معرض يضم قطعاً يزيد عمرها على 140 عاماً

«زينة إماراتية».. لئلا ننسى الزمن الجميل

صورة

مجموعة نادرة من الحلي التقليدية والأسلحة القديمة يعود تاريخ أقدمها إلى 140 عاماً مضت، بالإضافة إلى قطع وأعمال فنية تنتمي إلى عائلات إماراتية، يتيح معرض «لئلا ننسى - زينة إماراتية: ملموسة وغير ملموسة»، لزواره مشاهدتها في الفترة من بعد غد، وحتى 27 أغسطس المقبل، والتعرف عن قرب إلى ثراء التراث الإماراتي، خصوصاً في ما يتعلق بالزينة التي كان يستخدمها الأجداد والجدات.

المعرض الذي يُقام في «معرض 421» بمنطقة الميناء بأبوظبي، وهو الثالث ضمن مبادرة «لئلا ننسى» التي تدعمها مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، باعتبارها مبادرة وطنية ومجتمعية تسعى إلى توثيق التراث المحلي الإماراتي والهوية الثقافية وإبرازها من خلال المعارض والمطبوعات، يهدف إلى التعبير عن الغنى الحضاري والثقافي للمجتمع الإماراتي، وقدرة تلك الأفكار والممارسات والأدوات الملموسة وغير الملموسة على الانتقال من جيل إلى جيل، بحسب ما أوضحت مديرة الثقافة والفنون والتراث في مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، خلود خلدون العطيات، خلال الجولة الإعلامية التي تم تنظيمها للمعرض صباح أمس.

خلود خلدون العطيات: 

المعرض يعرف الأجيال الحالية والمقيمين وزوّار الدولة بأصالة تراثنا وحضارتنا الممتدة.


لؤلؤ

خصص المعرض قسماً خاصاً للؤلؤ الذي برع أهل الإمارات في استخراجه، وتزين القسم صورة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مزينة بحبات اللؤلؤ.


«المندوس»

يعرض الدكتور أحمد خوري نماذج مختلفة لـ«المندوس»، وهو صندوق خشبي كانت تضع فيه العروس حاجاتها الخاصة من ملابس وحلي ومرشات للعطور وغيرها، وكانت الصناديق تصنع من خشب الساج الذي كان يتم إحضاره من الهند.

وأفاد خوري بأن أقدم مندوس يرجع لما يقرب من 140 عاماً، كما يضم محتويات قديمة منها «بادلة» تعود إلى 60 عاماً مضت، وشيلة قديمة مزينة بقطع من الفضة.


• 10 سيوف و12 بندقية و30 خنجراً ضمن مجموعة الأسلحة التي يعرضها الدكتور خوري، الذي ذكر أن أقدم الأسلحة المعروضة خنجر يعود إلى العصر الأموي وتحديداً القرن الـ11 الميلادي.

ورأت خلود أن أهمية المعرض «تكمن في تسليطه الضوء على العناصر الأساسية في جماليات التراث والهوية الإماراتية، وتقديمها للجمهور الأوسع لتعريف الأجيال الحالية والمقيمين وزوار الدولة بأصالة تراثنا وحضارتنا الممتدة». وذكرت أن المعرض يضم مقتنيات من أدوات الزينة الملموسة، وتتضمن منسوجات، ومشغولات وأدوات من وحي التراث، من بينها البرقع والمجوهرات والأسلحة، والإكسسوارات. بالإضافة إلى أدوات زينة غير ملموسة، مثل الحناء والكحل والعطور ومواد التجميل، وكذلك جهاز العروس، والعناية بالأظافر والشعر وما يصاحبها من مناسبات مجتمعية.

رجال ونساء

من أبرز ما يضمه المعرض مجموعة مقتنيات الدكتور أحمد خوري، التي تتضمن بحسب ما أوضح، مجموعة متنوعة من الأسلحة الأثرية والنادرة التي كانت تعد زينة الرجال في المنطقة عبر التاريخ، بالإضافة إلى مجموعة من المجوهرات والحلي الذهبية والفضية التي تعكس زينة المرأة قديماً، إلى جانب المندوس الذي كانت توضع فيه ملابس العروس وأدوات الزينة وكان يتواجد في كل بيت قديماً. وذكر خوري أن مجموعة الأسلحة تضم 10 سيوف و12 بندقية و30 خنجراً، مشيراً إلى أن أقدم الأسلحة المعروضة خنجر يعود إلى العصر الأموي وتحديداً القرن الـ11 الميلادي، وتنقسم الخناجر إلى خناجر بدوية كان يستخدمها أهل الصحراء وتتسم بصلابة النصل وحدته لأنها كانت تستخدم في ذبح الإبل والحيوانات، مع ندرة استخدام الفضة في تزيينها، وكان المقبض يصنع من عظام الخرتيت، أيضاً هناك خناجر شبة بدوية وكانت يستخدمها سكان المدن وتتميز بزينتها المصنوعة من الفضة إلى جانب صلابة النصل، ويرجع بعض المعروض منها إلى 120 سنة تقريباً، أما القسم الثالث فيضم مجموعة من الخناجر الساحلية أو الشمالية، وهي إماراتية أصيلة، وهي تشبه في الشكل الخنجر شبه البدوي مع شغل أكثر في الوسط مصنوع من خيوط الذهب والفضة، لافتاً إلى أن أغلبية هذا النوع من الخناجر يتم تزيينه بثلاث أو أربع حلقات من الفضة، لكن القطع التي يعرضها مزينة بسبع حلقات، وتعد من أندر الخناجر الموجودة من هذا النوع.

