أجنحة «فرانكفورت».. من التــــعريف بالكتاب إلى الترويج للأوطان
تتبارى الأجنحة المشاركة في معرض «فرانكفورت الدولي للكتاب»، ليس فقط للترويج لمعارفها ونتاجها الثقافي، بل التسويق أيضاً لبلادها، والتعريف بتراثها وحضارتها. وفيما تكتفي بعض الأجنحة بصور عن بلدانها تزيّن واجهاتها، تعمد أخرى إلى أن تكون قطعة من أوطانها، فتتحوّل إلى محطات بارزة تجتذب الزوّار، وتجعلهم يبدأون مع الشكل الجمالي الجذاب، ليصلوا إلى الكتب التي تزيّن رفوف تلك الأجنحة.
«الإمارات اليوم» تفقدت عدداً من الأجنحة المشاركة في الدورة الـ67 لمعرض فرانكفورت، التي تميّز العديد منها، ولذا حاز زيارات كثيرة، وحظي بإعجاب روّاد المعرض.
خطوط عربية استوقف زوّار جناح الشارقة، أول من أمس، مشهد فتى في الـ17 من العمر، يخلط بشكل دقيق الأحبار ويجهز بوصات وأوراقاً بيضاء يخط عليها بشكل جمالي حروفيات تبرز جمال العربية. راشد القلاف، الذي يدرس الثانوية العامة هذا العام، يروّج هو الآخر بشكل مغاير، لجزء من تراثه العربي، إذ خط أسماء كثيرين من الألمان والجنسيات الزائرة الأخرى. وكانت البداية مع زوجين ألمانيين سعدا بلوحتي راشد، وقالت الزوجة: «إنها ستحتفظ بهذه الكتابة الجميلة لاسمها واسم زوجها، وستزيّن بها جدران منزلها». يبدو راشد، رغم عمره الصغير، متمرساً في الخط، إذ أنجز كثيراً من الأسماء، لاسيما بعد أن تزايدت أعداد الزوّار، لاسيما من فئة الشباب من الجنسين. يشار إلى أن راشد تزين بعض لوحاته أحد أركان جناح الشارقة مع آخرين من المبدعين. ضيف الشرف إندونيسيا.. ضيف الشرف في الدورة الـ67 لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب، التي تختتم اليوم، يعدّ جناحها حالة خاصة، لا يقاس عليها، فثمة قاعة مخصصة في المعرض لضيف الشرف، لكن يُحسب لهذه الدولة ذات الجزر الكثيرة حُسن استغلال المتاح، ونقلها ثقافاتها وتراثها إلى هذا الحدث العالمي الكبير، وملء المساحات بالفنون المختلفة: لقاءات شعرية، وكتب كلاسيكية؛ وآلات موسيقية بسيطة مصنوعة من البامبو، وكذلك المطبخ الإندونيسي وبهاراته التي تأخذ نصيباً من الجناح. |
البداية من جناح هيئة الشارقة للكتاب، الذي تزيّن بألوان معرضها وعرسها الثقافي ومشروعاتها، لينقل الزائر إلى عاصمة الثقافة في دولة الإمارات. ونجح الجناح في اجتذاب الزائرين بفكرة ذكية، يراها مدير هيئة الشارقة للكتاب بسيطة لكنها عبقرية، وهي التجسيد الجمالي واستخدام تقنية حديثة لإبراز منجزات الشارقة الثقافية، مشيراً إلى أن تلك الفكرة تنقل الزائر من فرانكفورت إلى الشارقة، وتحديداً إلى دوار الكتاب. وأعرب عن سعادته باجتذاب الجناح لكثيرين.
مظاهر إماراتية عدة تحضر في الجناح أيضاً، لعل من أهمها الرطب والتمور الإماراتية بأنواعها المختلفة، التي تقدم للزائرين في علب أنيقة، مخطوط عليها شعار هيئة الشارقة للكتاب، إضافة إلى القهوة العربية، ولوحات الخطوط العربية التي تزيّن أحد أركان الجناح.
وليس بعيداً عن جناح الشارقة، جناح آخر متميّز لسلطنة عُمان في المعرض، إذ اكتسى بصور تبرز ثقافات السلطنة وحضاراتها، فثمة صور تجمع وجوهاً طفولية باسمة، بأزياء عُمان، وأيادي الفتيات منقوشة بتشكيلات الحناء، وغيرها من اللقطات التي تلخص جانباً من تراث هذا الوطن.
مصر تستحق أفضل من هذا.. وصف أول قد يردده المرء عند عبوره أمام الجناح المصري في فرانكفورت، الذي لا يليق بـ«الكنانة»، ولا يعبّر عن حضارتها الضاربة في أعماق التاريخ، إذ اكتفى الجناح بعلم مصر في الساعات الأولى من يوم افتتاح المعرض، وحين انتبه القائمون على الجناح، أتوا بصورة نفذت على عجل، يعلوها ما يشبه أبوالهول، وحيداً، بينما قبعت الأهرامات في أسفل الملصق.
الحديث عن الأجنحة الأوروبية، يبدو نقلة نوعية، بعد الحديث تحديداً عن الجناح المصري، فالمكان المخصص لدولة فنلندا يعدّ واحة مطرّزة بالجماليات، تعكس كثيراً من حضارة هذا البلد، وتعرف بأعلامه في مجال الثقافة. ولا تختلف الحال كثيراً في جناح النرويج، الذي يصطحب الزائر إلى مبانيها الكلاسيكية وشوارعها شديدة العتاقة.
وبعيداً عن مثل هذه البلدان التي تصنّف دول عالم أول، فأجنحة بالجملة لدول أقل في التصنيف، لا تتخلى عن المقاييس الجمالية، واستثمار الحدث الفرانكفورتي للترويج لشعوبها، ويبرز ذلك في أجنحة عدة، مثل: رومانيا، وأذربيجان، وكذلك روسيا التي يزدحم جناحها بصور شخصياتها الثقافية البارزة، في حالة أقرب إلى التباهي المستند على أكتاف كل من يطلون من تلك الصور.