خفض أجور الفنانين يثير الجدل.. ويهدّد النجوم
ألقت الأزمات الاقتصادية المتكررة التي تعانيها مصر في الفترة الأخيرة، بظلالها على المجالات كافة، وكان تقليص الأجور ضمن الحلول التي تم تفعيلها لحل بعض الأزمات ومنها أزمات الدراما المصرية، التي يعانيها المنتجون، حيث يتكلف المسلسل ما يتعدى 100 مليون جنيه وأكثر في بعض الأحيان. بل في بعض الأحيان في مسلسلات النجوم الكبار، مثل عادل إمام ويحيى الفخراني وغادة عبدالرازق وتامر حسني قد يتكلف المسلسل أرقاماً فلكية.
- قنوات فضائية قررت عدم شراء أي عمل تتعدى قيمته 70 مليون جنيه. - بعض النجوم وصناع الدراما رأوا أن القرار «شديد الظلم»، ورفضوه. 100 مليون جنيه كلفة بعض المسلسلات المصرية. |
وقد عانى كثير من المنتجين من الأزمة الاقتصادية في ظل صعوبة التسويق لبعض المحطات بسبب ارتفاع أسعار المسلسلات، وتوقف تصوير الجزء الثاني منها، مثل مسلسل «الزيبق» لكريم عبدالعزيز وشريف منير، بسبب عدم تسويق العمل وبالتالي عدم امكانية الوفاء بالمبالغ التي سيتم إنفاقها عليه.
وحماية لصناعة الدراما في مصر أصدرت بعض القنوات الفضائية قراراً بعدم شراء أي مسلسل درامي تتعدى قيمته 70 مليون جنيه كحد أقصى، وألا يتعدى إجمالي قيمة المحتوى الذي تشتريه أي محطة تلفزيونية سواء برامج أو مسلسلات مبلغ 230 مليون جنيه بحد أقصى، ويشمل القرار المسلسلات والبرامج التي يتم تصويرها وإنتاجها في مصر، أو خارجها، وأن يكون الحد الأقصى للأجر الذي يحصل عليه الفنان أو الضيف من جميع المجالات في أي برنامج 250 ألف جنيه.
وبالطبع يرى البعض في هذا القرار الذي سببته الأزمة الاقتصادية حلاً أخيراً لإنقاذ صناعة الفن في مصر، خصوصاً أن بعض النجوم يغالون في أجورهم لدرجة قد تعصف بصناعة الدراما بأكملها، حيث يصل أجر عادل إمام وحده كما يتردد إلى 50 مليون جنيه، وتامر حسني 40 مليوناً، وكذلك محمد رمضان. ورغم إنكار النجوم لهذه الأجور، لكن المنتجين دائماً يؤكدون أن الأزمة الفعلية سببها أجور النجوم دون الإفصاح عن الأرقام الحقيقية، خوفاً من المساءلة القانونية، لأن بعض النجوم يشترطون السرية على كل المعلومات الواردة في عقودهم.
في جانب آخر، رأى بعض النجوم وصناع الدراما أن القرار «شديد الظلم»، ورفضوه رفضاً باتاً، ومنهم الفنان أمير كرارة الذي أصرَّ على عدم خفض أجره الذي تعاقد عليه في مسلسله الجديد «كلبش2»، مع المنتج تامر مرسي، والذي يُحضرانه لخوض السباق الرمضاني لعام 2018، وجاء ذلك بعد النجاح الساحق الذي حققه العام الماضي بالجزء الأول من المسلسل، حيث أكد كرارة أن القرار مطروح، ولكن الفنان له حق الاختيار في قبول العمل من عدمه.
الفنان طارق لطفي أيضاً رفض القرار، وأكد أن الفنانين غير ملزمين بتحديد أجورهم مطلقاً، مشيراً إلى أن هذه المحاولات تحاول هدم صناعة الفن في مصر، حيث قال: «مينفعش الفنان يتحدد أجره، والمحاولات لإلزام الفنان عند رقم محدد تعتبر بمثابة محاولة لهدم الصناعة»، ومن المقرر أن يقدم لطفي خلال السباق الرمضاني المقبل مسلسل «الثمن».
الفنانة حنان مطاوع ايضاً انضمت لقائمة الرافضين لهذا القرار بشكل حاسم، وقالت إنها ترفض الموضوع برمّته، ولا ترى فيه أي عوامل إيجابية قد تتحقق للفن، مؤكدة أن الإنتاج ليس محصوراً في أجر الفنان فقط، ولكن هناك عوامل اكثر أهمية يتم الانفاق عليها، ولا يمكن خضوعها لبند التقشف مثل التصوير الخارجي وأنواع الكاميرات والديكورات.
ورأت الفنانة لقاء الخميسي، أن ذلك القرار من الممكن أن يؤثر بالسلب في صناعة الدراما، مشيرة إلى أنه من الممكن أن يؤدي إلى اعتزال بعض الفنانين المهمين من أصحاب الأجور العالية.
في السياق، قالت الناقدة ماجدة خيرالله، إن «هذا القرار لن يستطيع حل مشكلة أجور النجوم الكبار، بل تم وضع حد أقصى للمسلسل انتاجياً دون التشديد على وضع حد أقصى لأجور النجوم الكبار، وهذا خطأ كبير لأن المنتج حتى يلتزم بالرقم المحدد وفي الوقت نفسه يسند العمل لنجم يليق به قد يضطر الى دفع أجر النجم وتقليل مستوى الإنفاق على حساب الديكور والتصوير والكاميرات والمجاميع، وبالتالي سيؤدي ذلك لانخفاض مستوى المسلسلات المقدمة للجمهور، وأحياناً قد تتم الاستعانة بممثلين أقل مستوى، وسيتم استبدال السفر لأماكن تصوير معينة خارج مصر بأماكن داخل مصر لخفض كلفة السفر، وبالتالي سيقل مستوى الأعمال ومستوى النجوم، كما أن عدد الأعمال أيضاً قد يقلّ بشكل ملحوظ».
من جهته، قال المنتج أحمد السبكي، إن «العمل الفني لا يمكن تحديده بميزانية معينة، حتى لو اتحدت القنوات معاً لتطبيق ذلك، لأن نجم العمل يحصل على نصف ميزانية المسلسل، ويجب إعادة النظر في هذا القرار لأنه ليس في صالح الفن والدراما أبداً».
وفي الوقت الذي رفض البعض هذا القرار تحمس البعض الآخر للقرار، ومن بينهم الفنان ياسر جلال، الذي رأى أن ذلك «القرار يمثل حماية للصناعة ويصب في النهاية لصالح المشاهد»، مشيراً إلى أنه كفنان لا ينظر إلى المال فقط، وتعاقد جلال أخيراً مع شركة فنون مصر لتقديم مسلسل «رحيم» بالموسم الرمضاني المقبل.
وأكد الفنان فتحي عبدالوهاب، أن «القرارات مدروسة بشكل كبير ومن الممكن أن تنهض بالصناعة الفنية»، وأيدت الفنانة وفاء عامر القرار، وقالت إنه «إيجابي جداً، وعلى الجميع مساندته من أجل إنقاذ الصناعة من الإفلاس في ظل الظروف الحالية، ولا يجب النظر الى الأموال بل الى البلد والصناعة بوجه عام».
وأعربت الفنانة بشرى عن سعادتها بهذا القرار، مؤكدة أنها «كانت ضمن المؤيدين لتحديد أجور الفنانين»، مشيرة إلى أن «ذلك سيؤدي إلى نجاح الصناعة وغزارة المسلسلات».