ضمن عروض الدورة الـ 26 من أيام الشارقة المسرحية

«مرثية الوتر الخامس» تستدعي زرياب.. و«ليلة» تحمل صرخة احتجاج

صورة

شهدت القاعة الأولى، في معهد الشارقة المسرحي، عرض مسرحية «مرثية الوتر الخامس» (مونودراما)، أول من أمس، ضمن العروض المشاركة في النسخة الـ26 من أيام الشارقة المسرحية، وهي من إنتاج هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، وتأليف الكاتب الأردني مفلح العدوان، وإخراج المخرج الأردني فراس المصري، وأداء الممثل الإماراتي عبدالله مسعود.

رسالة

زرياب حمل رسالة ضد العنف والتكفير، كان مصراً على أن يكون هناك وصل مقابل ما يقوم به البعض من إرهاب، فالظلاميون قطعوا كل أوتار الحياة، لكنه كان حريصاً على وصل كل الأوتار؛ بما فيها وتره الخامس، لتستمر الحياة.

«وعاشوا عيشة سعيدة»

عرضت، أمس، على مسرح قصر ثقافة الشارقة مسرحية «وعاشوا عيشة سعيدة»، لفرقة كلباء، من تأليف علي الزيدي، وإخراج كاظم نصار. أما اليوم فجمهور المسرح على موعد في قصر الثقافة مع مسرحية «حافة الاقتراب»، لفرقة مسرح أم القيوين، وهي من تأليف وإخراج محمود أبوالعباس.

وضمن المهرجان، أيضاً؛ عرضت مسرحية «ليلة»، في القاعة رقم 2 بمعهد الشارقة للمسرح، أول من أمس، لفرقة مسرح خورفكان، من تأليف وإخراج علي جمال، وتمثيل مرعي الحليان وبدور.

في «مرثية الوتر الخامس»، حضر التاريخ والموسيقى وزرياب، ليقفوا جميعاً ضد العنف والإرهاب والتكفير، ورحلة زرياب القسرية من بغداد إلى الشام ومصر والقيروان والأندلس، حاملاً عوده وموسيقاه، ووتره الخامس الذي لا يريد التخلي عنه، مهما بلغ حجم الإرهاب والعنف والتكفير والتآمر، فهو بالنسبة إليه الحياة برمتها.

مع بداية العرض، ظهر زرياب الأنيق صامتاً لفترة، وبدأ يحضر نفسه لاستقبال رواد الملهى الذين لن يحضروا، لكنه يستعد للقائهم، ويطرح فيضاً من الأسئلة عن موعد قدومهم، ولماذا، يأتون أو لا يأتون، لكن المهم في الأمر هو تلك التداعيات والأوجاع، التي قد تكون ناجمة عن العنف في بغداد، حيث أصوات القنابل والصواريخ، أو في أي بقعة في العالم العربي، أو هي بسبب تلك القوى الظلامية، التي تكفر كل من يعمل في عالم الفن والموسيقى.

زرياب، الذي عاش في بغداد أيام العصر العباسي في عهد الخليفة هارون الرشيد، كان يتساءل لماذا منح هذا اللقب، هل ذلك بسبب لون بشرته الداكن، وصوته العذب، إذ إنه اسم طائر الشحرور الأسود اللون، العذب الصوت.

ارتحال طويل

زرياب غنى أمام الخليفة، من خلال معلمه إسحق الموصلي، ويُعجب الخليفة بصوته وموسيقاه، لكن معلمه يطفح حقداً، ويكاد الشرر يتطاير من عينيه حقداً وحسداً على احتلاله تلك المكانة وذلك التقدير عند الخليفة، ويأتي الرد كاملاً من معلمه: «بغداد لا تتسع لنا نحن الاثنين». وبالتالي لم يعد لدى زرياب خيار إلا مغادرة بغداد وما حققه فيها، فارتحل متنقلاً بين الشام ومصر والقيروان التي لم تحتمله هي الأخرى، فحط رحاله في الأندلس، واستقر فيها، وكان العود لا يمتلك إلا أربعة أوتار فقط، ليضيف له الوتر الخامس، عدا إسهاماته في الغناء والموشحات والمقامات. ولأنه زرياب وما حققه من إضافات في عالم الموسيقى، حضرت الموسيقى والغناء بكثافة في العرض، فكان هناك موشح جادك الغيث، وغيره، وكانت السلالم الخشبية التي تنقل عليها زرياب بخفة ورشاقة حاضرة على المسرح، وجزءاً من العمل.

«ليلة»

بدأ عرض «ليلة» (إحدى المسرحيات الثماني التي دخلت المنافسة هذا العام) وسط أجواء غائمة، إذ انتشرت سحب من الدخان، وفي وسط القاعة، وتحت إضاءة باهتة، كان يقف رجل خمسيني بين يديه ورقة يقلبها، فتبدو عليها صورة فتاة جميلة، ويخاطب الصورة قائلاً: «لقد رسمتك يا ميساء.. لقد رسمتك هذه المرة بطريقة مختلفة». وأبرزت المسرحية الانعكاسات المدمرة للحرب التي تلاحق الإنسان أينما حل، وتسلبه كل شيء، حتى حقه في أن يحلم ويتخيل مستقبلاً جميلاً، وتعد المسرحية صرخة احتجاج على واقع الحروب، التي تشهدها مناطق كثيرة من العالم العربي.

يدور حوار بين نواس وميساء (بطلا العمل)، فتقول ميساء: «نواس، لقد رسمتني هذه المرة بشكل مختلف»، وتعبر عن عشقها له، لكنه يظل قلقاً، وتكتشف خلال الحوار أنه يرتدي بدلة عسكرية تحت سترته الطويلة (هو عسكري متقاعد)، فتسأله عن سبب ارتدائه هذه البدلة.

ترفض ميساء الحرب التي دمرت حياة الناس وسلبتهم كل شيء، وها هي ستسلبها حبيبها، ويشتد دوي الانفجارات، ويحاول نواس الخروج، لكنها تمنعه، ويدخلان في سجال طويل، وفي لحظة ما تقرر ميساء رمي نفسها في البحر، لكن نواس يسحبها بعيداً ويحميها، ويقرر البقاء معها تلك الليلة، وتلبية كل ما تريد.

بعد هذه الواقعة يأخذ مسار العمل بعداً آخر لا يخلو من الكوميديا، إذ تبدأ ميساء بإصدار أوامرها الصارمة إلى نواس كي يتزوجا، وهو لا خيار لديه غير الموافقة، وتقرر أن يذهبا في رحلة بحرية لكن الحرب تلاقيهما في عرض البحر، ويتعرض نواس للإصابة، ومن ثم يصلان إلى نفق غير معروف بالنسبة لهما، وهناك يسعيان إلى تبديد وحشة المكان بالقصص والحكايا والأحلام والمستقبل الوردي، فيكتشفان أن المكان مليء بجماجم الموتى، فيدب الرعب والخوف في قلبيهما، والحرب مازالت مستمرة والانفجارات لا تتوقف، وتؤدي إلى تدمير النفق، وينجم عن ذلك تفرقهما كل واحد في جهة، وينادي كل منهما على الآخر دون جدوى.

تويتر