بين فخ الاقتباس ومعضلة الاستسهال

مسلسل «نص يوم».. معالجات هزيلة ورهان خاسر على النجومية

ردود أفعال الشخصيات كانت بعيدة عن المنطق العام للسرد الدرامي وحتى منطق الواقع. أرشيفية

على مدى 30 حلقة وبإيقاع درامي بطيء تراوح فيه أداء النجوم بين المتوسط والجيد، وعلى حساب سيناريو مقتبس من فيلم أجنبي، جاء المسلسل الدرامي الرمضاني «نص يوم» للمخرج سامر البرقاوي مخيباً لآمال الكثيرين بعد تجربة إخراجية غير موفقة العام الماضي في «تشيللو»، ولعبة المراهنات المحفوفة بالخطر هذا العام على الثنائي تيم حسن ونادين نسيب نجيب التي أسقطت البرقاوي في فخ التكرار، رغم الاختلاف البين في الأدوار والشخصيات والبيئة الدرامية التي استقطبت أحداث العمل، وردود أفعال الشخصيات التي بدت بدورها في كثير من الأحيان بعيدة عن المنطق العام للسرد الدرامي وحتى منطق الواقع.

اقتباس أم استنساخ

«أفيش» مقتبس

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2016/07/8ae6c6c554dc14260155ef82421031b2.jpg

لم يسلم العمل من انتقادات واسعة سواء على مستوى المعالجة الدرامية الهزيلة للنص «المقتبس» أو رؤية البرقاوي التي انحدرت بعقل المشاهد في العديد من المواضع إلى حدود «اللامنطق»، بل طالت الانتقادات حتى «الأفيش» الإعلاني للمسلسل الذي اقترب بشكل كبير من أفيش فيلم (Face Off) لجون ترافولتا ونيكولاس كيج، في الوقت الذي عانى المسلسل في بعض حلقاته إيقاعاً بطيئاً سواء في حركة الكاميرا أو توالي الأحداث التي تفاوتت طرق سردها وتقديمها للمشاهد لتطال تركيبة المسلسل التي تأرجحت لتقع في فخ البطء والاجترار والسذاجة.

منذ اللحظات الأولى لعرض المسلسل، اكتشف المشاهدون التطابق الكبير بين قصة العمل الأساسية والحبكة الدرامية الأصلية التي تمت الإشارة إليها في «تتر المسلسل» على أنها مقتبسة من قصص عالمية، ليتضح لاحقاً وبعد متابعة بعضحلقات العمل أنه لم يتم إلا استنساخ أغلب تفاصيل فيلم (Original Sin) «الخطيئة الأساسية» للنجمين أنطونيو بانديراس وأنجيلينا جولي، حيث تم استبدال «تاجر القهوة» بـ«تاجر الزيتون» وإضافة خطوط درامية جديدة بهدف إطالة الأحداث لتمتد إلى 30 حلقة استبدل فيها «المغرب الأقصى» ملاذ البطل الأخير«بتونس» التي احتضنت نهاية المسلسل وإعدام البطلة بطريقة «تراجيدية» خلفت الكثير من علامات الاستفهام لدى أغلبية الجمهور المتابع، على الرغم من أن عنوان المسلسل اختصر الأحداث في نصف يوم، وهي المدة التي انتظرها صناع المسلسل لتقرير مصير العاشق والابن المغترب (ميار) العائد إلى البلاد والواقع في غرام فتاة جميلة اسمها (يارا) المرأة اللعوب، التي تبقيه في لبنان وتزج به في سلسلة من الأحداث والصراعات التي لا تنتهي.

أداء متفاوت

في «نص يوم»، قدم تيم حسن أحد أقل أدواره إتقاناً رغم محاولاته الواضحة الخروج من نمطية أدوار الشاب الوسيم الناجح التي قدمها في «الأخوة» و«تشيللو»، ليحاول هذه المرة تقمص شخصية الشاب العاشق المتيم والتائه الذي يتخلى عن حياته ونجاحاته في الخارج وأعمال والده وتجارته المزدهرة في الداخل، ليتفرغ لمطاردة «ميساء» المتخفية وراء شخصية «يارا حداد» مضيفة الطيران التي اغتالها «جابر»، المحرك الأساسي للأحداث والمحرض على فعل مطاردة الفتاة الهاربة من زوجها تارة ومن الأشخاص التي قامت بالنصب عليهم تارة أخرى، لنكتشف مع تطور الأحداث وتصاعد الأزمة أن «ميساء» متورطة مع «جابر» في جميع أفعاله التي بدأت من طفولتهما الضائعة في الملجأ الذي بات عنواناً مستباحاً وتبريراً سهلاً وساذجاً للانحراف في الكثير من الأعمال الدرامية الجديدة.

من جهة أخرى، وعلى الرغم من التطور الملحوظ في أداء نادين نسيب مقارنة بتجاربها الدرامية السابقة في «تشيللو» وفي «لو»، إلا أنها بقيت طوال أحداث المسلسل متنقلة بين المستويين المتوسط والعادي اللذين لم ينجحا نادين في اختبار إقناع الجمهور، على الرغم من محاولتها الموفقة هذه المرة تقديم «كاراكترات» وشخصيات جديدة تداخلت في صلبها وتكوينها مع الشخصية المركزية التي اعتبرت بدورها جديدة على جمهور نسيب وأدوارها السابقة من حيث التركيبة المعقدة والتحولات الطارئة على سيكولوجية الشخصية، إلا أن نسيب لم تنج في العديد من المواضع من مطبات استسهال بعض المواقف الدرامية والشخصيات التي لم تتمكن من تقديمها بالشكل المطلوب.

في المقابل، تفوق الوجه الجديد أويس مخللاتي في أداء دور لافت وفاعل سير به خط الأحداث في العمل، فكان الموجه الأساسي لحركة البطلة التي كانت مدفوعة من «جابر» إلى الهرب والإيقاع بالشخصيات النافذة بغية الاستفادة منها وابتزازها بكل الطرق، ما جعله بطل الكواليس الذي تولى تسيير الأحداث وحركة البطلين، على خلاف بعض الشخصيات الأخرى التي أسهمت أحياناً في سيرالأحداث بشكل خدم قصة هروب «ميساء»، لكنها بدت في الكثير من الأحيان مبتورة الملامح فلم يكن لحضورها أي دواعٍ درامية تخدم القصةالأساسية.

فخ الدراما العربية

تبقى معضلة الدراما العربية اليوم منحصرة في فخ الاستسهال التي تعاود أغلب الأعمال الجديدة الوقوع فيه، بسبب مراهنتها غير المدروسة على التشويق والعقد الدرامية المركبة التي تستهوي المشاهد العربي وترفع سقف المتابعة، ما جعل صناعها سباقين في استثمار أحداث وشخوص لا علاقة لها بالخط الدرامي أو بالحكاية، ما يتسبب في التشتيت وصرف اهتمام المشاهد.

تويتر