«الغرفة: حرية الطبخ».. أحلام قابلة للأكل
تحت عنوان «الغرفة: حرية الطبخ»، قدمت مجموعة «أطفال أحداث»، التي تتألف من رائد ياسين، وفارتان أفاكيان، وحاتم إمام، تجربة حسية وتفاعلية مستوحاة من كتاب سلفادور دالي «عشاء الحفلات» في «آرت دبي» في «مينا السلام». تقدم المجموعة الآتية من بيروت العديد من الأطباق والطعام، وإنما وفق تجربة فنية تتخطى المواد الأولية للطعام، وكذلك وسائط الفن، لتجعل ما يقدم تجربة تعبر عن الأحلام القابلة للأكل، بل تجربة قادرة على التلاعب بالبديهيات والتوقعات.
الغرفة التي قدمتها المجموعة تنقسم إلى قسمين، يشتمل القسم الأول على مجموعة من المنحوتات التي كانت كلها مستوحاة من الطعام ومكوناته وأدواته، وإنما أتت بشكل سوريالي بحت، فوضعوا في خزائن موزعة في الغرفة مجموعة المنحوتات التي استوحي الكثير منها من صدف البحر، وهي المادة التي كان دالي شغوفاً بها، إلى جانب البيض والدجاج، فيما كان عزف البيانو الأوتوماتيكي يضفي جواً من الحلم على الغرفة الخافتة الإضاءة. أما تجربة الطعام، التي يمكن وصفها بكونها ليست للباحثين عن مذاقات جديدة ومتميزة، وإنما لاستكشاف الجمع بين الفن والأكل، فكانت في غرفة وضعت كل تفاصيلها من ستائر ومفارش باللون الأحمر، ليتدلى من سقف الغرفة ريش الطاووس، يتوسطه بيضة من الذهب، والتي تعيدنا من جديد إلى الفنان سلفادور دالي.
أما الطعام الذي قدم خلال حفل العشاء، فشمل مجموعة كبيرة من المكونات الغريبة التي امتزجت في الشكل لتكسر المألوف، كاجتماع السمك مع أقدام الطير في طبق واحد، أو لحم البط مع أجزاء من سلطعون البحر. كما ترافقت تجربة الطعام مع فيديو مصور امتد زمنه طوال فترة تقديم الأطباق التي تتجاوز الساعتين، ويبرز الفيديو من خلال المتحدث معالم الأطباق والمكونات بشكل سوريالي.
وقال فارتان أفاكيان لـ«الإمارات اليوم»، إن «الفكرة الأولى تبلورت من خلال حبنا للطبخ، وعملنا في الأكل والمواد التي يمكننا أن نستهلكها، بحيث أننا نعمل على أعمال فنية يمكن أن تدخل ضمن الجهاز الهضمي». ولفت إلى أنهم حصلوا على نسخة نادرة من كتاب دالي «حفلات العشاء»، وعملوا على اهتمام دالي والسوريالية، والاهتمام ببعض المنتوجات التي تستخدم بالطعام، والعشاء والمآدب والرسومات التي كان يستوحي منها الأكلات أو العكس. وشدد على أن الكتاب يحتوي على 100 وصفة، لكنهم قدموا 12 طبقاً كلها مستوحاة من عمل دالي، لكنها ليست منسوخة عن أعماله.
وحول الارتباط بين الفن والطعام، أكد أفاكيان أن مواد العمل الفني منذ نهاية القرن الـ19 ومع بداية القرن الـ20 تخطت الشكل التقليدي، ومنذ الثلاثينات هناك تجارب على أعمال مقدمة من غاز، أو سوائل، أو في الطبيعة، ويتغير شكلها، لذا فأي مادة يمكنها أن تكون وسيطاً فنياً، فكل المواد الصلبة والطبيعية والسائلة والغازات والطاقات، وكذلك الأكل، يمكن أن تستخدم كوسيط فني. ولفت إلى أن النحت أتى ترجمة للأكل، مشدداً على أن الوسائط التي استخدمت في الأعمال النحتية الخمس التي قدمت أتت على مستوى عال من التصرف للوحات أو مشاهد من السوريالية، فاستخدمنا ما هو معاصر. أما التحديات التي تواجه العمل، فقد وجدها أفاكيان في كونها ليست تحديات بالمعنى الحقيقي، لأنه كفنان يدرك أن من الأسهل بالنسبة إليه أن يعمل في مجال الفن، ومهما واجه أثناء العمل سيتمكن من تخطيه، بحكم تمكنه من أدواته.
ولفت الفنان حاتم إمام إلى أن «أطفال أحداث» مجموعة تهتم كثيراً بالطعام بالمعاني الثقافية والسياسية التي ترتبط بالطعام، لذا تمت العودة إلى الفترة السوريالية، من خلال أسئلة تجعلهم يفكرون حول تقديم السوريالية بأسلوب معاصر جداً. وشدد على أن العمل الأساسي يتلاعب بالتوقعات، ويخرج الأفكار من إطارها الواقعي والحقيقي، موضحاً أن تحديد قائمة الطعام تم من خلال ابتكار أكلات تم وضعها وتم ابتكار أسماء لها، بحيث أن الاسم الخاص بالطبق يصبح هو القصة أكثر من الطبق نفسه، ولهذا تم وضع مجموعة كبيرة من الأطباق، وتم إرسالها إلى الطهاة في الفندق، وتمت الموافقة عليها. أما التصميم الخاص بالغرفة، فقد تم العمل فيه مع المصمم أنطوان معلوف، وقد تم وضع البيضة وسط كل الريش، كونها توجد كثيرا في أعمال دالي، وترمز إلى الخصوبة واستمرارية الحياة. ونوه بأن كتابة القائمة حملت جوانب بصرية، ففيها الكثير من التفاصيل حول كيفية تركيب الطبق بشكل مفاهيمي. ورأى أن رواد الغرفة هم المهتمون بالأطباق وتجاربها المختلفة، وكذلك المهتمون بالفن الذين سيجذبهم النحت. وشدد على أنهم يعتمدون العمل بشكل يقوم على التعاون، مع التأكيد على الخبرة الكبيرة التي يحملها كل منهم في مجال معين. ورأى إمام أن «آرت دبي» فرصة لتجربة الأعمال الفنية التي تحتمل هذا النوع من العمل، لأن أعمالاً كهذه لا تقدم بشكل اعتيادي أو في صالة.