عروض شيقة وإقبال لافت في أيام الشارقة التراثية
تتنوع الأعمال والفعاليات التي يستضيفها مسرح أيام الشارقة التراثية، بين فنون وأهازيج شعبية، وموسيقى وفلكلور وحكايات يرويها الحكواتي، وأمسيات شعرية، وعروض مسرحية مثل «شخصية من زجاج» التي عرضتها ناشئة الشارقة أول من أمس، وبائع الحكايات للأطفال، ومسرح العرائس الروسي، وغيرها الكثير الذي يطرب له الجمهور، بحيث تكون أعداد الواقفين أكثر من أولئك الجالسين على الكراسي، ما يؤشر إلى حجم الإقبال على المسرح، وعبّر عدد من زوار المهرجان عن مدى عشقهم لمسرح الأيام، ومتابعة كل ما يعرض في ظل تفاعل لافت ومطالبات بالمزيد، حيث يشهد مسرح الأيام الواقع على مدخل ساحة أيام الشارقة التراثية إقبالاً كبيراً من قبل الباحثين عن الفلكلور العالمي والعروض التي تقدمها فرق عالمية وعربية ومحلية، وكذلك هي الحال في ساحة الأيام، التي تشهد يومياً عروضاً فنية ورقصات شعبية وفلكلورية تؤديها فرق محلية وعربية وعالمية عدة، فهذه العروض تنقل الزائر إلى ماضٍ جميل من خلال ما تقدمه من عروض ولوحات فنية عميقة، وما تتضمنه من عراقة وأصالة يعشقها الجميع ويبحث عنها، فيجد ضالته في ساحة الأيام، حيث العروض المتنوعة.
المقهى الثقافي استضاف المقهى الثقافي في البيت الغربي محاضرة للكاتب والمذيع والمخرج المسرحي، جمال مطر، تحت عنوان «البرامج التراثية ودورها في تعزيز الهوية الوطنية»، تحدث فيها عن التراث الإماراتي والعربي بشكل عام، الذي تدور حوله تساؤلات كثيرة تحتاج إلى إجابات متعددة، حيث يوجد الكثير من البرامج التي يتم تقديمها عن التراث للتعريف به في كل دولة، ولكن الدول مازالت تحتاج إلى برامج تراثية يومية تشرح للأجيال الحالية ما الذي كان يدور في السابق، لافتاً إلى أن الشارقة أصبحت محط أنظار العالم العربي والخليجي في مجال التراث الآن. مدينة المدام بدءاً من أول من أمس، فتحت القرية التراثية في مدينة المدام أبوابها لتعلن عن افتتاح أيام الشارقة التراثية هناك، واشتملت قرية التراث في المدام على مجموعة متنوعة ومميزة من الأنشطة والأجنحة التراثية، وتضمن حفل الافتتاح العديد من الفقرات الشعرية، والمسابقات التراثية والعلمية، فضلاً عن العروض التراثية الخاصة بالموروث الشعبي، التي عبرت عن ماضي الإمارات العريق، والحرف اليدوية، والركن المخصص لها، الذي احتوى على العديد من الألعاب والمسابقات الترفيهية |
ويُعد مسرح الأيام أحد المواقع والأركان المهمة والجاذبة في أيام الشارقة التراثية، فالفرق المحلية والعربية والأجنبية أدت وتؤدي عروضاً شيقة، مثل زفة الحنة والفنون البحرية، والنهمات البحرية، والعيالة، والدان، وغيرها من الفنون الشعبية الجذابة في ظل مشاركة متميزة من الفرق المحلية، خصوصاً في ساحة الأيام، حيث تؤدي يومياً عروضاً في الفنون والرقصات الشعبية، وغيرها من الفنون الشعبية الجميلة التي جذبت الزوار وعشاق التراث والأصالة من المواطنين والمقيمين، وتتوزع هذه اللوحات الفنية الجميلة على مدخل ووسط السوق وبداية الساحة وساحة سوق العرصة، تقدم مختلف الفنون الشعبية، كفن الأنديما والعيالة والدان وزفة الحنا، وغيرها.
متحف فاطمة المغني
في جديد أيام الشارقة التراثية، هذا العام، أنشطة أكاديمية تتضمن ندوات ومحاضرات يقدمها مختصون وباحثون، ومن ضمن الأنشطة الأكاديمية التي ينظمها معهد الشارقة للتراث، ندوة لدبلوم إدارة التراث الثقافي، تحدثت فيها الباحثة الإماراتية فاطمة المغني، بعنوان العادات والتقاليد في المجتمع الإماراتي. والمغني حاصلة على درجة الماجستير في علم النفس، أنجزت العديد من الأبحاث والدراسات، مثل تدوين التراث الإماراتي، وخطوات التدوين للتراث.
