بدور الرقباني: محنة ابنتي «نور» سرّ نجاح «كلماتي»

رغبة الإماراتية بدور الرقباني الحثيثة في البحث عن وسيلة ناجعة لعلاج صمم ابنتها (نور)، كانت كفيلة بدفعها إلى التفكير في تأسيس مركز «كلماتي»، المتخصص في تعليم وتأهيل الأطفال المصابين بالصمم. واستطاعت الرقباني بلورة هذه الخطوة لتكون مشروع خدمة مجتمعية، إلى جانب عضويتها في قاموس الإشارة الإماراتي، ولجنة الأطفال الصم في جمعية الإمارات للصم، والمجلس الإماراتي لأصحاب الهمم، وعدد من المهام المجتمعية المصاحبة التي كرست بها «الأم» رؤيتها لدور المرأة في الحراك الاجتماعي في الدولة.

لم تُخف بدور الرقباني في حديثها لـ«الإمارات اليوم» معاناتها الطويلة بعد اكتشاف إصابة ابنتها بالصمم الكامل، وهي معاناة بدأت على إثرها الأم رحلة بحث مضنية عن العلاج، واكتشاف الطرق الكفيلة بشفاء ابنتها الصغيرة، إذ التحقت «الأم» بالعديد من الدورات التدريبية في الولايات المتحدة، كما اطلعت على العديد من البحوث والدراسات المتخصصة في المجال ذاته، لتكتشف أهمية إنشاء مركز يقدم النصح والاستشارة والتأهيل الحقيقي لهذه الفئة وذويهم، وكيفية تفاعلهم الأسري واحتوائهم لأطفالهم المرضى.

فخر وسعادة

بفرح تتحدث بدور عن أهم اللحظات الحاسمة في حياتها وهي لحظة تخرج الطفل في الدورات العلاجية التي يقدمها مركز «كلماتي»، وقدرة الصغير على الاعتماد على نفسه والتفاعل مع البيئة المحيطة به.

وتضيف: «أشعر اليوم بالفخر بمشروعي وبكل أعضاء فريقه المتكامل الذي أسهم في تطوير خدمات المركز، وساعد على إنجاح الفعاليات والخدمات الخاصة بلغة الإشارة، وسنبقى متشبثين بهدفنا الرئيس المتصل بتحسين خدماتنا دعماً لمبادرة أصحاب الهمم».

- « رزقني الله بعائلة متفهمة وأسرة متماسكة تنصت إلى احتياجات بعضها بعضاً، وأفخر بدعم والدي ووالدتي وزوجي وأهل زوجي المتواصل لي، ما جعلني قادرة على تذليل الصعاب وتجاوز مشقات تربية ورعاية ابنتي (نور) وتطوير مركز كلماتي».

- «لماذا لا نشجع الجميع على التواصل بلغة الإشارة لتكون لغة ثانية إلى جانب اللغات الأجنبية الأخرى التي تدرس في مدارسنا وجامعاتنا، فنحن نعيش في مجتمع أساسه التواصل والتعدد وقد تكون الإشارة واحدة منها، إضافة إلى مساهمتها في دمج فئة مهمة من المجتمع».

- «أتمنى من كل أمّ أن تهتم بتثقيف نفسها في هذا المجال، وأن تكون فاعلة وقادرة على اجتياز هذه المحنة، وألا تخجل من طلب المساعدة ».

وتضيف: «عندما افتتحت مركز كلماتي في 10 أكتوبر 2010 كان عمر ابنتي يناهز السنتين، وهو الوقت الفعلي الذي أمضيته منكبّة على البحث والدراسة، وحاولت فيه الالتحاق بعشرات الدورات المتخصصة في هذا الشأن الذي قادني إلى قناعة بضرورة تفعيل فكرة إنشاء مركز يسعى إلى تأهيل هذه الفئة من الأطفال، والسعي إلى محاولة دمجهم في المحيط الاجتماعي، عبر تجربة تعليمية تتناسب مع مؤهلاتهم النفسية وقدراتهم السمعية، خصوصاً احتياجاتهم التواصلية بغض النظر عن الأهداف الربحية والتجارية التي يمكن أن يدرّها المشروع الذي تم تأسيسه منذ البداية على أسس مجتمعية تهدف بالدرجة الأولى إلى تقديم التأهيل الصحيح للأطفال والأسر على حد سواء».

