يشدُّ رحال الحنين إليه عصر كل خميس
سلطان النيادي: بيتي في «أم غافة» منبت السعادة
وهو يرحب بزيارة «الإمارات اليوم» إلى المنزل الذي شهد أجمل الذكريات، ودفء الأسرة والعائلة، الكائن في منطقة «أم غافة»، التي تقع جنوب شرق مدينة العين، كان الفنان الإماراتي سلطان النيادي يردّد بصوت معبأ بالشجن بيت الشاعر العربي أبي تمام: كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى .. وحنينه أبداً لأول منزل المكان الذي لايزال يحتفظ ببعض من معالم قدمه، رغم خضوعه أخيراً لتجديدات، أسعد حظاً من سواه، في ما يتعلق بتوثيقه.
المقصود بالحظ هنا، هو أن المنزل حظي بفرصة نادرة للتوثيق الدرامي، في عمل ذي طابع تراثي، كان بطله الفنان جابر نغموش، ليصبح منزله في المسلسل، هو المنزل القديم ذاته لصديقه النيادي.
- كنا نعايد بعضنا بعضاً بحرارة العناق، وأصبحت الرسائل الإلكترونية هي الوسيط اليوم. - تغيّرت الأحوال.. وذبلت الشجرة الأولى، ثم ماتت، وانتهى وجودها بمرور الزمن. - لا أستطيع أن أنقطع عن «أم غافة»، ودائماً المسافات التي تفصلني عنها مطوية، فهنا العائلة، وهنا سنون لا تُمحى. - المكان الذي لايزال يحتفظ ببعض من معالم قدمه، رغم خضوعه أخيراً لتجديدات، أسعد حظاً من سواه.
الحنين إلى المكان الأول، غلب النيادي في اختياراته الفنية، ليرشح منزله القديم موقع تصوير رئيساً لمسلسل «زمن طناف»، الذي لعب بطولته الفنان جابر نغموش، ليتحول المنزل، قبل التجديد، الى منزل «طناف» في المسلسل الذي عُرض على شاشة تلفزيون دبي، في توثيق درامي للزمن الجميل.1979كان في المنطقة 30 بيتاً فقط. 300عقار هو العدد الحالي للمنازل. |
بعض الملامح مما يحيط بالمكان لاتزال قائمة، حسب النيادي، لكن في المقابل، هناك الكثير من ملامح التبدل والتحول، والتغيير، باتجاه الحداثة، وما صاحبها من تغيرات في نمط الحياة الاجتماعية خصوصاً.
«لا أستطيع أن أنقطع عن (أم غافة)، ودائماً المسافات التي تفصلني عنها مطوية، فهنا العائلة، وهنا سنون لا تُمحى من الذاكرة»، هكذا بدأ النيادي حديثه عن «بيت العائلة»، الذي يعود إليه أسبوعياً، عصر كل يوم خميس، قبل أن يعود إلى منزله في مدينة العين.
«اسم فريجنا القديم وحده يثير الشجون، ويحمل أسرار تسميته» ــ يقول النيادي ــ فهي «أم غافة»، نظراً لتميزها بشجرة غافة عملاقة، هي الوحيدة في المنطقة.
تغيرت الأحوال.. وذبلت الشجرة الأولى، ثم ماتت، وانتهى وجودها بمرور الزمن من المنطقة، لكن حرِص الأهالي على زرع شجرة جديدة، سرعان ما أصبحت وارفة الظلال، هي الأخرى.
«كنا نرى أضواء فندق هيلتون العين في الأفق الممتد من منازلنا البسيطة، على الرغم من طول المسافة، حيث لا توجد عوائق بصرية، ومعظم الأبنية قصيرة، ذات دور واحد، وبعضها مميز بدورين، لكن لا توجد بنايات مرتفعة، أو ناطحات سحاب، على النحو الذي يحيط بنا الآن».
وكان المسجد هو الموقع الأهم في «أم غافة»، ولايزال، لكن، حسب النيادي، فقد كان بمثابة ملتقى دائم لكل أهل الفريج، الذين تنسج بينهم وشائج التلاحم والإيثار، مضيفاً: «كنا نعرف بعضنا بعضاً تمام المعرفة، ولا يوجد بيننا غريب».
30 منزلاً هي جملة منازل الفريج تقريباً، وفق النيادي في أواخر السبعينات، امتداداً على مدار عقدي الثمانينات، قبل أن تشهد التسعينات بدايات الطفرة العمرانية الهائلة التي طغت على المعالم الأصلية للمكان، دون أن تزيحها تماماً.
300 عقار هو العدد الحالي للمنازل بعد تطور العمران، وفق رصد النيادي، الذي يؤكد أن المشهد المتغير، صاحبته تغييرات عديدة في طبيعة العلاقات بين الجيران «الكثير من أهل الفريج المتجاورين الآن لا يعرف بعضهم بعضاً، وأصبح النزوع نحو الهدم وتطوير المباني القديمة نمطاً يفرض نفسه».
والسوق القائمة الآن والمحال الخدمية المنتشرة، ليست هي تلك التي تحتفظ بها مخيلة النيادي من الزمن الجميل، حيث تطغى الآن الصيغة الاستهلاكية على كل شيء، بما في ذلك العبارات التي تعبر عن المشاعر، «وبعد أن كنا نعايد بعضنا بعضاً بحرارة العناق، وفق تقاليدنا الموروثة، أصبحت الرسائل الإلكترونية هي الوسيط اليوم».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news