وقالت لـ «الإمارات اليوم»، لدي متحف شخصي لمقتنيات تراثية عديدة، ودرست الدبلومات المهنية كي أعرف وكي أصون وأحافظ على المقتنيات التراثية التي في متحفي، وأحميها من التلف، وأعمل على تنظيمها وترتيبها وترقيمها، وكل ما يساعد في حفظها، مشيرة إلى أن كل قطعة في المتحف عبارة عن مجموعة من الحكايات والقصص، دموع وفرح وألم وأمل وذكريات.
وروت المغني بأن أول ما اقتنته في متحفها التراثي في بيتها هو بندقية جدها، «فقد حمّلني جدي أول أمانة عندما سلمني بندقيته وغادر الدنيا بعد ذلك بساعات، وشكلت تلك البندقية الأمانة، أول محطة لي بخصوص الحفاظ على التراث، وكانت المدخل من أجل الحفاظ على المقتنيات التراثية».
وأضافت: «في المتحف الشخصي في بيتي مقتنيات عديدة، جمعتها على مدار سنوات في خورفكان، وقسم منها حصلت عليه كهدايا من قبل أشخاص عرفوا شيئاً ما عن متحفي وعن دوري في اقتناء عناصر وأدوات من التراث، ولفتت إلى أن كل مقتنيات أسرتي الممتدة جمعتها في متحفي، وحصلت عليها من ذلك البيت الكبير لأسرتنا الذي كان يعيش فيه أكثر من 60 فرداً، وتابعت: نحن 22 أخاً وأختاً، زوجة الأب كانت تماماً كما الأم».
وعبرت المغني عن فرحتها وسعادتها عندما تم إبلاغها بأن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وجّه بتخصيص متحف لمقتنياتها في منطقة التراث في خورفكان، وسيرى النور قريباً، وبالتالي سيتم نقل المتحف إلى هناك.
وقالت: «والدي كان أول مُدرس مواطن في المنطقة، علمنا الكثير، وكان دائماً يردد على مسامعنا كلمة أساسية هي المستقبل، وجدي كان شخصية اجتماعية مرموقة ومعروفة، وكان بمثابة قاضٍ، بمعنى أنه كان له دور كبير في حل الخلافات والنزاعات بين السكان، وعندما حصلت على بندقية جدي (عبيد بن زايد المغني) كنت بعمر 13 سنة تقريباً، وذلك في عام 1972، وأهداني جدي معها زجاجة عطر صغيرة. جدي كان مدرسة بالنسبة لي ولكثيرين من سكان المنطقة، ولقد عشت حياتي كلها في التراث بكل تفاصيله ولحظاته الجميلة، عشت في كنف جدي وجدتي بسبب كثرة حل وترحال والدي وسفر أسرتي الكثير، وتعلمت منهما الكثير». وتابعت: «عملت في الدولة أكثر من 32 عاماً، من عام 1979، حتى عام 2011، حيث تقاعدت من العمل العام، واستطعت طوال تلك الفترة تحقيق النجاح في التوازن بين العمل والبيت ورعاية الأبناء ومواصلة الاهتمام بالتراث».
وتحدثت المغني في محاضرتها عن العادات والتقاليد التي كانت سائدة في المنطقة، ومختلف تفاصيل الحياة الاجتماعية في خورفكان، ففي مرحلة انتقالية ما من حركة المجتمع وعندما بدأت النهضة العمرانية الجديدة وأخذ السكان ينتقلون من بيوتهم الشعبية القديمة، إلى البيوت السكنية الحديثة، ترك الأهالي تلك المقتنيات القديمة، لكنني كنت أحرص على جمعها والاحتفاظ بها، خصوصاً من بيت أهلي، ومن هناك بدأت جميع المقتنيات وبقيت على هذه الحال، وبيتي اليوم مقسم إلى قسمين، قسم لنا كعائلة، وقسم للمتحف الشخصي، الذي أستقبل فيه الزوار والأهالي ليطلعوا على مقتنياته».
وقالت: «أحافظ على المتحف ومقتنياته كأنه أحد أبنائي، وبعد دراسة التراث المهني، عرفت حجم الخطر الذي يهدد مقتنيات هكذه، وها أنا اليوم بفضل توجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة سيكون لي متحف في منطقة التراث في خورفكان، وسيخضع بالتأكيد لكل ما يسهم في ديمومته وتطويره وصونه والحفاظ عليه».