وتابعت بدور الرقباني: «لا أنكر أنني استفدت كثيراً من مجال دراستي بعد نيلي البكالوريوس بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى في كلية العمارة والتصميم بالجامعة الأميركية في الشارقة، بالإضافة إلى مختلف الدورات وورش العمل التي التحقت بها داخل الدولة وخارجها».

وأكدت أهمية دورات وورش عمل تعليم الصم الموجهة للأسرة والطفل عبر لغة الإشارة والتعليم التواصلي في مجال النطق، لافتة إلى سعيها الدائم للبحث عن المعلومة من منطلق مسؤوليتها تجاه ابنتها، وتجاه جميع الأطفال المنتمين إلى تلك الفئة، مضيفة: «أتمنى من كل أمّ أن تهتم بتثقيف نفسها في هذا المجال، وأن تكون فاعلة وقادرة على اجتياز هذه المحنة، وألا تخجل من طلب المساعدة والاستشارة للوصول إلى برّ الأمان، فنحن متواجدون لتذليل العقبات، وتقديم كل ما نستطيع تقديمه من نصح وإرشاد وتوجيه كفيل بأن يجعلنا نتجاوز إخفاقاتنا الماضية، ومجابهة يأسنا وشعورنا بالعجز».

تجربة البداية

وتعترف بدور بأن تجربة البداية لم تكن سهلة كما قد يتبادر إلى ذهن البعض، فبعد استشارة الأهل والإحاطة بكل جوانب مشروع المركز المتخصص ومختلف خطوات الحصول على التبرعات المادية من الأهل والأصدقاء، جاءت البداية مبشرة بعض الشيء بفضل ما قدمته خبرات الصديقات في مختلف تفاصيل المشروع الأولى، سواء في مجال تصميم شعار المركز ومختلف «البوسترات» الترويجية، وتصميم الموقع الإلكتروني، وتصاميم المركز الداخلية.

وتصف بدور الرقباني التجربة قائلة: «أشعر بالفرح بتطور خدمات المركز عاماً بعد عام، كما يحدوني الفخر برؤية أول مركز متخصص في مجال تقديم خدمة علاج النطق باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية ولغة الإشارة، وبات المشروع اليوم مركزاً علاجياً يستقطب الأطفال (أصحاب الهمم) في مجال السمع والمصابين بأمراض التوحد وتأخر النطق والتأتأة، وغيرها من المشكلات الأخرى».

إنجازات

تشعر بدور بالارتياح برؤية ما تحقق لمشروع أحلامها «كلماتي»، وتقول: «استطاع المركز تنظيم أول مؤتمر عالمي في الشرق الأوسط في مجال الصم وضعف السمع حمل عنوان (اسمع صوتي)، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة والمنظمة العالمية للصم، وبالتعاون مع مدينة دبي الطبية، بمشاركة أطباء ومتحدثين رسميين من عدد من الجامعات المرموقة».

وأضافت: «نفخر بمشاركة الفنان حسين الجسمي، سفير منظمة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة، الذي أسهم في دعم جهد أول حملة توعوية لتعليم لغة الإشارة في ثانية دورات المؤتمر العالمي».

إسهامات مجتمعية

تحرص بدور الرقباني على رعاية طفلتها، والاهتمام بخدمات مشروع «كلماتي» المتعددة، إذ لم يكونا عائقين أمام حسها المجتمعي، وحرصها على دعم الجهد الوطني في الدولة عبر مشاركاتها المتتالية في مختلف الأنشطة التي تنظم على المستوى المحلي، فقد انضمت أخيراً إلى عضوية المجلس الاستشاري لأصحاب الهمم، كما أنها عضو في قاموس الإشارة الإماراتي الذي تشكل بتنظيم من مؤسسة زايد للرعاية الخاصة كمشروع وطني إماراتي لتوثيق وتجميع مصطلحات الإشارة الإماراتية، لتكون مرجعاً تعليمياً معتمداً لنشر لغة الإشارة باللهجة الإماراتية.

 

الأكثر مشاركة