«سمرقند» دراما تاريخية تبحث في جذور الإرهاب

بين استحضار التاريخ وتقديم إسقاطات على الواقع العربي وما تشهده المنطقة حاليا، يأتي مسلسل «سمرقند» الذي يعرض على شبكة تلفزيون أبوظبي خلال رمضان المقبل، ويجرى تصويره في جزيرة السمالية في أبوظبي.

حقيقة وخيال

ارتكزت أحداث المسلسل على مرجعية تاريخية من الكتب العربية مثل «البداية والنهاية» و«الكامل في التاريخ» لابن الأثير، إضافة إلى ملامح من رواية الكاتب أمين معلوف التي تحمل العنوان نفسه، فالشخصيات نفسها موجودة في التاريخ، ونسج الكاتب الحكاية من خياله بما يتناسب سياسياً مع المرحلة الحالية بإسقاطاتها وتفاصيلها، وفكرة الإرهاب وجذورها ومن أين أتت، وفكرة الانتحاريين والفدائيين من أساسها وكيف بدأت، إلى جانب الصراعات على الحكم. وتم تصوير العمل في ثلاث دول منها الإمارات.

أحداث


تبدأ أحداث المسلسل مع «نيرمين» التي تستطيع الهرب من وسط الجواري المعروضات للبيع في السوق بمساعدة أحد اللصوص، لتلجأ بعدها إلى قصر السلطان السلجوقي جلال الدولة ملكشاه في أصفهان، وهناك سرعان ما تكتشف حجم الصراعات والمؤامرات داخل أسوارالقصر، والتي يدير رحاها ثلاثة أقطاب هم: زوجة السلطان ملكشاه «تركان»، وابنة عمه وأم ولي عهده «زبيدة»، والوزير السلجوقي «نظام الملك».

فنانون


يجمع «سمرقند»، الذي قام بتأليفه الكاتب الأردني محمد البطوش، ومن إخراج إياد الخزوز، بين عدد كبير من الفنانين والنجوم من أنحاء الوطن العربي، منهم: عابد فهد، ويوسف الخال، وأمل بوشوشة، وورد الخال، وميساء المغربي، وعاكف نجم، ورشيد ملحس، ويارا صبري، وركين سعد، وآخرون، فضلاً عن مشاركة أكثر من 450 شخصاً في تنفيذه ضمن طاقم العمل.

يسافر «سمرقند» في التاريخ ليسترجع بداية تأسيس فكرة الاغتيالات السياسية على يد حسن الصباح، وفرقته التي كونها، وتعد بداية الإرهاب المسلح في التاريخ، مستعرضاً تلك الفترة الزمنية وأبزر الشخصيات التي عاصرتها، مثل الشاعر والفيلسوف عمر الخيام الذي كان أول من قام بتعديل التقويم الميلادي واكتشف أخطاءه وعيوبه، و«نظام الملك» الذي كان سياسياً ماهراً، كما يعد أول من كون المدارس النظامية وجذب إليها كبار الفقهاء والمحدثين.

وحرص الفنان عابد فهد الذي يعود في «سمرقند» إلى الأدوار التاريخية بعد فترة انقطاع تصل إلى 10 سنوات، ويؤدي في المسلسل دور «حسن الصباح»، على التأكيد بأن العمل بعيد تماماً عن الطائفية، ولا يشير إلى طائفة أو غيرها، لكنه يتحدث عن القتل والإرهاب، وهذه الجماعات التي اتخذت من القتل وسيلة لتحقيق أهدافها وباتت تشبه بعضها وتصب في حفرة من الدماء، بصرف النظر هل استخدمت الاسلوب نفسه الذي أسسه حسن الصباح أم غيره من الأساليب.

