انطلق دون حملة تسويقية
«10 كلوفر فيلد لين» يتلاعب بتخمينات المشاهدين
مهما حاول صانع الأفلام الأميركي جي جي أبرامز (مخرج آخر فيلم ستار وورز ومنتج هذا الفيلم)، الإيحاء عبر تصريحاته بأن «10 Cloverfield Lane» ليس جزءاً ثانياً من فيلم Cloverfield الصادر عام 2008، فإن المشاهد سيربط بين الفيلمين، لوجود كلمة مشتركة بينهما.
من الصعب جداً وصف هذا الفيلم أو كشف تفاصيله، وهو لم تصحبه أي حملة تسويقية برغبة من منتجيه، ما يعكس الثقة الشديدة بجودة الإنتاج، وللحفاظ على غموض أحداث قصته.
الفيلم يبدأ بفتاة (ماري إليزابيث وينستيد) تتحدث عبر الهاتف ولا يهم ما تقوله، إذ إن الموسيقى تغطي صوتها، ترمي خاتماً ومفتاحاً، ثم تخرج وتقود سيارتها عبر الحقول. يرن هاتفها المتحرك فنعلم أن خطيبها يطلب منها الرجوع، ويقول لها إن خلافهما لا يستحق قرارها بتركه.
عامل قوة عامل قوة يحسب للفيلم، هو قدرته على التلاعب بتخمينات المشاهد، إذ إن المفاجآت تتواصل طيلة الفيلم، وتخالف تخمينات المشاهدين، وهو بعكس ما نراه عادة في هذا الصنف من الأفلام. نهاية الفيلم تشبه بدايته من ناحية خلوها من الحوارات، لكنها حتماً مثيرة للجدل الذي سيطغى على حديث رواد صالات العرض بعد خروجهم من الصالات. |
تغلق الفتاة الخط في وجهه، ثم نسمع صوت المذياع يقول: «إن الكهرباء انقطعت عن مناطق الساحل»، ثم يتصل خطيبها مجدداً، وفجأة تصطدم بها سيارة، ويقع حادث مروع.
تستفيق الفتاة من غيبوبة، لتجد نفسها ممددة على فراش ومكبلة، ويدها موصولة بمغذٍ كالموجود في المستشفيات، يدخل عليها رجل اسمه هاوارد (جون غودمان)، ويشرح لها سبب وجودها في قبو مزرعته، وهو وقوع هجوم خارجي، لا يعرف حتى هو طبيعته، فيقول إن الهجوم قد يكون من أسلحة كيماوية أو جرثومية أو نووية، أو حتى من الفضاء الخارجي لا يهم، المهم أنه لن يسمح لها بالمغادرة، لأن الهواء في الخارج ملوث، وسيتسبب في مقتلها ومقتله، لو تسرب إلى داخل ملجأه.
بعد هذه النقطة، نعلم أن شخصاً ثالثاً موجود معهما في الملجأ، وله قصة مختلفة وغريبة. إذن ثلاثة أشخاص محبوسون في قبو تحت الأرض، والقبو مزود بكل وسائل الراحة. الفتاة تريد معرفة سبب احتجازها والتأكد من كلام هاوارد، والأخير يحاول قمع تمردها، والمحافظة على الوضع كما هو، والرجل الثالث يتأرجح بين الاثنين.
الفيلم يحوي العديد من المفاجآت، ويحافظ على عنصر التشويق حتى آخر ربع ساعة، عندما يكشف لنا حقيقة ما يقع في الخارج. نهاية الفيلم قد تقنع المشاهد وربما لا، قد تعجب البعض، وقد يستخف بها آخرون، ورغم أنها تشبه نهايات أفلام سابقة تناولت الموضوع نفسه، إلا أننا نفضل عدم ذكر أي شيء عنها، حفاظاً على حق القارئ في استكشاف الفيلم بنفسه، وتكوين رأيه الخاص.
من أقوى نقاط القوة في الفيلم قدرة المخرج دان تراتشتنبيرغ (وهذا فيلمه الأول) على إبراز تفاصيل المكان رغم صغره، ما أسهم في نقل شعور الفتاة المحتجزة، أو الشخصية الرئيسة، بالكلوسترفوبيا (الخوف من الأماكن المغلقة) إلى المشاهدين. كذلك من نقاط قوته إبراز القصة الخلفية لهاوارد، وعمله السابق واعتقاداته المتعلقة بنظريات المؤامرات السياسية، وعن حقيقة نهاية العالم، وربطها بأسلوب تفكيره الذي ينعكس على تصرفاته وتبريراته. أيضاً لدينا تكتيكات الفتاة في تخطيط محاولات هروبها، وانتقالها ببراعة من الخوف والرعب إلى الشعور بالحيرة، نتيجة جهلها بما يدعيه هاوارد، ومحاولاته إثبات نظرياته، إلى إحساسها بالطمأنينة والدفء، عندما تبدأ في تصديق كلامه، وكل تلك المشاعر مختزلة في عيون الممثلة ماري إليزابيث وينستيد، التي برعت في أداء هذا الدور أكثر من أي دور آخر.
وإذا كانت وينستيد هي الشخصية الرئيسة، فإن هاوارد الذي يجسده غودمان هو الشخصية الأهم التي يرتكز عليها الفيلم بأكمله، غودمان من الممثلين القليلين الذين يستطيعون تقمص أي نوع من الشخصيات، وهنا ظهر مرعباً بصورة لم يسبق لها مثيل. غودمان تحكم في كل المشاهد بتعبيرات وجهه فقط، حيث كان يغيرها من الغضب إلى التهكم أو المرح، ومن المهم أن نوضح هنا أن غودمان ضبط أداءه تماماً، لا ليظهر كالمجنون أو المختل عقلياً، وهو ما نراه عادة في هذا الصنف من الأفلام، وإنما مقتنعاً بدوره كمنقذ للفتاة، وهذا ما يجعل «10 كلوفر فيلد لين» فيلماً قوياً من ناحية الأداء.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news