ابتكرها طالبان في المرحلة الثانوية للتخفيف عن ذوي الإعاقات البصرية
قوائم طعام بلغة «برايل» للمكفوفين في مطاعم غزة
داخل مطعم قرطبة، غرب مدينة غزة، كان يجلس الشاب الكفيف بدر عبدالقادر، وأصابعه تلامس قائمة طعام معدة بطريقة برايل، ليختار وجبة غذاء مناسبة بسهولة دون مساعدة من أحد.
الانخراط في المجتمع يقول مشرف المشروعات في مؤسسة النيزك للتدريب والتعليم الإبداعي، باسل المدهون، لـ«الإمارات اليوم»: «إننا في المؤسسة نسعى إلى خدمة المجتمع، من خلال دعم المشروعات التي يقدمها الطلبة، فمشروع (احنا معكم) من المشروعات المثالية التي قدمت هذا العام، حيث وفرنا للطالبين كل الإمكانات التي أنجحت مشروعهما، إضافة إلى عقد دورة تدريبية خاصة لتعليمهم لغة برايل». ويضيف أن «مشروع قوائم الطعام المعتمدة على لغة برايل أثبت نجاحه وتميزه، كونه يهدف إلى دمج المكفوفين بالمجتمع، وتحقيق مبدأ الاستقلالية والتفاعل مع الآخرين بكل سهولة ويسر، إضافة إلى مساهمته في التخفيف من معاناة أصحاب الإعاقات البصرية». وتتكون لغة برايل، بحسب المدهون، من ست نقاط أساسية، حيث تعتمد على تحويل أي مادة مكتوبة، مثل: الحروف والأرقام والنوتات الموسيقية، إلى أحرف ذات نتوءات بارزة، ليتمكن الأفراد المكفوفون من قراءتها. |
وبعد انتهاء عبدالقادر من تناول وجبة الغذاء التي أحضرها له النادل بعد إعدادها، بدا أكثر ارتياحاً، لتمكنه من اختيار الطعام المفضل له للمرة الأولى دون التعرض للإحراج مع النادل، وبذلك تنتهي معاناته الطويلة، لاسيما أنه موظف، ويتردد على المطاعم لتناول الطعام، بفعل ضيق وقته.
شعور الارتياح الذي وجده عبدالقادر داخل مطعم قرطبة، بفعل سهولة اختيار الطعام المفضل له، بات يشهده الأشخاص المكفوفون في أكثر من سبعة مطاعم شهيرة وكبيرة في غزة، التي أضافت قوائم طعام خاصة مطبوعة بلغة برايل.
إدخال لغة برايل إلى قوائم الطعام في مطاعم غزة هو مشروع خاص، أعده طالبان في مرحلة الثانوية باسم «إحنا معكم»، لدمج المكفوفين في المجتمع، ومساعدتهم على اختيار وجباتهم المفضلة بأنفسهم، دون الاعتماد على أي شخص آخر.
وتعتمد قوائم الطعام الخاصة على لغة برايل، التي تعد لغة عالمية خاصة، يستخدمها المكفوفون للقراءة بتمرير أصابعهم على حروف مكتوبة بنتوءات بارزة.
ويقول الشاب عبدالقادر المصاب بضمور في العصب البصري منذ أن كان طفلاً «الآن أصبحت أشعر بحرية الاختيار لكل ما أريد تناوله، فهذه القوائم خطوة على الطريق الصحيح لتحقيق العدالة للأشخاص المكفوفين».
ويضيف «لم تكن لدي استقلالية في الحصول على المعلومة، ومعرفة ما إذا كان السعر يوافق ميزانيتي أم لا، إضافة إلى عدم الارتياح عند التردد إلى المطاعم، وشعور الإحراج الذي أتعرض له عند سؤال النادل عن أنواع الطعام المتوافرة، وأسعارها».
فكرة مميزة
فكرة قوائم الطعام بلغة برايل، التي نجح الطالبان محمود أبوجياب وعمار الهليس في تطويرها إلى مشروع خاص بالأشخاص ذوي الإعاقات البصرية، جاءت بعد ترددهما على العديد من مطاعم غزة من زيارات ميدانية متكررة، وملاحظة قلة عدد المكفوفين الموجودين فيها، بفعل المعاناة التي يتعرضون لها.
ويقول الطالب عمار الهليس (17 عاماً) لـ«الإمارات اليوم»: «عندما شاركت أنا وزميلي عمار بالمخيم التدريبي، الذي أطلقته مؤسسة النيزك للتدريب والتعليم الإبداعي في مدينة غزة، اتفقنا على اختيار فكرة مميزة، تساعدنا على إطلاق مشروع يقدم خدمات متميزة لشرائح المجتمع».
ويضيف «من خلال بحثنا، وترددنا على المطاعم، لاحظنا أن المكفوفين يعانون أثناء اختيار وجبات الطعام بالمطاعم، فقررنا أن يكون مشروعنا خاصاً بهذه الفئة».
بعد اختيار محمود وعمار فكرتها الخاصة، تدربا على تحويل النصوص إلى لغة برايل، ليجمعا قوائم الطعام من سبعة مطاعم هي الأكبر والأشهر في مدينة غزة، فأضافا إليها النتوءات البارزة الخاصة باللغة العالمية، ومن ثم أعادا توزيعها داخل تلك المطاعم، وبعد ذلك بات بإمكان أصحاب الإعاقات البصرية التردد على المطاعم، واختيار وجباتهم بحرية وسهولة.
ويوضح الطالب محمود أبوجياب، الذي يدرس في الصف الحادي عشر بمدرسة الكرمل الثانوية، أن مشاركة المطاعم والمقاهي في هذا المشروع تساعد المكفوفين على الانخراط في المجتمع.
ولاقت الفكرة، بحسب أبوجياب، ترحيباً كبيراً من قبل المكفوفين، الذين عبّروا عن سعادتهم لوجود أشخاص يشعرون بهم، ويبتكرون أفكاراً تساعدهم على اجتياز معاناتهم، ودمجهم مع المجتمع بشكل طبيعي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news