مشروع ضخم لرفع الرقعة الخضراء في دبي وزيادة المساحات المزروعة

بالفيديو.. «بحيرات القدرة».. الحياة تـــتحدى الصحراء

صورة

بين الكثبان الرملية وفي وسط الصحراء، تباغتك واحات المياه المظللة بالأشجار في بحيرات القدرة، فتحوّل مشهد الصحراء الذي تكسوه الرمال والحرارة القاسية، إلى مشهد تغمرك فيه الطبيعة بالهدوء والسكون، وكأن الحياة تتحدى الصحراء. تقع هذه البحيرات بالقرب من محمية المرموم والسيلي في منطقة سيح السلم، حيث تتلاحم في الطبيعة مشاهد متناقضة، فهنا في هذه الصحراء حيث تطغى ملامح الحياة البدوية والريفية القائمة على البساطة، تتصدر الواحات المائية الاصطناعية المشهد الجمالي، فتكسر رتابتها ونمطيتها المألوفة، لتضعك أمام ما هو غير مألوف.

وقال مدير عام بلدية دبي، حسين لوتاه، إن «المشروع بدأ بتوجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وذلك لرفع الرقعة الخضراء في دبي بنسب مختلفة، وزيادة مساحتها في وسط الصحراء، بحيث يكون من مسارين، المسار الأول جمالي يتعلق بتجميل المدينة، والمسار الثاني تكثيف الزراعة».

درّاجات هوائية

يوجد قبل الدخول إلى المحمية مكتب لتأجير الدرّاجات الهوائية، حيث يقدم للناس فرصة الاستمتاع باستخدام الدرّاجات الهوائية وسط الصحراء، التي تمتاز بعجلاتها الضخمة، ويوفر للروّاد فرصة مميزة، في حين يمكن لمحبي هذه الرياضة ممارستها أيضاً على الطرق المعبّدة التي تحيط البحيرات، حيث تتوافر المساحات الشاسعة والمخصصة لركوب الدرّاجات الهوائية.

وأضاف لوتاه: «بناءً على هذه التوجيهات وهذا النمط، قامت البلدية بإنشاء بحيرة ضخمة، تمت تغذيتها بمياه الصرف الصحي المعالج في منطقة جبل علي، ثم بدأت في ما بعد زراعة الأشجار حولها، وبدأت بعد ذلك تتمدد المساحات المزروعة بالأشجار على طول المنطقة الصحراوية، فتم إنشاء بحيرات أخرى عدة، وبناءً على ذلك تم تكثيف الزراعة حول البحيرات الجديدة أيضاً».

ولفت لوتاه إلى أن «المشروع حيوي يقدم كثيراً من المتطلبات البيئية، فقد جذبت البحيرات الواسعة مجموعات كبيرة من الطيور المهاجرة التي وجدتها ملاذاً آمناً للتكاثر، إضافة إلى الطيور والحيوانات الموجودة في المنطقة، بينما من الجانب الآخر باتت مكاناً جاذباً للزوار الذين يستمتعون بهذه الأماكن. إلى جانب هذه الحيوانات، توجد في البحيرات مجموعة من الأسماك التي تم جلبها من الخارج، وتستخدم للمحافظة على نوعية المياه، فهي لها القدرة على مكافحة الحشرات والتخلص منها».

وأشار لوتاه إلى وجود بحيرة رئيسة ضخمة، وبحيرات مختلفة، والمشروع مازال في طور التطوير، فالزراعة في تزايد، وهناك خطة للتشجير أكثر وتكثيف المناطق الزراعية، بهدف تغطية أكبر مساحة في الصحراء، مع الحرص على أن تكون الزراعة محلية، وتكون حاجتها من المياه محدودة، ولهذا تم الاعتماد بشكل كبير على شجر الغاف، إلى جانب كثير من الأشجار التي تنمو وحدها في الصحراء، كشجيرات صغيرة متباعدة. وشدد على وجود فريق من البلدية متخصص في متابعة الزراعة، وأحوال المنطقة والمساحات المزروعة، وهذا الفريق أوكل الاهتمام بها بتوجيهات من صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي يحمل المشروع رؤيته، لتحويل الصحراء إلى مناطق خضراء وجميلة، إذ بدأنا نرى هذه الخطة على أرض الواقع، مع استمرارية في التنفيذ. وأكد لوتاه ملاحظة البلدية وجود سوء استخدام للبحيرات من قبل مرتاديها، متمنياً أن يكون هناك التزام من قبل المرتادين للمحافظة عليها نظيفة، والامتناع عن قطع الأشجار، مؤكداً أنه لا يمكن مراقبة الناس، معبّراً عن إيمان البلدية بوجود التعاون بينها وبين الناس والتزامهم بالإرشادات المكتوبة.

