تحلم بأن تصبح مصمّمة أزياء
حفيظة الباشاني: سفري للإمارات غيَّر حياتي
يحظى ذوو الإعاقة في الإمارات برعاية خاصة واهتمام كبير، لدمجهم في المجتمع والحياة العامة، بهدف إظهار طاقاتهم وقدراتهم، كفئة منتجة تسهم في تنمية المجتمع وعملية التنمية الشاملة في الدولة. وتولي الدولة اهتماماً لذوي الإعاقة من منطلق إنساني وتربوي واجتماعي وثقافي، ولم يعد هذا الاهتمام تحت مظلة الرحمة والإحسان والعطف. وقد استطاع عدد كبير من المعاقين في الإمارات تحقيق إنجازات كبيرة على جميع المستويات، واستطاعوا متسلحين بالإرادة والأمل والصبر تحويل الإعاقة إلى سبب ودافع لإنجاز قصص نجاح مهمة ولافتة ومبهرة وملهمة. هذه الصفحة الأسبوعية تسلط الضوء على «إرادة» انتصرت.
ولدت حفيظة البشاني عام 1988 في المغرب، وتقيم حالياً في الإمارات، بعدما سمعت أن رعاية ذوي الإعاقة هنا أفضل من أي مكان آخر، وتعمل حالياً في قسم الاستقبال بمستشفى في الشارقة.
أرفض نظرات الشفقة
- إعاقة فرد في المنزل، خصوصاً في وجود عائلة كبيرة ووالدين كبيرين في السن، لن تسمح إلا بالمعقول والمتاح، مثل الدراسة، لكن الشغف يصبح حلماً خاصاً. - مُعلّمي كان يدعمني: أنتِ لستِ معاقة، أنتِ تمتلكين مهارات تؤهلك للتميّز، ومن حينها أصبحتُ أتمسك بالحياة وأراها ملونة. |
جاءت حفيظة الى الدنيا مع إعاقتها التي تصنف بإعاقة خَلقية، حيث ولدت بيد واحدة واعوجاج في القدم اليمنى، لكن حفيظة، التي تهوى تصميم الأزياء، تتذكر أن أكثر المراحل العمرية صعوبة التي واجهتها برفقة إعاقتها كانت مرحلة الطفولة «منذ صغري وأنا أرفض نظرات الشفقة من الناس، لذلك كنت أتأثر عندما يطيل المارة النظر الي، ومرحلة دخولي المدرسة كانت صعبة جداً»، موضحة «في البداية كنت لا أستطيع التأقلم مع زملائي في المدرسة لدرجة انني كرهت الذهاب إليها، كنت ابكي كثيراً، لكن إصرار أهلي على إكمال دراستي كان يدفعني لمواجهة إعاقتي».
وتؤكد حفيظة أن إصرار عائلتها، وتعاطيهم معها وتعاونهم في مواجهة حياتها، مع اعاقتها، من خلال ايصالها الى المدرسة والتحدث الى زملائها ومعلميها، خفف الأمر عليها كثيراً، الى أن ظهر في حياتها دعم من نوع آخر، وهو دعم معلمها «في مرحلتي الأولى في المدرسة وقف الى جانبي معلمي، الذي كان يساعدني دائماً على الدراسة ويدعمني ويخفف عني، من خلال بثه العبارات المشجعة، مثل أنت لست معاقة، أنت تمتلكين مهارات تؤهلك للتميز، ومن حينها أصبحت أتمسك بالحياة وأراها ملونة»، لتنتقل حفيظة بعدها الى مرحلة الإعدادية التي أعادتها مرة أخرى الى محاولة التأقلم مع زملاء جدد ومكان جديد، وتلت ذلك المرحلة الثانوية التي قررت فيها حفيظة أن تطرح نفسها للمجتمع كإنسانة سليمة، ومن هنا بدأت الثقة في نفسها تتعزز وتمدها بالقوة لتحدي أي نوع من نظرات الشفقة.
تحديتُ كل شيء
تقول حفيظة إن الجميع صُدم عندما قررت الدراسة بعد تخرجها في الثانوية في معهد البرمجيات «الحياة هناك عبارة عن حواسيب، والجميع تساءل عن قدرتي وانا لا أملك سوى يد واحدة على خوض التعليم في هذا التخصص، لكنني تحديت كل شيء، وأكملت الدراسة وحصلت على الدبلوم»، أما بالنسبة لليوم الفارق في حياتها، فهو اليوم الذي لا تنساه حفيظة، وكان بعد تخرجها في المعهد بأيام، حين وصلها خبر إتمام سفرها الى دولة الامارات التي تعيش فيها شقيقتها وزوجها، وهو اليوم الذي غيَّر حياتها.
كانت حفيظة تحلم بإجراء عملية لتحسين مشيتها، «وساعدني أهل الخير في الدولة لإجراء العملية، وتحسنت كثيراً».
أحلم بدار أزياء
تقول حفيظة: «أهم ما جعلني أتمسك بوجودي في الدولة هو معاملة المجتمع في الامارات لذوي الإعاقة، وكيف يشجعونهم ويمنحونهم كل حقوقهم»، لتكمل «قررت أن أمارس شغفي وهوايتي الأقرب الى قلبي في الرسم، وطورت هذه الموهبة الى التصميم، خصوصاً تصميم الأزياء، وأصبح هذا الطريق هو حلمي الذي أسعى الى تحقيقه، بأن أطور من مهاراتي لأصبح في يوم من الأيام مالكة لدار أزياء تحمل توقيعي».
وأشارت الى أن حياتها السابقة لم تكن تحتمل أي نوع من الشغف وتطوير الموهبة، لأن إعاقة فرد في المنزل، خصوصاً في وجود عائلة كبيرة ووالدين كبيرين في السن، لن تسمح الا بالمعقول والمتاح، مثل الدراسة، لكن ممارسة الشغف يصبح حلماً خاصاً على الفرد تحقيقه مهما كلفه الأمر»، مؤكدة «لا شك أنني مررت بلحظات ضعف كثيرة وتمنيت أن أكون انسانة سليمة، لأنني تعثرت كثيراً في محاولات الحصول على وظيفة، لكنني في الوقت نفسه كنت اشعر بقوة كامنة نتيجة تلك الإعاقة. إنها امتحان من الله وابتلاء، لذلك قررت أن أنتبه أكثر الى تحقيق أحلامي الخاصة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news