سهرة وفاء في حضرة عبدالله المناعي
بعد أن تماثل الفنان المخضرم عبدالله المناعي للشفاء، جاء قرار مجموعة من الفنانين الإماراتيين لزيارته في منزله بمنطقة «الطلاع» بإمارة الشارقة، في زيارة تتخطى مفهومها التقليدي، لتبقى بمثابة جلسة مع المعلم والملهم، بالنسبة للعامري وسمبيج، ورفيق الدرب المخلص للخشبة بالنسبة لمحمد يوسف ومحمد فراشة.
أحد القامات المسرحية الكبرى التي نتشرف بأننا تتلمذنا على أيديها. محمد العامري سيرة عطاء بلا حدود ولايزال قادراً على إلهام من حوله بفنه وخبرته. محمد يوسف حضور المناعي كفنان معلم لا يضن بخبرته الواسعة على مختلف الأجيال. حميد سمبيج |
«الإمارت اليوم» عايشت التجربة، وحظيت باستقبال المناعي واحتفائه، في جلسة جاءت في جانب منها مسرحية بامتياز، حينما قام المناعي بعرض نسخة مصورة تلفزيونياً يحتفظ بها لمسرحية «مجرد دمى»، وهي آخر الأعمال التي قام بإخراجها، وعُرضت في أيام الشارقة المسرحية، عام 2009، في قاعة «المناعي» التي تحمل اسمه.
السهرة التي سادها دفء الأسرة، وعبق أحاديث الزمن الجميل، بدأت عقب صلاة التراويح، وامتدت إلى ما بعد منتصف الليل. «اهتمامكم بي غمرني سعادة»، هكذا قال المناعي لضيوفه، ملخصاً قيمة الوفاء حينما يصادف أهله، حيث جاءت تلك الكوكبة مهنئة له بانتهاء مرحلة مهمة من مراحل علاجه وتعافيه، ومغادرته المستشفى، وعودته إلى منزله، ليستمر في المرحلة المقبلة بمرحلة العلاج الطبيعي. ومدفوعاً بإصرار الفنان على استمرار العطاء، كشف المناعي خلال الجلسة عن إعداده لمشروع مسرحي جديد، سواء من حيث الشكل أو المضمون، يأتي بمثابة دمج لعملين مختلفين، باللغة العربية البيضاء، وهو العمل الذي من المنتظر أن يكون من إخراجه وإعداده بالكامل. وتطرق الأحاديث الودية بين المسرحيين إلى أحدث أعمال كل من العامري وسمبيج، والمشاركات الخارجية المختلفة للدولة، لاسيما من خلال مسرحية «النمرود»، التي تستعد للسفر للسويد خلال الفترة الواقعة بين العيدين، وهو الحديث الذي تحدث فيه بشكل مستفيض محمد العامري ومحمد يوسف. كما تناقش المناعي مع الفنان حمبيد سمبيج خصوصاً حول أحدث مسرحيات الأخير، وهي «سكوريال»، التي تستعد للعرض منتصف يوليو المقبل في القاهرة، بعد أن شاركت أخيراً في مهرجان المسرح الثنائي بالقاهرة. ووصف العامري الفنان عبدالله المناعي بالملهم له شخصياً ولكل أبناء جيله، مضيفاً: «هو من القامات المسرحية الكبرى، التي نتشرف بأننا تتلمذنا على أيديها، فعطاؤه للخشبة الإماراتية تحول إلى نبراس يضيء المعارف المسرحية لجيلي، وبصمته لاتزال حاضرة، ليس فقط في نتاجه المباشر، بل في مدرسة أرسى دعائمها، وأخلص لها من وعوها». واستدعى الفنان حميد سمبيج ذكريات تتلمذه على أيدي المناعي، مضيفاً: «إضافة إلى أنني كنت من المحظوظين الذين أتيح لهم الاستفادة المباشرة من خبرة المناعي، فإن دوره في المسرح المدرسي، حتى قبل أن يتبلور مفهوم المهرجانات المدرسية على النحو المعاصر، يكرس حضوره كفنان معلم لا يضن بخبرته الواسعة على مختلف الأجيال». وتابع: «حينما كانت مواهبنا المسرحية لاتزال غضة، كنا نعاصر دائماً ورشاً مسرحية يقيمها المناعي لطلبة المدارس، ومن يتخرج منها يكون بالطبع أكثر تميزاً من سواه، فهي إلى جانب كونها خلاصة خبرة، تبقى بمثابة دفعة معنوية هائلة، استفاد منها العديد من الفنانين المعروفين الآن على الساحة».
في ذات الإطار، قال الفنان محمد يوسف إن العلاقات الودية والأخوية القوية هي أبرز ما يميز الوسط المسرحي الإماراتي، مشيراً إلى أن هذه الروح واحدة من أكثر الأواصر التي جعلت قلبه معلقاً بالمسرح منذ البداية، دون أن ينفرد باهتمامه مجال النحت والتشكيل.
وأثنى يوسف على العطاء المسرحي المميز للمناعي، مضيفاً: «سيرة ذات زخم، وعطاء بلا حدود، لايزال قادراً على إلهام من حوله بفنه وخبرته الواسعة، والأهم من ذلك كل هذا الحب الذي يكنه له من حوله».