«القطة».. فتنة التناقض والهالة الغامضة

عن مشروع «كلمة» للترجمة في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، صدر حديثاً كتاب جديد بعنوان «القطة.. التاريخ الطبيعي والثقافي» ضمن إصدارات سلسلة الحيوانات للمؤلفة: كاثرين روجرز، ونقلته إلى «العربية» الكاتبة والمترجمة الإماراتية ريم أحمد الذوادي.

 

يتضمن الكتاب، الذي يقع في 232 صفحة، العديد من الأبواب التي قدمت نظرة شاملة عن القطط وتاريخها الثقافي والطبيعي من بينها: القط من البرية إلى المنزل، سحر القطط خير وشر، القطة والمرأة، فتنة التناقض، الجدول الزمني للقطة.

ويتتبّع الكتاب العلاقة بين القطط والبشر، والنظرة المتناقضة لها. وعلى خلاف غيره من المؤلفات، يقدم الكتاب معلومات دقيقة عن تاريخ القطط وصورها في الأدب والفن.

ففي بداية تطور البشرية، وجد الإنسان نفسه في عالم شاركته فيه حيوانات أخرى، شكل بعضها تهديداً له، بينما رأى في حيوانات أخرى أنداداً ومنافسين، وفي ثالثة طعاماً. لكن الإنسان، إلى جانب هذا المنظور العملي، أعجب بقوة الحيوانات، وسرعتها، وحدة حواسها، ومستوى التنسيق العالي الذي تميزت به حركات بعضها. ولهذا، وعندما بدأ البشر بالتعبير عن أنفسهم بشكل فني، في أواخر العصر الحجري، أخذوا بتخليد مشاهد صيد الحيوانات الكبيرة على جدران كهوفهم. إن سبب افتناننا بالحيوانات يعود إلى اختلافها عنا، فعلى الرغم من أنها تمتلك وعياً، وأحاسيس، ودوافع، ومشاعر مشابهة لنا، إلا أنها تبقى غريبة عنا، وبعيدة عن فهمنا الكامل لها، وخارج قدرتنا على التواصل معها، وذلك حسب مؤلفة الكتاب التي تطرقت إلى أنّ العلاقة بين البشر والقطط أخذت شكلاً أكثر قرباً عندما بدأ الإنسان بترويض الحيوانات وتدجينها، بدءاً من الكلاب التي انضمت إلى المجتمعات البشرية قبل نحو 14 ألف عام. عندها، اتخذت نظرة الإنسانية للحيوانات زاوية أكثر شخصية، بل ونمت مودة عميقة تجاه بعضها، على الرغم من أن الاستخدام المنهجي للحيوانات التي وقعت تحت سيطرة الإنسان، قد فتح المجال لاستبداد خالٍ من الرحمة.

كان حظ القطط، وهي آخر من انضم إلى مجموعة الحيوانات العائلية الأليفة، أفضل من غيرها، فلم يتم استغلالها، بل احتفظ بها في المنازل لتمسك بالفئران والحشرات، وهو عمل تستمتع به القطط بشكل غريزي.

ويؤكد الكتاب أنّ قدرة القطط على التحرك في الظلام، وحركاتها الصامتة المنسلة، وعزلتها الذاتية، ورفضها الانصياع إلى البشر، أعطتها هالة غامضة بدا مصدرها خارقاً، لتدان بأنها حليفة للشيطان في القرون الوسطى. لكن هذه الصفات التي بعثت الخوف في وقت سابق أصبحت سبب افتتان كثيرين بهذه الحيوانات. وجسّدت أعمال العديد من الكُتّاب والفنانين، النظرة المتناقضة نحوها، فغدت رمزاً للوداعة والشراسة الغادرة معاً، والألفة والعزلة، والروح المنزلية والاستقلالية المجردة.

الأكثر مشاركة