ارتبطت بالنشاط التجاري وتطوره في المنطقة (2-2)
العُملات.. شواهد علـى تحولات منطقة الخليج
لا تتوقف أهمية العُملات على دورها الاقتصادي والنقدي، فهي جزء من حركة التاريخ وتطوره في كل دولة. وفي دولة الإمارات ومنطقة الخليج عموماً، تعكس العملات جوانب من مراحل تطور المنطقة على مر التاريخ.
«ذاكرة الوطن» تستكمل في هذا العدد استعراض تاريخ النقود في الإمارات، حيث شهدت الإمارات خلال فترات زمنية مختلفة، كما هي الحال في بقية دول الخليج، تداول المسكوكات الإغريقية والرومانية والبيزنطية والساسانية والقاديانية، وكذلك الدنانير الإسلامية في عهد الخلافة العباسية.
التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بُنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن «تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي»، جاءت مبادرة «1971»، التي أطلقها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات. واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها «الإمارات اليوم»، بالتعاون مع «الأرشيف الوطني»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها. لمشاهدة صور تاريخية عن الموضوع، يرجى الضغط على هذا الرابط. مجلس النقد اقتصرت صلاحيات مجلس النقد، حسب القانون، على إصدار الدرهم وتأمين التغطية الكاملـة له بالذهب والعملات الأجنبية، وقد تحدد مكافئ الدرهم من الذهب بواقع 0.186621 غرام، وتم ربطه بالدولار الأميركي على أســاس 3.94737 دراهم لكل دولار مع هامش تذبذب ضيق. ساعد مجلس النقد على ضمان كفاءة تنظيم القطاع المصرفي وسلامته، كما قام بفضل المساعدة الفنية التي تلقاها من صندوق النقد الدولي، بإعداد وجمع وتبويب إحصاءات نقدية ومصرفية مفصلة، ونشر تقارير سنوية ونشرات اقتصادية نصف سنوية. المصرف المركزي بتاريخ 10 ديسمبر 1980 بدأ العمل بالقانون الاتحادي رقم (10) لسنة 1980 في شأن «المصرف المركزي والنظام النقدي وتنظيم المهنة المصرفية»، الذي نص على أن ينشأ في دولة الإمارات العربية المتحدة مصرف مركزي يسمى «مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي»، وأن يقوم المصرف المركزي بتنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية، والإشراف على تنفيذها وفقاً للخطة العامة للدولة، وبما يساعد على دعم الاقتصاد القومي واستقرار النقد. بنك البنوك تتمثل المسؤولية الرئيسة للمصرف المركزي في رسم وتطبيق السياسات المصرفية والائتمانية والنقدية، بما يكفل نمو الاقتصاد الوطني لدولة الإمارات بشكل متزن. كما يعمل المصرف المركزي على المحافظة على سعر صرف ثابت لدرهم الإمارات مقابل الدولار الأميركي، ويضمن حرية تحويل العملة الوطنية إلى العملات الأجنبية، بالإضافة إلى قيامه بدور «بنك البنوك»، وبوظيفة مصرف الحكومة ومستشارها المالي. عملات تذكارية إلى جانب العملات المتداولة المعتادة، يحرص البنك المركزي على إصدار العديد من المسكوكات التذكارية من الذهب ومن الفضة، والدراهم التذكارية تخليداً للمناسبات المهمة الوطنية والإقليمية والعالمية، ومناسبات اليوبيل الفضي أو الذهبي للمؤسسات الوطنية المتميزة. |
كما حمل تجار الإمارات عملات جديدة لم تكن معروفة من قبل في بلادهم، فكان الريال النمساوي، ثم الليرة العثمانية، تلاهما استخدام الروبية الهندية، التي صدرت عام 1947، وظلت تمثل العملة الرئيسة في الإمارات حتى عام 1959، عندما أعلنت الحكومة الهندية عزمها إصدار روبية خاصة بالخليج، وتولى البنك الاحتياطي الذي يمثل السلطة النقدية في الهند إصدار روبية خاصة بالخليج، وطبعت نماذج جديدة منها تختلف في اللون لاستخدامها في المنطقة، وقد أصدرت الروبية الخليجية بنفس مواصفات وسعر صرف الروبية الهندية، بخلاف لون الورق المستعمل الذي تحول من الأزرق إلى الأحمر.
كان لقرار إصدار الروبية الخليجية أهمية كبيرة، بحسب ما يذكر الباحث الاقتصادي نجيب عبدالله الشامسي في كتابه «النقود في الإمارات العربية المتحدة»، موضحاً أنه مع صدور هذا القرار كان لدى البنوك العاملة في الخليج خلال الفترة بين شهري مايو ويوليو من عام 1959 ما يساوي 6 .34 مليون جنيه إسترليني من الروبية الهندية، 50% منها لدى البنك البريطاني للشرق الأوسط، وقد استبدلت بناءً على سعر الصرف السائد آنذاك، ولذلك كان لقرار الهند إصدار روبية خاصة بالخليج وقع سيئ على الحكومات المحلية، لما له من تداعيات على العلاقات التجارية والاقتصادية التي تربط الخليج بالهند، ورغم قوة الروبية الهندية الاقتصادية، فإن الهند عزت خطوتها هذه إلى سعيها لحماية اقتصادها من عمليات التهريب غير المشروعة للعملة في ظل الوضع المتردي للخزينة العامة للدولة.
