«الطفل العنكبوت» يحمل غزة إلى «غينيس»

عمره يساوي عدد سنوات الحصار على غزة، لم يعرف معنى الحرية يوماً، إلا أنه وبإصراره استطاع أن يطير خارج السجن الكبير، ليقتحم موسوعة غينيس العالمية من إبرة الأزمات الضيقة، محققاً إنجازاً هو الأول من نوعه بالنسبة لسكان القطاع. الطفل محمد الشيخ (13 عاماً)، من قطاع غزة، لاعب «رياضة الليونة»، أو ما يعرف بفن الأكروبات الصيني، حطم رقماً قياسياً جديداً في هذه الرياضة، وكان الالتفاف المحوري حول الجسم هي الحركة التي فاق بها نظراءه حول العالم، إذ تمكن من لفّ جسمه 360 درجة تجاه عقارب الساعة مع تثبيت الصدر على الأرض، بعدد وصل إلى 38 لفة خلال دقيقة واحدة، ليدخل بها موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية.

وبهذا الإنجاز تخطّى الطفل الشيخ الملقب بـ«العنكبوت الخارق» الرقم الذي حققته متسابقة بريطانية في نهاية يناير الماضي، وتجاوزها بليونة مذهلة، فهي تمكنت من لفّ 29 لفة فقط في الدقيقة الواحدة.

وأشرفت لجنة تحكيم من المؤسسة العالمية «غينيس» على المسابقة التي فاز بها الطفل الغزي، الخميس الماضي، إذ عاينت ليونة جسده عن قرب، ومنحته اللقب العالمي، بعد تقدمه بتسع دورات عن الرقم القياسي السابق.

«الإمارات اليوم» التقت الطفل محمد الشيخ، حيث أعرب عن سعادته البالغة عقب إنجازه التاريخي الذي حققه، ودخوله موسوعة «غينيس»، مضيفاً أن الإنجاز الذي حققه «لا يقتصر على نفسي فحسب، بل هو إنجاز لكل فلسطيني موهوب يحاول إظهار قدراته للعالم». من جهته، يوضح مدرب الطفل الموهوب، محمد لبد، أن إنجاز «الطفل العنكبوت» رسالة لكل العالم بأن فلسطين مليئة بالمواهب القوية، التي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها وإبرازها. ويقول لبد: «تدريب (محمد) استغرق أشهراً عدة، إضافة إلى موهبته الكبيرة من أجل تحطيم الرقم القياسي بفارق كبير عن الرقم السابق». ويشير إلى أن إنجاز الشيخ يعد دعوة لجميع المؤسسات المحلية والعالمية لرعاية المواهب الفلسطينية وتطويرها، لافتاً إلى أن غزة تضم آلاف المواهب المدفونة، التي تحتاج إلى الصقل والرعاية والتطوير لمنافسة المواهب العالمية.

ويسعى مدرب الطفل الموهوب، خلال الفترة المقبلة بعد تحطيم الرقم القياسي، إلى تقديمه في العديد من برامج المواهب العالمية، والعمل على التواصل مع المؤسسات الدولية لدعم هذه الموهبة الفريدة، وغيرها من المواهب الفلسطينية. من جانبه، قال رئيس البعثة الفلسطينية لرياضة الليونة، ياسر العالم: «إن الطفل (محمد) أول فلسطيني يحوز اللقب في(غينيس) أمام مُحكِّم دولي، بعد أن استغرق الأمر عاماً كاملاً للخروج من غزة إلى عمان، حيث جرت المسابقة». ويوضح أن الرقم القياسي «هو إنجاز فلسطيني بامتياز، فما يميّزه أنه جاء بعد عمل دؤوب وطموح شخصي لـ(محمد) بمساعدة من كل من ساندوه». ويضيف العالم «قبل صعود (محمد) إلى مسرح المسابقة، سألته ما إذا كان قادراً على كسر الرقم القياسي السابق، وأخبرني أمام لجنة التحكيم (أكيد بنسبة 1000%)، وهذا يدل على أنه طفل واثق بقدراته، وهو نموذج مصغر عن الروح الفلسطينية، التي لا تعرف سوى الإصرار والانتصار».

الطريق إلى العالمية

الطفل محمد الشيخ جاب المنطقة العربية، خلال السنوات الماضية، بعد مشاركته في برنامج المواهب العربية «Arabs Got Talent» في عام 2015، وحصل خلاله على 14 مليون صوت، لكن العالمية كانت الحلم الأكبر الذي يراوده، فاستنفد كل الطرق الممكنة، ليخرج من غزة، ليدنو من الحلم، بعد قبوله في تحدّي الموسوعة.

وقضى الطفل (محمد) عاماً كاملاً وهو يحاول السفر إلى الأردن، بفعل إغلاق معابر القطاع من قبل الاحتلال، وبعد عناء طويل وصل إلى عمان، من أجل عرض موهبته أمام لجنة تحكيم تضم مشرفين من موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية العالمية، ليحطم الطفل الغزي الموهوب الرقم القياسي في أكبر عدد دورات حول الجسم بوضعية الصدر على الأرض.

وأثناء انتظار الطفل الموهوب الموافقة على سفره، استعد بكل ما يمتلك من قدرات، خلال العام المنصرم، فكان يتدرب تدريبات شاقة ومكثفة، تمتد إلى أكثر من سبع ساعات يومياً، فيما اعتمدت غالبية التمارين على التنفس، وسرعة القدمين، والحركة السريعة، وذلك بحسب مدربه الخاص.

ويقول الطفل الموهوب: «الحصار تسبّب لي في مشكلة كبيرة واجهتني خلال محاولتي الخروج من غزة لتحقيق حلمي، ورغم ذلك لم أيأس، وكان طموحي أكبر دافع لتحقيق النجاح، فسلكتُ كل الطرق من أجل الوصول إلى العالمية».

وتمنّى (محمد) أن يُرفع الحصار عن غزة؛ ليتمكن كل الأطفال الموهوبين في القطاع من المشاركة في المسابقات الدولية، مهدياً إنجازه لكل الشعب الفلسطيني، ولأهالي قطاع غزة، ولأسرته ووالدته.

الأكثر مشاركة