بطلة «الأرض» قدّمت 12 فيلماً.. وأرست أسلوباً مشوّقاً لبرامج الأطفال

«ماما نجوى»: الفضائيات الخاصة أبدلت ميم الإعلام نوناً

نجوى إبراهيم: الخلط بين الرأي والخبر أكبر آفات برامج «التوك شو» العربية. الإمارات اليوم

يكاد يكون صوت الإعلامية نجوى إبراهيم، مسجلاً بوضوح في ذاكرة أجيال عدة، إذ كانت تتابع برامجها الشهيرة في السبعينات والثمانينات، والتي استهدفت في معظمها الأطفال من مشاهدي التلفزيون المصري، ما جعلها تنتزع لقب «ماما نجوى»، أو حتى عبر أدوارها المهمة في العديد من الأفلام التي لا تمحى من ذاكرة السينما العربية، وأشهرها «الأرض».

وعلى الرغم من أن الإعلامية عادت إلى الشاشة الصغيرة مجدداً، عبر برنامج جديد يقدم على قناة «النهار» الفضائية، وهي واحدة من أبرز مجموعات القنوات العربية الخاصة، إلا أنها تؤكد أن «القنوات الخاصة عموماً خلقت حالة من الفوضى الإعلامية، أسهمت في التشويش على رسالة الإعلام العربي، الذي كانت تتبناه بوضوح القنوات الحكومية».

لهذا تقبّل شاهين شروطي

لم توضح نجوى إبراهيم ما الشروط التي وضعتها أمام الراحل يوسف شاهين، من أجل توقيعها على أول أفلامها، وهي لم تكن قد وصلت إلى سن الـ16 عاماً بعد، لتشارك في أحد أهم الأفلام في تاريخ السينما، وهو «الأرض»، لكنها بررّت نزول شاهين وأيضاً الكاتب عبدالرحمن الشرقاوي عند شروطها قائلة: «كانا ينتميان لزمن ينظر بقيمة كبيرة للسينما، والقناعة التي تولدت لديهما بأن تلك الفتاة التي تدعى نجوى، هي خير من يقوم بدور (وصيفة). تبقى قناعة لا تحتمل البديل بتلك السهولة التي نجدها في الأفلام التجارية التي سادت في مراحل لاحقة».


قرار السعادة

قالت المذيعة نجوى إبراهيم إن لقب «المذيعة» يبقى هو الأهم والمؤثر لديها، مشيرة إلى أن توزيع الألقاب بشكل مجاني يحمل مغالطة غير مقبولة لديها، ما لم تكن تتكئ على ميراث وعطاء استثنائيين وواضحين. وتابعت «رغم فخري بأدواري السينمائية جميعها، إلا أن كل الفخر أكنه للقب (مذيعة)». وقالت إبراهيم إنها عادت مرة أخرى للإعلام ببرنامج «بيت العيلة» من أجل العزف على نوتة التفاؤل لنثر «روح إيجابية»، وتؤكد أن السعادة قرار شخصي بإمكاننا جميعاً اتخاذه بغض النظر عن مواقعنا.

وأضافت إبراهيم في حوار مع «الإمارات اليوم»: «أموال القنوات الخاصة وسياسات الكثير من مجالس إداراتها أبدلت ميم الإعلام نوناً، ليصبح إعلاناً في خدمة وجهات نظر وكالات الإعلان سعياً وراء إحصاءات نسب المشاهدة المرتفعة».

وتابعت إبراهيم، التي زارت دولة الإمارات أخيراً، إن «تحول الإعلام العربي في مجمله من حكومي إلى خاص لم يصب في صالح المشاهد، ففي الأول كان متاحاً وجود وبناء الاستراتيجيات الوطنية التي تحمي منظومة القيم السائدة وتقدم بعداً تنويرياً توعوياً، إلى جانب الوظيفة الإعلامية الإخبارية والترفيهية، لكن في الخاص يكون الإعلان وليس الإعلام هو البوصلة، لدرجة أن الإعلان طغى وطمس مهنة المذيع بتفاصيلها المهنية المتعارف عليها»، مشيرة إلى أن «أي برنامج من دون نسب إعلانات عالية مهما كانت قيمته لا يكتب له الاستمرار، ويبقى للإعلام الخاص (بهاراته) وأساليبه في التوجيه وتحقيق نسب مشاهدة عالية، حتى ولو على حساب القيمة الإعلامية».