وتشكل البحيرات رحلة مميزة للاستجمام، بداية من الطريق المؤدي إليها، حيث يسيطر مشهد الأشجار التي تظللها، فتنسى للحظة أنك داخل الصحراء، وبينما تدخل السيارة تجد نفسك أمام أول البحيرات الموجودة هناك، التي تحوي مجموعة من الكائنات يصل تنوعها إلى ما يزيد على 100 نوع، فتختلف أنواع البط الذي يعوم على المياه، أو يترك آثاره في الرمال المبللة بالمياه عند سواحل البحيرات، بينما يعمد الناس، خصوصاً الأطفال الى إطعامها.

ولهذه الحيوانات في البحيرات حكايات خاصة، فمنها ما هو من الطيور المهاجرة التي حطت في البحيرة بهدف الراحة لاستكمال هجرتها، ومنها الطيور التي باتت مستقرة في البحيرات، نظراً إلى توافر الأمان والأكل والشرب لها، إلى جانب فئة من الطيور والحيوانات التي تنتمي إلى المنطقة، ومنها طير المهذار.

هذا الجمال الذي تتصف فيه البحيرات، محاط بالكثبان الرملية البيضاء من الخلف، بينما تهيئ الأشجار التي تحيط البحيرات المكان ليكون وجهة مميزة للاسترخاء والاستجمام، فتتسم الأشجار بكونها صحراوية، ومنها شجرة الغاف، الذي تنتشر على طول امتداد البحيرات. هذا المشروع الذي من شأنه أن يكون مشروعاً مميزاً على خارطة دبي السياحية، خصوصاً بتحويل مفهوم الصحراء، وتغيير صورتها النمطية، يجذب كثيراً من الناس، الذين يستهويهم البر والاستمتاع به، فيجدون عند المشهد الجامع بين المياه والرمال والأشجار، ما هو مميز بهدف تناول الغذاء، وقضاء وقت عائلي مميز.

وتستكمل الرحلة مع البحيرات، وذلك بالدخول في عمق الصحراء، حيث يرتفع منسوب الرمل، وتصبح الرحلة بحاجة إلى سيارات رباعية الدفع، ومنها البحيرات التي يصعب دخولها على مستخدمي السيارات الصغيرة، وهنا نصبح أمام مشهد جمالي مختلف عن الذي سبقه، حيث تقل نسبة الطيور والحيوانات التي تعوم على سطح المياه، بينما تكثر الطيور المحلقة فوق البحيرات التي تحاط بالأشجار، وتمتاز بالمساحات الشاسعة وبتعرجاتها الكثيرة، حيث تتجاوز إحداها الثلاثة كيلومترات.

اللافت في توزع هذه البحيرات المساحاتالتي تفصلها عن بعضها بعضاً، بحيث لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال التجول في وسط الصحراء، فتصبح المتعة مزدوجة وجامعة لمحبي الاستجمام والصحراء والبر، الأمر الذي يتيح أيضاً رؤية بعض الحيوانات التي تمر في الصحراء، كالغزلان التي قد تمر سريعة.

وتعدّ زيارة البحيرات فرصة مميزة للاستجمام خلال فصلي الشتاء والربيع، فهي تتيح الاستمتاع بالموسيقى التي تصدرها الطيور والبط، لاسيما في الصباح الباكر، بينما يمكن في المساء الاستمتاع بمشهد عودتها في أسراب إلى بيوتها التي بنيت خصيصاً لها.

تويتر