ووصف فهد شخصية حسن الصباح بالشخصية المركبة، فهي فلسفية كيميائية عسكرية، لافتاً إلى أن الدور به الكثير من الحركة «الأكشن» والديناميكية. وأشار إلى أن الفرق بين دوره في «الظاهر بيبرس» في 2006، وبين «سمرقند» في 2016، هو 10 سنوات من الخبرة والتجربة والتقدم التقني والتطور البشري، إلى جانب أن هناك وعياً بأهمية مواكبة كل هذا التطور الذي يحيط بنا، لذا من الطبيعي أن يتغير الأداء، لافتاً إلى ان العمل بعيد عن «الفانتازيا» لأنه يحكي عن شخصيتين موثقتين ومعروفتين، هو عمل تاريخي يعتمد على مراجع تاريخية مثل «البداية والنهاية»، و«الكامل في التاريخ» لابن الأثير.

وذكرت ميساء مغربي التي تقوم بدور الملكة تركان زوجة السلطان ملكشاه، أن «سمرقند» ليس التجربة الأولى لها في مجال الأعمال التاريخية، فقد قدمت من قبل «فنجان الدم» في 2007، وهو مسلسل بدوي تاريخي، موضحة ان «تركان» لها دور سياسي كبير وأسهمت في انحدار الحكم السلجوقي.

وأوضحت أن التحضير للدور الذي تقوم به استغرق ما يقرب من خمسة شهور، وعدد من جلسات التحضير للملابس والاكسسوارات التي تظهر بها بعد الاستعانة بـ«ستايلست» متخصص، والرجوع إلى المتاحف والدراسات التاريخية لاختيار تصميمات أزياء تجمع بين الطابع الفارسي والسلجوقي، نظراً لأن الملكة كانت من جذور فارسية. في الوقت الذي لم يمثل لها فيه الأداء باللغة العربية الفصحى أي صعوبة، لحبها للغة العربية وحرصها على استخدامها في كل مناسبة ممكنة.

وعبرت مغربي عن سعادتها بالتعاون مع الفنان محمد منير في مسلسل «المغني»، مشيرة إلى أن أي فنان يتمني العمل مع منير، الذي اكتشفت عند تعاملها معه عن قرب أنه يتمتع بقدر هائل من التلقائية والتواضع والالتزام والمحبة، والكثير من الصفات الجميلة، لافتة إلى أن دورها في «المغني» صعب ويتطلب تمرساً، لأنه يستفز الفنان ليبرز عضلاته الفنية. وأشارت مغربي إلى أن اختيارها لأدوارها الفنية يعتمد غالباً على حدسها، بالإضافة إلى مدى توافر عوامل جودة العمل من نص وإخراج وإنتاج.

وتقوم الفنانة أمل بوشوشة بدور جارية تجد نفسها في موقع يجعلها محركاً للأحداث، وتقلب كل الموازين الدرامية في العمل، معتبرة أنه دور جديد على الدراما العربية، كما اعتبرت ان ما يميز «سمرقند» هو أن كل الشخصيات فيه محركة للأحداث، وكل دور له أهميته.

ورغم انه العمل التاريخي الأول لها؛ لم تجد بوشوشة صعوبة في الأداء باللغة العربية الفصحى، لأنها تأسست عليها جيداً خلال الدراسة، كما كان أول دور لها في التمثيل بالعربية الفصحي في مسلسل «ذاكرة الجسد»، لافتة إلى أن النص متميز ويستفز الفنان ليعطي بحماس ويبدع في دوره، أما الصعوبات التي واجهتهم فتتمثل في صعوبة الطقس في تلك الفترة في أبوظبي، واقتراب شهر رمضان، ما يمثل ضغطاً على فريق العمل.

وتخوض الفنانة شيماء سبت في «سمرقند» أولى تجاربها الدرامية العربية، وتجسد في المسلسل دور «غرام» وصيفة الملكة الأولى، معربة عن سعادتها بـ«غرام» لأنها شخصية شريرة بما يمثل إضافة إلى الأدوار التي قدمتها من قبل، كما أتاح لها العمل فرصة التعامل مع عدد كبير من الفنانين والشخصيات المشاركة في المسلسل.

ويؤدي الفنان عدي حجازي دور «عثمان» قائد حرس السلطان ملكشاه، وهو جاسوس لزوجة السلطان، لافتاً إلى سعيه لتقديم شخصية الشرير بأسلوب مختلف يجمع فيه بين الشر والذكاء.

الأكثر مشاركة