أمّا البنادق فيعود أقدم المجموعة المعروضة لأواخر القرن الـ 18 وتعرف باسم «أبوفتيلة»، وكذلك بندقية من طراز عرفه أهل المنطقة باسم مارتيني هنري، وتعود للقرن الـ19 وهي بطلقة واحدة، وكان يفضل الإماراتيون استخدامها ويزينونها بالفضة، كما تضمن المجموعة المعروضة أربعة أنواع من البنادق هي إم كي 1 و2 و3 و4 والأخيرة كانت تستخدم لأغراض التدريب. بالإضافة إلى حزام للبارود ويعد من القطع النادرة حيث يرجع إلى 200 سنة وهو مصنوع محلياً.

حلي ومشغولات

أما الجانب الخاص بزينة المرأة الإماراتية، فضم مجموعة من الحلي والمشغولات الذهبية والفضية من مقتنيات الدكتور أحمد خوري يرجع تاريخ بعضها إلى 120 عاماً، من بينها قطعة نادرة من الذهب المرصع بالفيروز كانت تستخدم لتثبيت الشيلة على الرأس، وقلادة من الذهب على شكل أسماك. كما عرض مجسم لمرأة وتم تزيينه بنماذج أثرية للحلي التي كانت تستخدمها المرأة قديماً في الإمارات، بداية من زينة الرأس وحتى خواتم أصابع القدم مروراً بالقلادة وأساور مختلفة الأحجام والأشكال وخواتم اليد والخلخال وكلها مصنوعة من الفضة في الإمارات، حيث كانت تصنع في العين ورأس الخيمة والشارقة.

أيضاً ضم جانب زينة المرأة، بالإضافة إلى مقتنيات د.أحمد خوري، مشغولات ذهبية تعود ملكيتها لعائلات طالبات في جامعة زايد، صاحبتها رسوم توضيحية لكل قطعة.

ولا تقتصر معروضات «لئلا ننسى - زينة إماراتية: ملموسة وغير ملموسة»، على المقتنيات القديمة والنادرة، فهناك أعمال حديثة من بينها فيلم للباحث محمد الجنيبي يتحدث فيه عن الأسلحة القديمة التي كان يستخدمها أهل الإمارات من خلال قصة الخنجر الذي كان يملكه جده وأعطاه له. كما قدم الجنيبي إسهامات أخرى في المعرض منها عرض قطع من مجوهرات وحلي والدته وجدته ضمن الكتاب الصادر عن المعرض، وعناصر أخرى من عناصر الزينة مثل الطربوش والعصا وغيرهما، مع تقديم معلومات جديدة عن كل قطعة تعبر عن استخداماتها الحقيقية لدى أهل المنطقة.

الزينة غير الملموسة حضرت في المعرض أيضاً من خلال أفلام تتحدث عن عناصر هذه الزينة، مثل المحلب الذي كان يزين به شعر العروس، والكحل وكيفية استخراجه ومعلومات عنه، والعطور والتركيبات التي استلهمتها الطالبات من وصفات الجدات، كما خصصت حجرة للحناء تعرض فيلماً عن صناعة الحناء وفوائدها مع عمل فني يتيح للزوار تجربة شكل الحناء على أيديهم باستخدام إضاءة معينة. كما تضمن المعرض عملاً يضم 50 برقعاً تقليدياً لـ50 سيدة مع عرض قصة كل واحدة منهن، وعملاً آخر مصنوعاً من الخيوط للطالبة عائشة حاضر.

من جانبها، ذكرت المدير الفني لمعرض «لئلا ننسى» الدكتورة ميشيل بامبلينج، أن الزينة جزء أصيل من ثقافات الشعوب منذ فجر التاريخ، وتعتبر الزينة على اختلاف أنواعها، دليلاً على تقدير الإنسان منذ الأزل لفكرة الجمال وعلاقتها بالتزين والظهور بأحسن صورة. وهناك الكثير من الأسباب والممارسات المجتمعية المتعلقة بفكرة التزين، التي تتنوع ثقافياً على المستويين المجتمعي أو الشخصي. ولهذا يقدم المعرض لزواره فرصة فريدة من نوعها لاستكشاف أعماق جماليات الهوية الإماراتية وملامحها الأصيلة، من خلال تلك الأدوات التي أسهمت في تكوين الشخصية الإماراتية على مر التاريخ.

تويتر