ما أثر في قدرتها على شراء حقوق عرض أفلام حديثة، وهو ما انعكس بدوره على صناعة الأفلام، حيث كان بيع حقوق عرض الأفلام للقنوات الفضائية وسيلة مهمة للمنتجين لتعويض جانب من تكاليف إنتاج وصناعة الفيلم.

واستطاعت مواقع التواصل الاجتماعي تغيير مفاهيم كثيرة في عالم الدعاية والإعلان، في ظل ظهور عدد كبير من الشباب الذين يحظون بعدد ضخم من المتابعين على «إنستغرام» و«تويتر» وحتى «سناب شات»، وتعلق الجمهور من فئة الشباب والمراهقين بهؤلاء الأشخاص واعتبارهم مثلاً أعلى يسعون لتقليده، ومن هنا بدأت كثير من الوجهات السياحية ومنظمي الفعاليات الثقافية والفنية والرياضية، وحتى التوعوية، بالاستعانة بهؤلاء الشباب للترويج لهم ولمنتجاتهم أو فعالياتهم المختلفة، عن طريق توجيه الدعوة لهم لزيارة الأماكن أو الفعاليات التي يرغب أصحابها الترويج لها، ما يجعلها تصل سريعاً إلى متابعي هؤلاء الأشخاص وعددهم يصل للآلاف، بكلفة مادية محدودة اذا ما قورنت بأسعار الإعلانات في التلفزيون أو في الصحف، وغالباً يتم تحديد المقابل الذي يتقاضاه سفراء التواصل الاجتماعي، كما يطلق عليهم، وفقاً لعدد المتابعين لهذا الشخص على المواقع المختلفة، وكذلك وفقاً لعدد مرات النشر التي سيقوم بنشرها عن الحدث، وفترة النشر.

 

 

نجوم

 

 

تحوّل عدد غير قليل من سفراء الإنترنت إلى نجوم لهم جمهورهم، وتستضيفهم وسائل البرامج التلفزيونية، بينما قام البعض الآخر بتأسيس مشروعات تجارية خاصة بهم، في مجال التجميل والازياء، خصوصاً الفتيات اللاتي بات يطلق عليهن لقب «فاشونيستا»، وهي التي تقوم بعرض أساليب تنسيق الملابس، ومن خلال ذلك الترويج لماركات معينة، وكلها نماذج تشير بقوة إلى شراسة المنافسة بين مواقع التواصل الاجتماعي وبين وسائل الإعلام التقليدية، التي بات عليها أن تعيد حساباتها حتى تحافظ على وجودها.

 

 

زيادة مطردة

 

أجرت مؤسسة «Y2d» دراسة عن أحدث الإحصاءات الإعلانية عبر الشبكات الاجتماعية، وتوقعت زيادة نمو النفقات الاجتماعية إلى 11 مليار دولار بحلول عام 2017. وقالت الدراسة إن الإعلانات أصبحت تُستخدم عبر شبكات التواصل الاجتماعي بشكل كبير، لاستحواذها على أعلى استجابة مقارنة بالإعلانات غير الاجتماعية، موضحة أن نفقات الإعلانات تزداد بشكل سنوي عبر هذه الشبكات، حيث حققت 4.7 مليارات دولار عام 2012، ومن المتوقع أن تصل إلى 11 مليار دولار عام 2017.

 

ووفقاً للدراسة فإن أكثر الدول إنفاقاً على الإعلانات عبر مواقع فيس بوك وتويتر، وغيرهما من المواقع الاجتماعية، هي أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأستراليا وكندا وبولندا وإسبانيا وهولندا وتركيا. كما جاءت السيدات في المرتبة الأولى الأكثر استهدافاً لإعلانات المواقع الاجتماعية بنسبة 45% مقارنة بنحو 30% للذكور.

من ناحية إعلانات مواقع التواصل الاجتماعي عبر المحمول يحتل «فيس بوك» المركز الأول من الحصة السوقية من إعلانات الموبايل، يليه «غوغل»، بينما تصدر مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أعلى استجابة للإعلانات الاجتماعية بنسبة 55% مقارنة بغيره من المواقع الأخرى.

 

 

 

 

 

معاناة حقيقية زيادة مطردة

هذه التطورات التي تجريها وسائل التواصل الاجتماعي غير التقليدية لكسب المزيد من المستخدمين والمعلنين، تقابلها معاناة واضحة للكثير من الفضائيات العربية بسبب تراجع ما تحصل عليه من عوائد الإعلانات في الفترة الأخيرة، وظهر ذلك بوضوح في اتجاه عدد من الفضائيات إلى تخفيض عدد العاملين بها، أو تخفيض رواتب العاملين، وفي أحيان أخرى الإغلاق نهائياً.

 

واستطاعت مواقع التواصل الاجتماعي تغيير مفاهيم كثيرة في عالم الدعاية والإعلان، في ظل ظهور عدد كبير من الشباب الذين يحظون بعدد ضخم من المتابعين على «إنستغرام» و«تويتر» وحتى «سناب شات»، وتعلق الجمهور من فئة الشباب والمراهقين بهؤلاء الأشخاص واعتبارهم مثلاً أعلى يسعون لتقليده، ومن هنا بدأت كثير من الوجهات السياحية.

تويتر