ورفضت إبراهيم، التي أرست أسلوباً مشوقاً للبرامج الاجتماعية والمنوعة، مقولات من قبيل أن «لا إعلام حيادياً» مضيفة، «إذا تحدثنا عن ما ينبغي أن يكون، فالإعلام يجب أن يكون حيادياً، وناقلاً للحقيقة المجردة، لكن في المقابل ما هو واقع بالفعل يؤكد أن الإعلام الخاص غير حيادي».

وأوضحت «يجب ألا يبدي المذيع أو يتبنى رأياً، وكل وظيفة الإعلام التوجيه للخير.. وفق ثوابت المجتمع، لكن ما يحدث في برامج (التوك شو) العربية هي بمثابة فوضى غير خلاقة، فيها المذيع يبيح لنفسه إطلاق فتاوى إعلامية تخلط ما بين الرأي والخبر على نحو غير مسؤول». وحول ملابسات التحاقها بالإعلام، على الرغم من أنها تخصصت في البداية في علم الاجتماع، واختيارها عالم الأطفال تحديداً، قالت: «لم يكن لي اختيار في التحاقي ببرامج الأطفال، لأنني دخلت وعمري 16 سنة، على الرغم من أنني كنت أتوق للبرامج الاجتماعية لقناعتي بأنها برامج سياسية في تأثيرها على المجتمعات».

وأضافت في ما يتعلق بالانتشار الذي حققته برامجها للطفل «كانت هناك إدارات متخصصة لبرامج الأطفال، وفي الوقت نفسه كانت هناك برامج كثيرة تعنى بهذه الشريحة العمرية المهمة، والطفل كان شديد الارتباط في ترفيهه بالتلفزيون، بخلاف الآن، بسبب وجود بدائل كثيرة وجذابة حلت محله، ولكن من المهم أن نسعى لإعادة الارتباط الوثيق بين الطفل والتلفزيون، الذي يظل يحمل قيمة تربوية مهمة. ومفتاح نجاح البرامج التي قدمتها كان التمسك بالصدق، بكل ما يحمله من سمات إيجابية، مثل الشفافية والإخلاص والتواضع والمتابعة، وهي سمات جائزتها لدى الجمهور المحبة».

لماذا العودة للشاشة الصغيرة الآن؟ سؤال أجابت عنه إبراهيم بقولها: «لم أختر العودة.. هم من اختاروا عودتي، وقبل هذا التوقيت كانت تأتيني عروض كثيرة، لكن كان يهمني في وسط هذه الفوضى الإعلامية من سأتعامل معه في تلك القنوات الجديدة، التي وجدت أنني لن أنسجم مع أصحابها، باستثناء العرض الأخير المرتبط ببرنامجي الحالي (بيت العيلة) على قناة النهار». وحول تجربتها السينمائية التي شاركت عبرها في 12 فيلماً، أكدت إبراهيم أنها فخورة بها، على الرغم من أنها تفضل أن تحتفظ دوماً بلقب «مذيعة»، مضيفة: «في فيلم (الأرض) انتظروا ستة أشهر كي يصبح وجودي قانونياً ببلوغي سن الـ16 عاماً، وفطنت حينها أن الفيلم ستكون له مكانة في تاريخ السينما، وكذلك (فجر الإسلام)، وأيضاً (حتى آخر العمر)، و(الرصاصة لاتزال في جيبي)، وسنجد أن جميعها أفلام أصبحت مرتبطة بمناسبات مهمة، وبالتالي هي خالدة بخلود احتفالنا بهذه المناسبات».

تويتر