مهرجان الشارقة للشعر العربي يختتم اليوم في وادي الحلو. من المصدر

جمهور «قصر الثقافة» يردد القوافي المتوقعة في أمسية «عمودية»

جاءت الأمسية الرابعة بقصر الثقافة في الشارقة، أول من أمس، عمودية بامتياز، وجمعت خمسة شعراء قرأ كل واحد منهم «عموده الشعري» ضمن فعاليات الدورة الـ14 لمهرجان الشارقة للشعر العربي، الذي افتتح في 13 يناير الجاري، في مدينة الشارقة، ويختتم اليوم في وادي الحلو. وفي ختام الأمسية، وقّع الشاعر، فاتح البيوش، من سورية، ديوانه «الحبق المحزون» الصادر عن دائرة الثقافة والإعلام.

 

وفي مسرح قصر الثقافة، كان عدد من الحضور يتوقع كثيراً من قوافي الأبيات الشعرية، قبل أن ينطقها الشعراء أنفسهم، إذ تصعد أصوات من المسرح تردد القوافي المتوقعة.

وشارك في الأمسية الشعراء: حسن شهاب الدين من مصر، وياس السعيدي من العراق، وخالد الشرمان من الأردن، وسمية محنّش من الجزائر، ومصعب بيروتية من سورية.

وجمعت الأمسية، التي أدارتها الشاعرة والإعلامية السودانية، ابتهال مصطفى، أصواتاً متنوعة في المشهد الشعري العربي، إذ ينتمي المشاركون إلى مدارس وأمزجة متفردة، تعكس هويتهم في القصيدة العمودية على وجه الخصوص، يجمعها الوزن والقافية.

ولم تخرج قراءات الشعراء في مشاركاتهم عن مجمل الفضاء الذي يحكم القصيدة العمودية من ناحية الشكل، وكذلك من حيث الموضوعات، إذ تناولت القصائد أوجاع الواقع العربي، إضافة إلى مختلف الصيغ الذاتية.

وعلى الرغم من أن الشعراء قرأوا تجاربهم الذاتية في مشاركاتهم، إلا أن مزاج الأمسية بأكمله بدا محكوماً بما يجري على الأراضي العربية من نزاعات، فلم يغب المشهد العراقي أو المشهد السوري، أو غيرهما من المشاهد العربية، عن مجمل القصائد المقروءة.

استهل الأمسية الشاعر، حسن شهاب الدين، الذي يطرح قصيدته في سياق الاشتغال على المفارقة في الصورة، والومضات المتكررة في النص الشعري الواحد، محاولاً بذلك الاستناد إلى مجمل المخزون التراثي العربي من مرويات وحكايات ونصوص شعرية موروثة، فيقول في قصيدة له بعنوان «مدار التوت»:

 

«كبيْتِ شعرٍ بلا صدر ولا عجُزِ

 

أصغي للثغةِ طفلِ التوتِ والكَرزِ

أرى ملائكةَ الياقوت ترشقُني

بورد صوتكِ رشقاً غير مُحترزِ

إلى جحيم نديٍّ كنتُ أتبعُها

ولا دليل لشعري فيك أو رجزي

أتممتُ وِرْدَ اشتعالي حولها ظمئاً

وراوغتني فلم أخسر ولم أفزِ

إلا كرشفة عصفور على وجلٍ

من غيمةٍ طفلةٍ قالت له انتهزِ».

 

وجاءت قراءة الشاعر، ياس السعيدي، انعكاساً لتجربة في كتابة القصيدة العمودية يتكئ فيها على المخزون التاريخي، ويوظف فيها النصوص الدينية، بوصفها فضاء مرجعياً لقصائده. وقرأ قصيدة طويلة تحتشد بإحالات إلى النص التراثي العربي بكل تجلياته الحكايئة والدينية والأسطورية، فألقى قصيدة بعنوان «في البريد السري لمحمد مهدي الجواهري» قال فيها:

 

«حيّيت سفحك شكراً لا تحيّيني

 

عندي من الدمع أنهارٌ سترويني

عندي من الهمّ تاريخٌ ألوذ به

لوذ الفراشة في حضن البراكين

يلوكني حنظل الأيام مبتسماً

هل تنفع المبتلى ذكرى الرياحين؟

لا تعجبي من حروفي إذ تسيل دماً

أحكي وفوق شفاهي ألف سكّين

ها قد أتيتك محمولاً على وجعي

محدودب الحرف من يائي إلى سيني».

 

وقدّم الشاعر، خالد الشرمان، في مشاركته عدداً من القصائد التي تكشف شواغله الوطنية، وعلاقته بالمكان، باعثاً تحية خاصة إلى الشاعر الأردني الراحل، حبيب الزيودي. وقرأ قصيدة عن مدينة المفرق الأردنية، رأى أنها تمثل العالم بالنسبة له، فقال في إحدى قصائده:

 

«هي هكذا تمضي بنا الأيام

 

وتفوتنا الآمال والأحلام

وتضيع منّا رحلة العمر الذي

قد كان منّا فاحتواه ظلام

ونغيب عن هذا الوجود وننتهي

في عالم لا لم يصفه كلام

هي هكذا يا صاحبي أحلامنا

وُلدت وكم عبثت بنا الأوهام».

 

ولم تخرج الشاعرة، سميّة محنّش، في قراءتها عن الحالة العربية الراهنة، وقراءة التاريخ وإعادة صياغته في قصائدها، إذ امتثلت في واحدة من قصائدها إلى حكاية زرقاء اليمامة المعروفة في التراث العربي، وراحت تشكّل منها مقابلة جمالية لمختلف القضايا الإنسانية التي تعاينها، مستثيرة فكرة الحبّ والخوف والحرب والموت والعمر، في بناء قصيدة واحدة، وقرأت من قصيدة بعنوان «هيت لك»:

 

«من أين يأتي كل هذا الشوق لك

 

يا من تسافر في دمي سير الفلك

تستلّ روحي في الغياب بهمسةٍ

ثملاً كأحلامٍ تعانق منزلك

وتفيض من شمّ المشاعر سكرةٌ

تنساب لثماً مثقل الأنفاس لك

فتهيم بي وتخيط لي وهماً يشرنق

صبوتي، بئساً لطيفك، هيت لك».

 

واختُتمت الأمسية بقراءة الشاعر، مصعب بيروتية، الذي يستند في بناء قصيدته إلى خيال جامح بالصور، فيعاين الهمّ السوري، ويصف المسافة التي تفصله عن بلاده بصورة متتابعة تتشكّل من قاموس الغيم والنجوم والبرق، محوّلاً علاقته مع القصيدة إلى علاقة ذاتية لا يمكن الفصل بينها وبينه، فلا يكتب القصيدة وإنّما يعيشها كما يقول في قصائده، فيقرأ من قصيدة بعنوان «ردهة الصدى»:

 

«بما فيك من معنى إنائيَ ينضح

 

ولي فيك شكلٌ وارتسامٌ وملمح

وطفلٌ على العكّاز يرسم حلمه

وبين خرابيش الدفاتر يرمح

ويسكن كوخاً فوق جذعٍ لنجمة

وكوخٌ ظلاميٌّ بعينيه مسرح

كأرجوحة في الروح تعلو وتنحني

تراقصه حيناً وحيناً تؤرجح».

 

 

الأكثر مشاركة