يجمع بين الوقائع التاريخية والقصص المشوّقة
«فات الفوت».. عن غرق «دارا» بعيداً عن التوثيق
يتابع المشاهدون يومياً أحداث مسلسل «فات الفوت»، الذي يُعرض حصرياً على قناة سما دبي، ويتناول العمل في سياق أحداثه المتنوّعة حادث غرق سفينة «دارا»، أو ما يُعرف بـ(تايتانيك الخليج)، الذي كان على متنه نحو 690 راكباً و132 من طاقم السفينة، في حين بلغ عدد الضحايا 238 شخصاً.
مع أن المسلسل يعالج مأساة إنسانية ويذكر بحقائق ووقائع تاريخية ثابتة، إلا أنه بعيد كلّ البُعد عن التوثيق، إذ يستعرض سلوكيات البشر خلال الحوادث، حيث يتولّى سرد الأحداث أحد أبطال العمل، المهندس عبود، الذي درس الهندسة في الهند وقرر العودة إلى دولة الإمارات، وكان أحد الناجين من حادث المركب الشهير. وهذا بالفعل ما أضفى إلى المسلسل طابعاً درامياً، إضافة إلى تجسيده للنماذج الكوميدية، ضمن مواقف وأحداث طريفة مرتبطة بالعادات والتقاليد. فقد نجح المخرج المبدع بطال سليمان في تجسيد نصّ خميس إسماعيل المطروشي وفق رؤية متجددة، مستعيناً بالمعالجة الاجتماعية للأحداث والنزعة الكوميدية المطعّمة بالعبارات والمفردات الشعبية المحببة.
حقبة الستينات لا يُعيد المسلسل توثيق الحدث فحسب، بل يُعيد إحياء حقبة الستينات التي عاصرته، وهذا ما لامس مشاعر المشاهدين بشكل أعمق. فقد تمكّن الكاتب من إغناء الأحداث التاريخية بمجموعة من القصص المشوّقة المرتبطة بغرق المركب فمزج بين الواقع والخيال، وذلك من خلال تشويش ذاكرة إحدى شخصيات المسلسل. وهذا ما سمح في الواقع بطرح الموضوع من زاوية مختلفة وبأسلوب متجدّد وغير تقليديّ، وزيادة عدد المتابعين الذين أحبوا الشخصيتين الرئيستين (عتيق) البخيل الذي يلعب دوره الفنان إبراهيم سالم وبوهلال (الأصم)، الذي يجسّد شخصيته الفنان جمال السميطي. وقد أضفت قصص الشخصيات الأخرى المتشعبة وأدائها المميز ثراءً وتنوّعاً في المحتوى الدرامي بعيداً عن الاكتفاء حصرياً بسرد الأحداث التاريخية. • 238 شخصاً عدد الضحايا في الحادث. • 1948 تم تصنيع السفينة، وتبلغ مساحتها 5000 قدم مربعة. |
رغم مرور خمسة عقود على غرق السفينة، بقيت تفاصيل هذا الحادث وقصص الناجين عالقة في الأذهان، إذ لاتزال من أبرز القصص التي تتناقلها الأجيال حتى يومنا هذا في الإمارات والخليج، حتى باتت مصدر وحي للعديد من الكتّاب والروائيين والصحافيين، الذين يجذبهم غموض وأسرار وقوع هذه الكارثة. فسفينة «دارا» التابعة لشركة «بريتش انديا سيستم نيفيجيش» تمّ صنعها بعد الحرب العالمية الثانية عام 1948 وتبلغ مساحتها 5000 قدم مربعة، ويمكن أن يصل عدد ركابها إلى 14511 راكباً ويبلغ عدد طاقمها 200 بحار بقيادة القبطان تشارلز أليسون. أبحرت سفينة «دارا» من ميناء البحرين، صباح السادس من أبريل عام 1961، متجهة إلى دبي في طريقها إلى كراتشي وبومباي عائدة من البصرة. وفيما اتجهت السفينة من دبي إلى كراتشي، هبت عاصفة أثناء الليل ووقع انفجار في أسفل السفينة، ما أدى إلى انشطارها وغرقها عند الساعة الثالثة فجراً.
وهناك من يروي أنّ السفينة رست في ميناء دبي في السابع من أبريل، فنزل منها بعض الركاب، لكنّها أرغمت على الإبحار مجدداً عند هبوب العاصفة، وكان قد صعد إلى متنها بعض الأهل والأقارب والباعة المتجوّلين، وعند الساعة الرابعة والنصف فجراً وقع انفجار قوي هزّ السفينة وركابها.
وفي سرده لأحداث تلك الليلة المشؤومة، أفاد بيتر جوردن، كبير موظفي السفينة، بأن «انفجاراً قوياً وقع عند الفجر في مطبخ السفينة قرب غرفة المحركات، وهذا ما أدى إلى انتشار النيران تدريجياً في كل أرجاء السفينة.
وارتفع عدد الضحايا بسبب تدافع الركاب نحو قوارب النجاة وصعّب عمليّات الإنقاذ، رغم وصول طائرات تابعة للسلاح الجوي البريطاني إلى مكان الحادث، نظراً لوجود قواعدها في البحرين وعدن، إضافة إلى سفن أخرى تابعة للنرويج واليابان وألمانيا وبريطانيا وأميركا. وغرقت السفينة تماماً في البحر في تمام الساعة التاسعة و20 دقيقة صباح 10 من أبريل. وقد أثّر هذ الحادث في حياة الناجين وأهالي الضحايا».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news