حسن شريف.. أسطورة الأشياء العادية
برحيل الفنان الإماراتي حسن شريف، تخسر الساحة الفنية الإماراتية والعربية قامة من قاماتها، وتجربة فيها قدر كبير من التفرد والخصوصية. وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهته في الأشهر الأخيرة، إلا أنه كان دائم الرغبة في العمل والعطاء، ويردد دائما «ليس لدي وقت».
تجربة خاصة ورؤية مميزة هي التي قادت حسن شريف، الذي توفي أول من أمس، عن 65 عاماً، إلى العالمية، حيث كان من الجيل الأول الذي أسس الحركة التشكيلية في الإمارات، إلى جانب مجموعة من الفنانين.
يعد الفنان الراحل الأب الروحي للفن المفاهيمي ومابعد الحداثي في الدولة، وقدم أعمالاً اقتنيت في متاحف عالمية، ومعارض جعلته من أبرز الأسماء الحاضرة في هذا المجال، على الرغم من التوجه الذي كان يعد جديداً في العالم العربي، ويمكن وصفه بغير المقبول في تلك الفترة، حيث كان يعمل على خامات بسيطة وعادية من كراتين وخيطان، ويصنع منها أسطورتها الخاصة.
لم يكن التشكيل هو البداية الفنية الحقيقية لشريف، فقد بدأت رحلته مع رسم الكاريكاتير، حيث عمل في الصحف والمجلات حين كان طالباً، وقدم مجموعة من الرسومات التي عبر من خلالها عن المناخ السياسي في الشرق الأوسط، ثم بعد ذلك انتقل إلى بريطانيا في عام 1973، ثم في عام 1980 بدأ رحلته الدراسية في كلية «بايام شو للفنون»، حيث تأثر بتجربة الفنان تام جيلز، رئيس قسم الفن التجريدي والتجريبي في الكلية آنذاك، فكانت أولى خطواته مع الفن التشكيلي المفاهيمي، حيث وجد فيها ما يعبر عن داخله.
إن وضع أعمال شريف ضمن خانة الأعمال المفاهيمية، لم يكن من الأمور المحببة إليه، ولطالما وصف أعماله بالواقعية، حيث كان يرى أن مروره بالعديد من المدارس الفنية، وتأثره بمدرسة فرانكفورت، التي اعتبرها المرجعية، كونها تستوعب التعدد، هذه التعددية التي آمن بها شريف هي التي شملها الفن المعاصر بعد الفن الحديث، حيث كان الأول شاملاً الكثير من الأفكار والرؤى والمفاهيم التي ترجمت عبر أساليب جديدة وغير نمطية. الأثر والزمن، لطالما عمل الفنان على هذين العنصرين من خلال المواد المهملة والمتروكة، إذ كان يلتقطها، ويعيد إليها الحياة من خلال عملية تقوم على إعادة الهيكلة والبناء. بنى الفنان من خلال المواد التي عمل عليها الكثير من المجسمات التي تبرز رؤية خاصة في التعاطي مع الفن والمواد والوسائط، فهو لم يعتمد على الرسم إلا في المراحل الأولى من عمله في الفن، ولهذا أحياناً يطلق عليه البعض تسمية الحرفي، كون أعماله تنتج عن أشكال مشغولة يدوياً، فقد عمل كثيراً في فن «المينيمال»، الذي يعنى بالتقليل من قيمة الأشياء. أسس المرسم الحر، وساهم في تأسيس جمعية الإمارات للفنون الجميلة، ومجموعة الثمانية للفنون الجميلة، ثم أسس في مرحلة لاحقة «فلاينغ هاوس»، وله أربعة كتب ومنشورات في فلسفة الفن والنقد.
أعمال الشريف استفزت بشكل دائم المشاهد، حيث أتى بنوع جديد من الفن، إلا مع اصراره الفريد بات له مجموعة من التلاميذ الذين تدربوا على أسلوبه، وباتوا يقدمون الرؤى الخاصة بهم وفق منهجيته في التعاطي مع الأدوات والوسائط. هذه الرؤية المتميزة والمتجددة هي التي أوصلت أعمال شريف إلى العالمية، ولديه اليوم مجموعة كبيرة من الأعمال المقتنية في متاحف عالمية، ومنها في غوغنهايم في نيويورك، وكذلك في هولندا وقطر.
للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.