ثروت وراتب.. رحيل متزامن لقامتين فنيتين
خسرت الساحة الفنية العربية قامتين كبيرتين من قاماتها، هما زبيدة ثروت وأحمد راتب، وخيم الحزن على الوسط الفني المصري والعربي، الذي خسر في وقت متزامن نجمين قديرين من نجوم الشاشة المصرية.
وتوفيت «صاحبة الوجه الملائكي» عن 76 سنة بعد صراع مع مرض سرطان الرئة، وشُيّعت جنازتها من مسجد السيدة نفيسة في القاهرة. أما أحمد راتب، فتوفي إثر تعرضه لأزمة صحية مفاجئة عن 67 سنة، وشُيعت جنازته من مسجد الحصري في ضاحية السادس من أكتوبر جنوب غربي القاهرة.
وتركت وفاة ثروت وراتب أثراً واضحاً في الوسط الفني، حيث سارع الكثير منهم للتعبير عن حزنهم الشديد، وشهدت جنازتاهما حضوراً كبيراً لفنانين وشخصيات ثقافية ورسمية.
وأعربت الفنانة التونسية لطيفة عن حزنها لخبر رحيل الفنانة زبيدة ثروت قائلة عبر حسابها على موقع التدوينات المصغرة «تويتر»: «أعطوا الفن الراقي والجميل، وشاركونا أحاسيسنا ووجداننا، شكراً لكم يا رائعين، ورحمكم الله برحمته الواسعة»، مضيفة «من مثلكم لا يموت».
على موقع «فيس بوك» كتبت شريهان «بمنتهى الألم لا يسعنا إلا أن نرضى إيماناً واحتساباً بقضاء الله وقدره، فالموت مفزع ويأخذ منا الحبيب والقريب والغالي ولكنه علينا حقّ».
وأضافت «البقاء لله في المبدعة والفنانة المصرية القديرة زبيدة ثروت، والنجم المصري العظيم أحمد راتب، أسأل الله تعالى أن يربط على قلوب ذويهم وجميع محبيهم في مصر والوطن العربي، وقلوبنا جميعاً معهم بالسكينة والصبر والإيمان».
وعبّرت النجمة المصرية يسرا، التي غردت تنعيهما، وتعتبر أن سنة 2016 أخذت أناساً كثراً يستحيل نسيانهم قائلة: «رحم الله الفنانة القديرة زبيدة ثروت أحد أيقونات الفن الجميل.. هتوحشتنا ضحكتها»، وتابعت «البقاء لله في وفاة الفنان القدير أحمد راتب، 2016 خدت ناس كتير مننا عمرنا ما هننساهم ولا هنقدر ننسى أعمالهم في يوم من الأيام».
ولدت زبيدة ثروت في الإسكندرية، واشتهرت بجمالها الأخاذ وملامحها البريئة، ولقبت بـ«قطة السينما العربية»، بعد أن تركت مهنة المحاماة لتعمل في التمثيل. ظهرت للمرة الأولى على شاشة السينما عام 1956 في فيلم «دليلة» من بطولة شادية وعبدالحليم حافظ. كما شاركت في بطولة أفلام عدة مع أبرز الفنانين المصريين، ومنهم عبدالحليم حافظ في فيلم «يوم من عمري»، الذي يعد أشهر أعمالها، و«في بيتنا رجل» مع عمر الشريف. وشاركت رشدي أباظة بطولة فيلم «نساء في حياتي»، و«شمس لا تغيب» مع كمال الشناوي، و«زمان يا حب» مع فريد الأطرش، و«لا شيء يهم» مع نور الشريف، و«أنا وزوجتي والسكرتيرة» مع أحمد رمزي، وأحد أبرز أعمالها فيلم «الحب الضائع» أمام سعاد حسني ورشدي أباظة ومحمود المليجي وإخراج هنري بركات.
نالت زبيدة ثروت جوائز عدة خلال مشوارها الفني، وكرمها الرئيس المصري الراحل، جمال عبدالناصر، عن دورها في فيلم «في بيتنا رجل»، المأخوذ عن رواية بالعنوان ذاته للكاتب الراحل إحسان عبدالقدوس.
أما أحمد راتب فولد بحي السيدة زينب في القاهرة عام 1949، وتبلورت موهبته حين التحق بفرقة التمثيل أثناء دراسته في كلية الهندسة، التي سرعان ما تركها ليلتحق بمعهد الفنون المسرحية.
اتسم أداء راتب بالصدق والبساطة والعفوية، ولمع في أدوار الكوميديا والتراجيديا، كما عرف بثقافته وحسن اطلاعه ما انعكس على أدائه واختياره أدواره. حفلت مسيرته الفنية بمئات من الأعمال السينمائية والتلفزيونية والمسرحية، ومن أبرز أعماله فيلم «البريء» مع الراحل أحمد زكي عام 1986، و«نوارة» للمخرجة هالة خليل، و«عسل أسود» مع أحمد حلمي، و«في شقة مصر الجديدة» للمخرج محمد خان.
شهدت مسيرته ارتباطاً حميماً بالفنان عادل إمام، فشاركه بطولة عدد وافر من الأفلام، منها «الإرهابي» و«المنسي» و«طيور الظلام» و«اللعب مع الكبار» و«الإرهاب والكباب»، وظهر معه كذلك في مسرحية «الزعيم»، وسُئل إمام: لماذا أحمد راتب دائماً يشاركك أهم أعمالك؟ فأجاب بقوله: «اذكروا لي دوراً واحداً يصلح له أي ممثل سوى راتب؟».
ومن المسلسلات التلفزيونية التي شارك راتب في بطولتها، «أم كلثوم»، «الداعية»، «المال والبنون»، وآخرها «الخروج» الذي عُرِضَ في رمضان 2016. ويعد فيلم «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي - الذي لم يعرض بعد - آخر أعماله السينمائية، وكان مشغولاً بتصوير الجزء الثاني من مسلسل «الجماعة»، ومسلسل «الأب الروحي»، قبل أن توافيه المنية.
نال أحمد راتب جوائز عدة، منها جائزة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن دوره في فيلم «الإرهابي»، وجائزة مهرجان الإذاعة والتلفزيون عن دوره في مسلسل «أم كلثوم»، الذي جسّد فيه شخصية الموسيقي الراحل، محمد القصبجي. وخلال أحد لقاءاته التلفزيونية قال راتب إنه يعتبر دوره في فيلم «طيور الظلام»، هو الأقرب إلى شخصيته وما يعتقده.
وجسَّد في هذا العمل، الذي كتبه وحيد حامد، شخصية شاب يتمسك بمبادئ باتت في مهب الريح، في ظل تصدر تحالف تيارات التطرف الديني مع الفساد السياسي، وسيطرة رجال الأعمال. وشارك راتب في كثير من الأعمال التي تعبر عن اقتناعه بضرورة التصدي لذلك الثالوث، خصوصاً في ما يتعلق بالأرضية الخصبة التي يصنعها أمام الإرهاب، ومنها فيلم «الإرهابي»، ومسلسل «العائلة»، وكذلك مسلسل «الجماعة».