ويذكر الشامسي أنه خلال فترة قصيرة امتدت من 11 مايو إلى 21 يونيو 1959 تمت عملية الاستبدال في كل من أبوظبي ودبي من خلال البنك البريطاني للشرق الأوسط، والشارقة من خلال البنك الشرقي والبنك البريطاني للشرق الأوسط، وقدرت قيمة الإصدار من «روبية الخليج» حينها بنحو 500 مليون روبية، ولكن ما لبثت الحكومة الهندية عام 1966 أن قامت بتخفيض قيمة الروبية الهندية بنسبة 35%، ما أجبر بنوك الإمارات على إغلاق أبوابها ريثما يتضح إذا ما كان التخفيض يشمل الروبية الهندية الخليجية أم لا، وجاء الرد بعد 10 أيام بشموله الروبية الهندية الخليجية أيضاً، ما سبب أضراراً مادية للإمارات وبقية الخليج التي كانت تستخدم هي الأخرى الروبية.
شكل الانخفاض وما سببه من أضرار مادية في الخليج عاملاً مساعداً لإنهاء نظام العملة المشتركة، حيث ارتأت الإمارات عدم التعامل بالروبية الهندية لتقف أمام خيارين، وفق ما يوضحه الشامسي في كتابه: إما أن تقوم بإصدار عملة خاصة بها أو اعتماد إحدى العملات الموجودة في المنطقة.
وعلى الفور اختارت قطر ودبي إصدار عملة مشتركة خاصة بهما، مستنيرتين بتجربة الكويت والبحرين في إنشاء نظام نقدي وطني مستقل، وفي 21 مارس 1966 وقّعت كل من قطر ودبي اتفاقية «عملة قطر ودبي» التي تم بموجبها إصدار ريال قطر ودبي، وكخطوة مؤقتة تم الاتفاق على إحلال الريال السعودي محل الروبية في التبادل داخل الإمارتين، وظل ريال قطر ودبي مستخدماً حتى قيام دولة الاتحاد عام 1971.
بالمقابل كان لأبوظبي إجراءاتها الخاصة، حيث اتخذت بعد أيام عدة من تخفيض الروبية قراراً باعتماد الدينار البحريني كعملة رسمية لها، وتولى فرع البنك الشرقي المحدود في أبوظبي إصدار النقد للبنوك العاملة في أبوظبي نيابة عن مجلس نقد البحرين، وبذلك أصبح كل من الدينار البحريني وريال قطر ودبي قابلين للتبادل كل بالآخر على أساس سعر الصرف السائد، وهو 10 ريالات قطر ودبي لكل دينار بحريني.
وبذلك كان ريال قطر ودبي هو المتداول في دبي والإمارات الشمالية وكذلك في قطر، بموجب الاتفاقية المبرمة في 21 مارس عام 1966، وكانت القيمة الشرائية للريال تعادل 0.186621 غرام من الذهب الخالص. أما في أبوظبي فقد تم تداول الدينار البحريني وكان يساوي آنذاك 10 روبيات خليجية، وكانت أبوظبي قد اتخذت منه عملة تداول اعتباراً من مارس 1967.
مع قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، ومع بروز الحاجة إلى إيجاد عملة وطنية بديلة للدينار البحريني في أبوظبي، وريال قطر ودبي في الإمارات الشمالية، ومع تطور الدولة وضرورة تحقيق تنمية اقتصادية، ولضرورة وجود سلطة نقدية تراقب القطاع المصرفي، ووجود دور للقطاع المصرفي في مسيرة التنمية الاقتصادية، من أجل هذه الأهداف تم إنشاء مجلس النقد في دولة الإمارات العربية المتحدة في 19 مايو 1973، بموجب القانون الاتحادي رقم «2»، ونصت المادة الأولى منه على أن «ينشأ في دولة الإمارات مجلس لإصدار أوراق النقد والعملة المعدنية في الإمارات الأعضاء بها، وإصدار رخص البنوك والمؤسسات المالية».
وفي 19 مايو 1973 تم إصدار الدرهم الإماراتي، وتم تعميم التعامل بنظام العملة الوطنية الموحدة خلال ستة شهور وسحب العملة القديمة، علماً بأن معظمها تم سحبه خلال الأسابيع الأولى من طرح الدرهم.
أرقام وأحداث
1973
شهد عام 1973 إصدار الدرهم الإماراتي، وتم تعميم التعامل بنظام العملة الوطنية الموحدة خلال ستة شهور.
1966
في 21 مارس 1966 وقّعت كل من قطر ودبي اتفاقية «عملة قطر ودبي» التي تم بموجبها إصدار ريال قطر ودبي.
1980
تم في 10 ديسمبر 1980 صدور قانون اتحادي بشأن إنشاء مصرف مركزي دولة الإمارات العربية المتحدة.
1959
كان لقرار إصدار الروبية الخليجية عام 1959 أثر سلبي في اقتصاد دول الخليج.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news